قاربت الاحتجاجات التي اندلعت في التاسع عشر من ديسمبر الماضي أن تدخل شهرها الثاني ولم تكن هناك رؤية واضحة لا من قبل المحتجين ولا من قبل الحكومة، فالوضع مازال مأزوماً والاحتقان مسيطراً على الكل ،فتنظيم المهنيين يدعو إلى التظاهر وتتم الاستجابة من مناصريه في كل المناطق ولكن ثم ماذا بعد التظاهرات الليلية أو النهارية، وذكرنا كثيراً أن التظاهرات وحدها لن تؤدي إلى تغيير النظام ما لم تكن هناك جهة تقف إلى جانب المحتجين إن كانت دولة أو أي جهة تدعمهم، وكذا الحال بالنسبة إلى الحكومة فمازالت في موقفها الداعي إلى الحوار مع كل الأطراف معارضة أو مهنيين أو شباب أو أي طرف آخر يقف مسانداً لهم، إن الشعارات المرفوعة من قبل المهنيين(تسقط بس) أو من جانب الذين يقفون إلى جانب الحكومة (تقعد بس) لم تتقدم خطوة إلى الإمام فأصحاب تسقط بس ظلوا يخرجون إلى الشارع ويدعون إلى التظاهر بمسميات مختلفة في المركز أو الولايات ولكن لم يتقدموا أي خطوة أخرى أما الحكومة فمازالت عند موقفها العمل على المعالجات بالطريقة التي تراها هي ، أي أنها تعمل على توفير الدقيق والوقود باعتبارهما من الأسباب الرئيسية التي دفعت الشباب إلى التظاهر، ولكن رغماً عن ذلك فالخطوة بطيئة لأن المشكلة لم تحل بصورة نهائية لتبطل الشعارات المرفوعة أو إنهاء حجة الأزمة الاقتصادية إذا ما توفرت تلك السلع .
أن الأزمة بشكلها الحالي تحتاج إلى أطراف أخرى تساعد في الحل، فالآن المؤتمر الشعبي لديه مبادرة للحل، ولكن لا ندري ما هي تفاصيلها الكاملة ،وهل الحل وفق ما ذكرته قياداتها بالجلوس إلى الحوار أم أن هناك حلولاً أخرى لم تتبلور حتى الآن، الصراع الآن يحتاج إلى أطراف خارجية رغم أن المشكلة السودانية يجب أن تحل داخل البيت الواحد فلا نريد أن يذهب الناس إلى أوسلو أو إلى الطائف أو أبوجا كما كان في جولات التفاوض مع الحركات المسلحة، فالأخوة العرب لديهم من الحلول التي يمكن أن تهدي كل الأطراف في السودان إن كانت فعلاً المشكلة اقتصادية، فالمملكة العربية السعودية أو قطر أو دولة الإمارات يمكنهم أن يعملوا على الحل عن طريق الدعم المالي أو عبر إرسال الشحنات البترولية أو الدعم المالي ،ولكن بخلاف ذلك فإن الأزمة سوف تستمر بين الحكومة والمعارضة ولن نتمكن من الوصول إلى الحل إلا إذا وصلنا إلى محطة الانتخابات التي تسعى الحكومة إليها وهي تطالب المعارضين إن أرادوا الحكم فعليهم أن ينتظروا انتخابات 2020 أي عبر صناديق الاقتراع ،وإلا فلن تسلم السلطة إلى شذاذ الآفاق كما ذكرت قيادات القوات المسلحة، فالوضع مأزوم تماماً ومهما اجتهدنا في الوصول إلى الحل بأي طريقة من الطرق.. نجد النفق مغلقاً تماماً في ظل التمترس إن كان من قبل المحتجين أو من قبل الحكومة ،لذا لابد من حكماء من الجانبين ليدخلوا وساطة بين الحكومة والمعارضة ..فالأحزاب الكبيرة الأمة القومي موقف الإمام “الصادق المهدي” من تلك التظاهرات واضح من خلال الخطبة التي ألقاها بمسجد الإمام “عبد الرحمن المهدي” بودنوباوي الفترة الماضية، أما السيد “محمد عثمان الميرغني” حتى الآن لم نسمع صوتاً له عدا بعض أصوات منسوبيه المشاركين في الحكومة وموقفهم مساند لها ، فالشعبي أحياناً مواقفه غير واضحة، لذا الجلوس مع بعض هو الحل وغير ذلك لن يكون هناك حل آخر.