تقارير

طريق الحواتة المفازة الفاو ..أزمة في الطريق

تأخر تنفيذه خمسة عقود

القضارف : سليمان مختار
طريق الحواتة المفازة الفاو ،حلم طال انتظاره سنيناً عدداً. خلال الجولة التي قامت بها(المجهر) برفقة عدد من الصحفيين ،كشفت حجم المعاناة التي يعيشها مواطنو منطقة الرهد الكبرى بولاية القضارف ،والمشاق التي يتكبدونها جراء عدم تنفيذ الطريق .
قطعنا مسافة بطول (108)كيلو مترات استغرقت أكثر من عشر ساعات للوصول إلى مدينة الحواتة نقطة بداية الطريق بسبب رداءة الطريق الترابي الذي تكثر فيه الحفر والأخاديد الناجمة عن الخريف . يعد طريق الحواتة المفازة الفاو من الطرق الإستراتيجية والحيوية بولاية القضارف ،ويمثل المنفذ والبوابة الوحيدة لمنطقة الرهد الكبرى التي تضم محليات الرهد والفاو والمفازة إلى جانب جدوى الطريق الاقتصادية من نقل وترحيل المنتجات الزراعية والبستانية والمطرية التي تنتجها المنطقة ، خاصة منتجات الصادر البستاني التي تتصدر فيها المنطقة صادرات المانجو والقطن المطري إلى خارج البلاد إلى جانب التواجد الكبير لقطاع الثروة الحيوانية .
أهملت حكومات ولاية القضارف المتعاقبة تنفيذ الطريق ، وربطه بحاضرة الولاية القضارف لأكثر من خمسة عقود مضت مما فجر موجة من التذمر وسط موطني منطقة الرهد الكبرى على خلفية المعاناة التي يتكبدونها ،خاصة في موسم الخريف الذي تنعزل فيه المنطقة لأكثر من ثلاثة شهور وتتوقف حركة المواطنين وتصبح محليات الرهد والمفازة والفاو في جزيرة معزولة بسبب هطول الأمطار وتوقف انسياب حركة المواطنين والبضائع والسلع الاستهلاكية ، ليعيش المواطنون بتلك المحليات في دوامة البحث عن سبيل للوصول إلى الطريق ،والذي أصبح هاجساً يؤرق مواطني المنطقة .
من جانبه حمّل “عباس الرضي محمد” رئيس إسناد الطريق خلال حديثه لـ(المجهر) حكومات ولاية القضارف المتعاقبة والحالية مسؤولية عدم تنفيذ واستكمال الطريق، وقال إن الطريق تأسس في مرحلته الأولى بالجهد الشعبي للمواطنين خصماً على حصة سكر المحلية بعد أن تنازل المواطنون عنها طوعاً، و كان في العام 1990 في عهد المحافظ “محمد آدم سعيد”، وزاد “الرضي” أنهم تلقوا وعداً من رئيس الجمهورية بإكمال الطريق إبان زيارته للحواتة في العام 1994 إلا أن الطريق لم ير النور ، والعمل الفعلي للطريق بداً في عهد الوالي الراحل الشهيد “ميرغني صالح” في العام 2016 بعد أن تم توقيع عقد مع شركة دلتا الصينية واستئناف الشركة العمل في الطريق وفقاً للعقد المبرم مع الهيئة القومية للطرق الذي يقضي بتنفيذ(12)كيلومتراً . بيد أن العمل توقف بالطريق بعد ثلاثة أيام ، وسحبت الشركة جميع آلياتها التي تعمل بالطريق وتركت بعض الآليات المتهالكة والقديمة ،وأضاف أنهم أخطروا الاستشاري التابع للهيئة القومية للطرق الجسور إلا أنه لم يحرك ساكناً تجاه المسألة .
وأوضح “الرضي” بأنهم اكتشفوا لاحقاً بأن الشركة قامت بتنفيذ (5) كيلومترات فقط من(12) كيلومتر وكان ذلك خلال ثلاث سنوات، ،فضلاً عن تحرير شهادة إنجاز للشركة بواسطة الاستشاري وتسليمها لمبلغ مالي نظير ذلك رغم أن الشركة فشلت في إنجاز الجزء المخصص لها في الطريق، وتابع بأن الشركة بعد عجزها وفشلها قامت بإبرام عقد تعاقد من الباطن مع شركة روينا للعمل بالطريق التي بدورها باشرت العمل في الطريق إلا أنها لم تنجز شيئاً فيه ، وأرجع ذلك لضعف القدرات الفنية للشركة وعدم حصولها على خطاب الضمان المالي من وزارة المالية الاتحادية للحصول علي الدفعيات المالية من بنك أم درمان الوطني الممول للطريق بسبب المماطلة من وزارة المالية الاتحادية وتجاهل حكومة الولاية تنفيذ الطريق ،الذي قال إنه لا يأتي في سلم أولوياتها وقناعاتها بجدواه الاقتصادية، ،فضلاً أنها لا تكترث لمعاناة أكثر من(500)ألف مواطن يقطنون محليات الرهد الثلاث يتكبدون المشاق وتتعطل أعمالهم الحياتية وينعزلون عن الولاية في كل موسم خريف.
وأشار إلى أن المحلية ترفد خزينة حكومة الولاية سنوياً بمليارات الجنيهات الآن لم يشفع لهم بتنفيذ الطريق، وختم حديثه بأنهم توصلوا لقناعات بأن حكومة الولاية غير جادة في تنفيذ الطريق خاصة بعد فشل الوعود المتكررة لقيام الطريق ،فضلاً عن إرساء عطاءات لشركات غير مؤهلة .
“عامر محمد آدم” الناطق الرسمي السابق باسم المؤتمر الوطني بمحلية الرهد اتهم شركة دلتا المنفذ للطريق بالتسبب في تعطيل انسياب الحركة في الطريق القديم باستخدامها للتربة الطينية في ردميات الطريق، الأمر الذي أدى لتوقف وانقطاع الحركة موسم الخريف الماضي.
واستنكر “عامر” خلال حديثه لـ(المجهر) ما و صفه بالتهميش المتعمد من قبل حكومة الولاية لحقوق مواطني محلية الرهد في المجالات التنموية المختلفة، خاصة في ما يتعلق بتنفيذ طريق الحواتة المفازة الفاو، ووجه انتقادات حادة لحكومة ولاية القضارف الحالية والحكومات المتعاقبة علة حكم الولاية، التي قال إنها ظلت تماطل وتراوغ في تنفيذ الطريق، وكشف عن تخوفات من قبل بعض المسؤولين بالولاية بأن قيام الطريق سوف يكون خصماً على الموارد المالية التي ترفد بها محلية الرهد الخزينة لاختصار الطريق للمسافة بين مدينة الحواتة والخرطوم .
وقال إن مدينة الحواتة أصبحت مثل البقرة الحلوب لمدينة القضارف، حسب وصفه ، التي قال إنها امتصت كافة مواردها المادية دون أن تقدم لها شيئاً، مشيراً إلى أن مشاركة مساهمة مدينة الحواتة خلال عقود خلت في كهرباء القضارف ب(250)مليون جنيه في الوقت الذي تتراجع وتتدهور فيه الخدمات الصحية وانعدام الطرق الداخلية في مدينة الحواتة بصورة كبيرة، وتراجع الخدمات التعليمية أدى لتفاقم معاناة المواطنين في موسم الخريف جراء توقف العمل في طريق الحواتة المفازة الفاو وفقدهم لأرواح المواطنين خاصة النساء الحوامل لعدم وجود طبيب للنساء والتوليد بمستشفى الحواتة.
وقال إن هنالك توافقاً واتفاقاً من قبل مواطني محليات الرهد الكبرى بتصعيد قضية الطريق واتخاذ موقف تجاه تجاهل وتغافل حكومة الولاية تنفيذ الطريق في مدينة المفازة ، تطابقه ذات الآراء الساخطة والناقدة جراء عدم تنفيذ الطريق ، حيث أكد رئيس الاتحاد الوطني للشباب بالمحلة “محمد الخاتم عباس” خلال حديثة أنهم توصلوا لحقيقة أن الوعود المتكررة بتنفيذ حكومات الولاية المتعاقبة هي عبارة عن مسكنات لكسب الوقت ،وأعرب عن استغرابه لافتقار منطقة الرهد الكبرى للخدمات التنموية رغم تميز المنطقة وامتلاكها للموارد الزراعية الحيوانية الضخمة ، واستنكر صمت القيادات التشريعية والسياسية بالمنطقة في المجلس الوطني والمجلس الولائي لتماطلهم وتقاعسهم عن تحريك ملف طريق الحواتة المفازة الفاو ، وأرجع ذلك لانشغالهم بمصالحهم الخاصة قائلاً إن أهالي المنطقة تعرضوا للظلم والتهميش حتى من ذوي القربى، وطالب حكومة الولاية الحالية بإيجاد الحلول الجذرية لتنفيذ الطريق لإنهاء معاناة مواطني منطقة الرهد الكبرى ، واستدرك قائلاً إن المواطنين فقدوا الثقة في حكومات القضارف وإنهم سوف يقولون كلمتهم ويسجلون موقفاً واضحاً إذ لم تفِ حكومة الولاية بوعدها إنجاز الطريق قبل موسم الخريف القادم.
فيما هدد عدد من شباب القرية خلال حديثهم لـ(المجهر) بجمع توقيعات للمواطنين لكافة الشباب والمواطنين بمحليات الرهد الكبرى لتسليمها للمؤتمر الوطني ، بالرغم من التحديات الاقتصادية الكبيرة التي تواجهها الولاية والبلاد، هل تنجح حكومة “مبارك شمت” الحالية في إنجاز تنفيذ طريق الحواتة المفازة الفاو لإنهاء حقبة من السنين العجاف من المعاناة لمواطني محليات الرهد الكبرى وتحقيق حلمهم الذي طال انتظارهم له لعقود من الزمان، الأيام والشهور القادمة سوف تثبت ذلك…

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية