تقارير

الصراع في “أبيي” .. نفاذ الصبر

بعد (7) سنوات من الانتظار

تقرير – سيف جامع
على نحو مفاجئ، نظمت مكونات المسيرية بمنطقة أبي،ي مؤتمراً أسموه بـ(الاستنكاري)، تم الإعلان فيه عن رفضهم لكافة القرارات السابقة الأممية منها والمحلية والإقليمية، المتعلقة بتكييف أوضاع المسيرية في منطقة أبيي.
ويأتي المؤتمر كتطور لافت في قضية المنطقة المتنازع عليها بين دولتي السودان وجنوب السودان، وكانت قرارات إدارية سابقة قد صدرت لتهدئة الأحوال في المنطقة المشتعلة عقب الانفصال، بين المسيرية ومشايخ قبيلة دينكا نقوك التسعة، بينما سعت كل من حكومتي السودان والجنوب لحل الوضع المأزوم في المنطقة عبر ملحق بروتوكول منطقة أبيي، واللجوء إلى محكمة التحكيم الدولية، بيد أن ترجيح خيار انفصال الجنوب في استفتاء تقرير المصير صب الزيت على نار الصراع في المنطقة، وكادت أن تعيد الدولتين إلى مربع الحرب، بالرغم من الاحتفاء بقرار محكمة التحكيم الذي لم ينجز على الأرض، وتجددت أعمال العنف والقتال لأسباب مختلفة، فأرسلت الأمم المتحدة قوات اليونسيفا لحفظ الأمن في المنطقة.
والمؤتمر أقيم في منطقة الستيب بالدائري جنوبي أبيي، في محاذاة المنطقة معزولة السلاح، وبالقرب من سوق النعام آخر منطقة تمازج مشترك بين المسيرية ودينكا نقوك.
وجاءت قرارات المؤتمر تحذيرية، وأرجأ المؤتمرون إنفاذ مقررات المؤتمر لحين انقضاء الفترة المؤقتة التي منحت لكل الأطراف لإنفاذ ما جاء في توصيات المؤتمر، والتي منها مغادرة قوات اليونسيفا وإخلاء وترحيل سوق النعام “أنييت” إلى داخل مدينة أبيي.
وحصلت (المجهر) على قرارات المؤتمر الذي أنقعد لمدة يومين بمنطقة الستيب والتي جاء فيها رفض المؤتمر مذكرة الشيوخ التي وقعها كل من “فرانسيس دينق” و”مهدي بابو نمر” لإحلال السلام بالمنطقة، والتي طرحت في أعقاب توقيع أطراف الصراع في الجنوب على اتفاقية سلام برعاية الخرطوم، في سبتمبر الماضي، كما قرر المؤتمر التمسك بحدود (1/1/1956م)، والتعايش داخل أبيي. وأعلن المؤتمر رفضه للقرار الأممي (2445) الصادر من مجلس الأمن الدولي والذي أيد تبعية منطقة أبيي لدينكا نقوك، بينما أبقى المجلد، كعاصمة وحاضرة لقبيلة المسيرية.
وأكدت مضابط المؤتمر أنه قد قرر توفيق الأوضاع وقفل سوق النعام في فترة أقصاها (30/1/2019م)، ونقله لداخل أبيي، بجانب تكوين جسم شعبي محلي لمتابعة قرارات المؤتمر، وأثنى المؤتمر على قرار تنفيذ بروتوكول الترتيبات الأمنية وتكوين الإدارة المشتركة لأبيي، وقرر أيضاً تكوين وفد من المؤتمر لمقابلة الرئيس “البشير” وشكره على الوقوف معهم في هذه القضية، من المسيرية والداجو والنوبة.
وشدد المؤتمر على الترابط والإخاء والتماسك بين مكونات المنطقة وسكانها من قبيلة المسيرية، وخرج أيضاً بتوصية أخرى باستنفار كل القبائل بالسكن داخل أبيي، وعدم اتخاذ أي قرار بشأن أبيي، إلا بالرجوع للمجتمع المحلي.
وأوصى المؤتمر الذي تلا قراراته الأمير “إسماعيل يوسف”، بأن لا تكون هناك تسمية مسيري أزرق أو أحمر وإنما مسيرية فقط، لحقن دماء أهل القبيلة الذين كثر الصراع فيما بينهم بشأن امتلاك الأرض، وأقر المؤتمر توصية تطالب بتعميم كل القرارات والبيان الختامي لجهات الاختصاص ذات الصلة، كما أدلى الأمير “إسماعيل حامدين” بتوصية طالب فيها بقيام مشاريع زراعية وتعبيد طرق تربط المساحة المعلومة جغرافياً.
ومن بين القرارات توصية دفع بها الأمير “حمد الدودو” للمؤتمر، طالب فيها اليونسيفا بأن تخرج يوم (30/6)، وقال إن لم تخرج سوف ندخل أبيي فوراً، وتم اعتمادها من قبل المؤتمر الذي شهده جمع غفير من مكونات وبطون المسيرية.
وقال الناظر “مختار بابو نمر” في توصية اعتمدها وأقرها المؤتمر، إنه مع ما قاله “إسماعيل حامدين” بغلق السوق بعد توفيق الأوضاع، وإذا لم يتم ذلك، على كل المواطنين الاستيلاء على كل البضائع والعربات، كما كانت هناك توصية من “حمد الدودو” بأنه على اليونسيفا تنفيذ اتفاقية (20/6/2011) التي وقعتها حكومة السودان والجنوب، ومنح المسيرية القوات الأممية فترة سماح حتى (30/6) من العام الجاري، وبعدها فإن المسيرية سوف يدخلون أبيي.
وقال الأمير “حمد الدودو إسماعيل” أحد قيادات المسيرية، إنهم بدأوا هذا المؤتمر وهو مؤتمر “استنكاري” للبنود التي وردت في القرار (2445) في الفقرة (16)، حيث الاعتراف باللجنة التي كونتها حكومة جوبا داخل أبيي لدينكا نقوك، في المقابل أقروا بأن مدينة المجلد هي عاصمة قبيلة المسيرية، وقال “الدودو” إن هذا القرار نرفضه تماماً، وبالتالي فنحن نرسل رسالة لحكومتنا نقول لها إن الوقوف على تنفيذ مخرجات اتفاق (20/6) من أهم بنود هذا المؤتمر، ولا بد من أن ينفذ في فترة وجيزة وإذا لم ينفذ نطالب الحكومة بالضغط على اليونسيفا بالانسحاب من منطقتنا فوراً وترك المنطقة خالية، ولا نريد حراسة من أحد، نحن قادرون على حماية أنفسنا ولكن احترمنا هذه الاتفاقية سبع سنوات ولم نجنِ منها ثمرة، وبالتالي اتفاقية (20/6/2011) برعاية الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، وإذا لم يريدوا أن ينفذوها فنحن غير ملتزمين بأي خط تعايش سلمي في المنطقة في الفترة القادمة، وقال إن منطقتنا هذه كثرت عليها المظالم، ونحن نطالب دولتنا بإسناد الجسم الشعبي الذي نريد تكوينه في الفترة القادمة في المنطقة لإدارة أمرها بطريقة واضحة وما عايزين كل أربعة أو ثلاثة في الخرطوم، يكتبوا ويملوا ما يريدونه ويقولوا هذه هي قرارات المسيرية، المسيرية قراراتهم تنبع من هنا، في إشارة لإنسان منطقة الستيب، وهو الذي يحترم ويفاوض في قضية أبيي.
ومن جهة أخرى انتقد القيادي بقبيلة المسيرية “موسى حمدين” نائب رئيس حزب الأمة الموحد في حديثه لـ(المجهر)، فكرة قيام المؤتمر، وقال إن هذه الفكرة لن تمضي للأمام، مشيراً إلى أن خط (10) الذي يفصل المنطقة يجب التعامل معه بذكاء، حيث إنه يتيح للمنطقة أن تكون ولاية قائمة بذاتها، وتكون إدارتها مشتركة بين السودان والجنوب، وأوضح أن الذين يقفون خلف قيام المؤتمر يصرون على التعامل مع هذا الأمر في إطار ضيق بين المسيرية ودينكا نقوك، وحقيقة نحن نريد أن نخرج بالمنطقة من الحرب، والطريقة التي يتبعها المسيرية طريق للحرب ولا يؤدي للحل إطلاقاً. وقبل ثلاثة شهور جلسنا مع سفير دولة الجنوب بالخرطوم، ونقلنا له رأينا بصراحة حول أبيي، في أن تكون ولاية مشتركة، ورفع الأمر لحكومته في جوبا، ولم يأتِ الرد إلى اليوم، هؤلاء رفضوا مقترحنا، يريدون تأزيم المواقف فقط. وقال “حمدين” ما يشير لعدم أهمية المؤتمر، أن رئيس الإشرافية “أحمد صلوحة” لم يحضره، وهو قد اهتم بمقترح الولاية وقام برفع الأمر للبرلمان. ورأى “حمدين” أن قرارات المؤتمر ليست لديها أية قيمة وأن سوق النعام الذي يجري الحديث حوله، كان قد طالب بإغلاقه، لأنه يورد يومياً خمسة مليارات جنيه لحكومة ولايتي واراب وبحر الغزال، ورئيس إشرافية أبيي الجنوبية، بينما ينال السودان صفراً كبيراً من إيراداته.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية