عز الكلام

لا بديل إلا التمويل

أم وضاح

لبيت أمس، دعوة كريمة من الإخوة في مجلس الوزراء لحضور منتداهم الدوري الذي جاء هذه المرة للحديث حول تحسين معاش الناس ومكافحة الفقر ومشاكل التمويل، مصطحبين في ذلك تجربة بنك الادخار والتنمية الصناعية كنموذج لهذه التجربة وأصدقكم القول إنني حرصت وبشغف على حضور المنتدى لسبب واحد فقط، إن اللافتة التي حملها لخصت برأيي معظم وأهم مشاكل إنسان السودان، باعتبار أن الفقر هو للأسف مدخل لأمراض اجتماعية وسياسية عانت منها مجتمعاتنا بشكل مقلق، ولعل ما شهدته بلادنا طوال الأسابيع الطويلة الماضية من احتجاجات وتظاهرات كان وقودها ومحركها الأساسي حالة الفقر والمعاناة التي دقت مجمل بيوت أهل السودان إلا من رحم ربي، لذلك كنت حريصة على حضور المنتدى الذي جلس على منصته الرئيسية وزير رئاسة مجلس الوزراء “أحمد سعد عمر” ووزيرة الضمان الاجتماعي “وداد يعقوب” ونائب محافظ بنك السودان “أحمد جنقول” وحضره عدد كبير من وكلاء الوزارات والمصرفيين، وخلوني أقول إنني قد تلمست ومن خلال الكتيبات التي وزعت على مناضد المنتدى، الجهد الكبير والعمل المحترم الذي يقوم به بنك الادخار، وذلك من خلال تمويل الكثير جداً من المشاريع التي غيّرت تماماً من أحوال أصحابها وخرجت بهم من دائرة الفقر إلى رحاب الستر وربما البحبوحة، ومن سجن العطالة إلى فضاءات العمل والإنتاج، ومن ظلام اليأس وقلة الحيلة إلى نور التفاؤل والمستقبل الأخضر، حيث إن البنك قام بتمويل ما يقارب الـ(٦٥) ألف شخص خلال العام الواحد لم تتعدَ نسبة التعثر الـ(١/٧٪؜) من العدد الكلي، مما يؤكد أن هذه المشاريع ناجحة وأسهمت في تغيير حال أصحابها وشكلت ملامح مضيئة لحياة جديدة وسعيدة لهم ولأسرهم، لكن الذي لفت نظري وشد انتباهي كان الحديث المهم للأخت “وداد يعقوب” التي تحدثت عن ضرورة تمويل المنتجين الصغار الذين وصفتهم بأنهم يشكلون (٨٥٪؜)من اقتصادنا، وضربت مثلاً بالحراك الذي يقوم به أصحاب مهن نراها عادية بحكم تعودنا عليها، لكنها تشكل ثقلاً حقيقياً في دورة الاقتصاد، مثال ذلك صغار المزارعين وأولئك البسطاء الذين يطقون الصمغ العربي وصغار المعدنين المتعارف عليهم بما يسمى التعدين الأهلي وبتاع اللبن وبتاع الخضار… الخ من قائمة المحركين لعجلات الاقتصاد، حيث قالت إن هؤلاء من يحتاجون إلى التمويل الحقيقي لدعم ودفع نشاطهم وبالتالي تطويرهم والاهتمام بهم وخروجهم من الدائرة الصغيرة، ما يعني الدفع بقاطرة الاقتصاد السوداني وهو ما يلقي على عاتق المصارف ومؤسسات التمويل مسؤولية كبيرة
لوضع برنامج قوي لدعم صغار المنتجين الذين هم الشريحة الأعرض والأقوى في المجتمع السوداني.
الدايرة أقوله إن ما يقوم به بنك الادخار عبر فروعه الخمسة وستين في كل ولايات السودان، عمل كبير وجبار يستحق الإشادة وأن تحذو حذوه بقية البنوك، لأن تمويل الشباب وصغار المنتجين أفضل ألف مليون مرة من تمويل القطط السمان الذين لم تجنِ البنوك من تمويلهم سوى الفشل والعجز والهمبتة التي مارسوها جهاراً نهاراً وبسببهم وصل الاقتصاد إلى هذه المرحلة من التدهور التي جرت البلد معها إلى نفق مظلم وهم في بروجهم العالية متمتعين ومنغنغين!!
}كلمة عزيزة
حتى لو انحسر مد الاحتجاجات والتظاهرات، فهذا ليس معناه أن تتمدد الحكومة وتتمغى وتنوم وتغطي كرعيها، والفترة الماضية شكلت حالة وعي غير مسبوقة تجاه فشل النظام في كثير من الملفات، وكشفت للحكومة أنها بعيدة عن شعبها، لأنها لم تستشعر ما حدث قبل مدة كافية من حدوثه، حتى تفاجأت بغضبة ديسمبر العارمة، وما كل مرة تسلم الجرة.
}كلمة أعز
اللهم أحمِ بلادنا من الفتن واجمع أهلها على كلمة سواء.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية