حوارات

نقيب المحامين السودانيين مولانا “عثمان محمد الشريف” في حوار الوضع الراهن

الاحتجاجات تم اختطافها سياسياً لذلك انحرفت عن مسارها وفقدت المصداقية

تجمعات المهنيين قانونياً غير منظمة لذلك لا تمثل نقابات العمال
الذين يدعون إلى إسقاط النظام عليهم تحضير البديل وإعلانه للشعب
لم يتم تقييد جريمة قتل ضد مجهول والقضاء سيفصل في كافة البلاغات
التحقيقات الجنائية أكدت عدم تورط جهات نظامية في جرائم بالاحتجاجات
حوار ـ SMC
على الشباب وكل أهل السودان الالتحاق بركب الحوار الوطني، أفرزت الاحتجاجات التي تشهدها البلاد هذه الفترة تجمعات وكيانات سياسية خطفت مطالب المواطنين بأسماء لا تحمل لافتات سياسية مثل كيانات المهنيين وغيرها من الأجندات السياسية، ولعل هذا الحراك أدى لوقوع عدد من الجرائم والفوضى خاصة وسط الخرطوم، الأمر الذي استنكره المجتمع الداخلي خاصة قيادات العمل النقابي والقانونيين على وجه الخصوص، في ظل تلك الأوضاع جلس المركز السوداني للخدمات الصحفية ، إلى نقيب المحامين السودانيين مولانا “عثمان محمد الشريف” للوقوف على مجريات الأحداث والرأي القانوني خاصة ما يجري داخل الحركة النقابية السودانية، فإليكم مضابط الحوار..

كيف تنظرون للاحتجاجات التي تشهدها البلاد هذه الأيام؟

الجميع يعترف بان أسباب الاحتجاجات والتظاهرات كانت نتيجة لتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية ولديها مطالب مشروعة وبنص القانون هذا حق دستوري، وتأكيداً لسلمية الاحتجاجات يجب أخذ التصديق من السلطات بغرض الحماية وتعزيز الحق القانوني للمطالب، لذلك ندعو إلى الاحتجاج السلمي وعلى السلطات احترامه والتعامل معه وفقاً للنظم القانونية الموضوعة، وبالمقابل على المحتجين الالتزام والتعبير عن الرأي بسلمية دون تخريب أو محاولة تنفيذ أجندات متطرفة، لتفويت الفرصة على الجهات التي تحاول تمريرها على حساب المواطن والوطن.

هل تقصد هناك اختطاف سياسي للاحتجاجات الحالية؟

ما لا يخفى على أحد أن الاحتجاجات تم تسييسها بشكل كامل وهذا ما أفقدها ثقة المواطن نفسه، ومعروف أنها بدأت بمطالبات مشروعة وتأكيداً لسلميتها أفسحت السلطات المجال للمحتجين بالتعبير عن رأيهم بمطلق الحرية، وما يؤكد ذلك حدوث عدد من الوقائع التخريبية، وشهدت عدد من مؤسسات الدولة عمليات حرق وتدمير كبيرة ، وهذا يعني أن هناك جهات قامت بتسييس المطالب المشروعة، وعلى الرغم من ذلك أنا أحسب هذه الاحتجاجات ستأتي بخير لأن هناك من كانت ملتزمة بحق التعبير السلمي وفقاً للقانون الذي أتاح حرية للرأي والتعبير لأنه على الأقل هناك صوت لم يكن مسموعاً من قبل “صوت المحتجين” الذين لا ينضوون تحت التنظيمات السياسية أو الحركات وربما حتى منظمات المجتمع المدني، واعتقد أنه هو صوت الجميع حكومة ومعارضة وأهل الرأي والتقدير في هذه البلاد ينصتون تماماً إلى هذا الصوت ويرغبون في التحاور معه وفي هذا السياق جاءت الدعوة إلى الجميع وإلى نقابة المحامين على وجه الخصوص بضرورة التحاور مع المحتجين.

إذن ما هي مطلوبات الحوار مع المحتجين؟

فقط المطلوب أن يكون هنالك تنظيم شرعي وقانوني معروف ومتوافق عليه وأن يكون لهذا التنظيم أتباع ينضوون تحته ويسمعون رأيه حتى يستطيعوا بالتفويض الذي يمنح له بأن ينقل المتحاورون هذا الرأي إلى الجهات المعنية سواء كانت منظمات أو حكومة أو معارضة، وكما ذكرت فإن السلطات منحت المواطنين الحق الكامل للتعبير عن رأيهم وهذا تطور كبير ورقي في التعامل مع المظاهرات يختلف عن سابقه لهذا جاء التخريب مدمراً في بداية الاحتجاجات خاصة بالولايات.

في رأيك كيف يتم التعامل مع المخربين قانونياً؟

من حيث القانون، التخريب والتدمير والحرق والقتل هذه جرائم حتى ولو ارتكبت بشعار سياسي تظل هي جرائم يجب التعامل معها بالقانون، ويجب إحالة المتهمين للتحقيق بواسطة النيابة العامة والمحاكم ويتم سماع الدفوعات وأن يأتي كل بالبينة لماذا قتل وما هي الضرورة للقتل والمجال مفتوح في هذا الأمر، ووفقاً لذلك تم تشكيل لجان عدلية وتمت محاكمات لعدد من البلاغات وستواصل اللجان مهامها إلى أن يتم رد الحقوق، وحقيقة التدمير كان مقصوداً ومستهدفاً حتى المواطن نفسه، والدليل على ذلك تم حرق محاكم بأكملها وكان الغرض واضحاً بأن هناك قضايا لا تجد سبيلها مما يشير أن هناك أجندات لديها مصالح وراء إجهاض حقوق الناس، والأجندات كثيرة وراء الاحتجاجات منها التخريب وإشاعة الفوضى بجانب أجندات لما يسموا بالمغرضين والمندسين والدليل على ذلك حدوث نهب للممتلكات، وكثير من الوقائع تؤكد ذلك.

لكن هناك اتهام بتورط جهات نظامية في عمليات التخريب والقتل.. تعليقك؟

جميع التحقيقات والتقارير الخاصة بالقتل أكدت أن السلطات لا علاقة لها بجرائم القتل، وكل الدلائل تشير إلى أن هناك مندسين ومغرضين تورطوا في جرائم القتل، وهناك أدلة تؤكد دخول أحد المتظاهرين لمتجر وقتل صاحبه أثناء تنفيذ عمليات التخريب، مما دعا السلطات لتوخي الحيطة والحذر للتصدي للمتظاهرين خاصة بعد أن جنحت الاحتجاجات للفوضى والتدمير والتخريب، وفي تقديري الاختطاف السياسي واضح وهناك أجندات سياسية اختطفت، هذا الحق السلمي الوديع وإحالته لأجنداته السياسية، وهذا كان نوعاً من التواري السياسي والاختفاء خلف المحتجين بقضاياهم المقبولة لأجندات سياسية، لذلك لم تجد من الشعب السوداني تأييداً لأنها لم تتبلور في شكل أحزاب لها شعبية كبيرة يمكنها أن تنافس في عملية انتخابية.

هل ترى أن السلطات قامت بدورها الصحيح في التعامل مع خسائر الأرواح؟

النيابة قامت بدور كبير جداً وحتى الآن لا توجد جريمة قتل ولا سفك دماء أو إصابات وحرق وتدمير إلا وتم تدوين بلاغ ضد مرتكبيها وجميع هذه البلاغات ستجد طريقها إلى القضاء باعتباره جهة مستقلة، ولا ينحاز لمتظاهر أو حكومة، ولدينا ثقة في ذلك، وتأكيداً لذلك كون رئيس الجمهورية لجنة عليا لتقصي الحقائق وهي شاملة برئاسة وزير العدل، وهذه اللجنة لا تتعارض مع عمل النيابة ومنحت سلطات قانون التحقيق الجنائي سنة 1954، وهذا اللجنة ستقوم بدورها على أكمل وجه خاصة فيما يتعلق بتوضيح الحقائق وكشف المتورطين خلال فترة وجيزة، ومع الجهود المبذولة لم يتم تقييد جريمة قتل ضد مجهول كما كان يحدث في السابق.

هل النقابة لديها دور ملموس في تقصي الحقائق وحفظ الحقوق؟

ظلت النقابة بكافة قواعدها وعضويتها بالخرطوم والولايات تقدم العون القانوني وكونا لجنة مركزية تباشر أعمالها مع الجهات العدلية بالدولة، وطرحنا مبادرة لمناصر المظلومين وناشدنا كل ذي مظلمة ولديه شهيد أو مصاب أو أموال أتلفت أن يأتي للنقابة لتقدم العون القانوني له.

إذاً ما هي متطلبات المرحلة المقبلة لتداول السلطة؟

هنالك اتفاق جامع صمم في مخرجات الحوار الوطني بأن يكون تداول السلطة سلمياً وهذا يتم فقط بانتخابات حرة ونزيهة، لذلك على المحتجين بعد أن أوصلوا رسالتهم أن يحتكموا إلى الشعب السوداني ليقول كلمته في الانتخابات، لأنه بحسب قياس الرأي العام عدد الذين تظاهروا لا يساوي شيئا مقارنة مع جماهير الشعب السوداني، خاصة أن الاحتجاجات انحرفت عن مسارها السلمي لأغراض جانبية، ولكن العملية الانتخابية حق دستوري يبدأ من تسجيل الناخبين وهناك أحزاب تتنافس ومنظمات مجتمع مدني تراقب وغير ذلك.

لكن دعوات إسقاط النظام لا زالت متواصلة.. هل هناك سند قانوني يؤيد شرعيتها؟

هناك من يدعي أن ما يحدث الآن هو انتفاضة ونحن لدينا تاريخ مع هذه الانتفاضات، وفي أكتوبر عام 1964م كانت هنالك انتفاضة أودت بحكم الرئيس الراحل “إبراهيم عبود” وتسليم السلطة إلى الأحزاب، والنقابات وفي عام 1985م كانت هنالك انتفاضة شعبية وضغط من الشارع قاد الجيش إلى الانحياز إلى الشعب، وبالتالي سقطت حكومة الرئيس “جعفر نميري”، لكن لم يكن هناك فراغ في الانتفاضتين لأن البديل كان جاهزاً، والاحتجاجات الحالية ليست مستوفية أركان الانتفاضة لذلك نقول للقائمين على أمرها إذا أراد المتظاهرون هذا التظاهر وسيلة فليكن تعبيراً عن رأيهم، وإذا أرادوها أن تنقض على النظام والحكومة فعليهم أن يجهزوا البديل، وحسب تفسير التاريخ بالأحداث والسودان يعرف الربيع العربي منذ أكتوبر 1964م وفي رجب وبالتالي نحن مع من يكون الانتقال للسلطة انتقالاً سلمياً إن كان عن طريق الشارع فليستعد الشارع لتنظيم نفسه ويجهز البديل ولا مانع أبداً لأن هذا حكم الشعب ولكن الأمر به بعض الخلافات.

لكن الاحتجاجات أفرزت كيانات أطلقت على نفسها المهنيين.. هل هذه التجمعات شرعية في رأيك؟

الرأي كالأتي.. أولاً بالنسبة لنقابة المحامين قبل سنة فقط كل المحامين في السودان وعلى اختلاف توجههم السياسي ارتضوا بأن يحتكموا لصندوق الاقتراع وكان هذا عن طريق لجنة قضائية ونظام أساسي، وظهرت النتيجة وقبلها الجميع وانضوى الجميع تحت لواء هذه النقابة، واليوم تجد محامين متظاهرين ويدركون أن النقابة تعبر عنهم فيما يلي خدماتهم بمحاورها المختلفة، وبالنسبة للنقابات الأخرى أيضاً هناك تنافس وقانون والآن مسجلة ومعترف بها، وهذه التجمعات غير المسجلة من حقها أن تقول إن النقابات لا تعبر عن موقفها السياسي، لكن ليس من حقها أن تطرح نفسها بديلاً لأي تنظيم أو جسم نقابي شرعي، ودستورياً تجمعات المهنيين الموازية التي فرضها الواقع السياسي ليست دستورية ولا يحق لها أن تدعي تمثيل النقابات وهذا يدركه المهنيون، وفي تقديري هذا التجمعات إذا أرادت تغيير النظام فعليها أن تطرح رؤيتها في الانتخابات وتقدم نفسها في جسم قانوني وشرعي، وإذا أرادت العمل في الشارع أيضاً عليها تنظيم نفسهما، وعلى الجميع أن يدرك أن أي تجمع يدعي انه مهني غير النقابات الشرعية يعتبر مخالفاً للقانون.

كلمة أخيرة؟
أعتقد هذه الاحتجاجات قامت على مطالب مشروعة والآن الحكومة بدأت جادة في معالجات عملية في معاش الناس، وأيضاً مطالب أخرى لابد من تنفيذها مثل إصلاح الاقتصاد ومحاربة الفساد وإصلاح دولاب العمل لتفويت الفرصة على المغرضين، وأشير إليكم أن كل هذا المطالب وضعت لها ما يقارب (الألف) توصية في الحوار الوطني، ودعوة الحوار لم يتم إغلاقها وظلت مفتوحة والآن نسمع أن هناك جهات كثيرة جاءت للحوار وتريد الانضمام للحوار والإجراء السليم الذي يحفظ البلاد من الفوضى هو أن ينتظم الشباب وكل أهل السودان في حوار لا يقصي أحداً.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية