عز الكلام

رمادي .. رمادي..!!

أم وضاح

للأسف الشديد أن الأيام الماضيات التي شهدت فيها بلادنا ولا زالت، احتجاجات غير مسبوقة منذ أن جاءت الإنقاذ إلى السلطة قبل ثلاثين عاماً، وهي تظاهرات واحتجاجات منطقية في ظل أوضاع اقتصادية سيئة وفساد اعترفت به الحكومة، بل إن الحكومة وعلى لسان رئيسها هي من أطلقت وصف (القطط السمان) على المستفيدين من خيرات هذا البلد، الذين حولوا العام إلى خاص واستأثروا بخيراته، أقول للأسف الشديد إن الأيام الماضية أعلنت نتيجة امتحان دخلناه وسقطنا فيه بنسبة كبيرة، وهو امتحان الديمقراطية وتحمل سماع الرأي والرأي الآخر، والحكومة ضاق صدرها بمطالبات المحتجين وحاولت إسكات أصواتهم بالقوة، فنطق الرصاص الحي وكانت النتيجة فقدنا لشباب زي الورد نحتسبهم عند الله شهداء، وتململ بعض منسوبي الحزب الحاكم من هذه الاحتجاجات وبدأوا في إرسال التهديدات والتحذيرات والتهويشات فعكرت الأجواء أكثر مما هي عكرة، أما المعارضة في الخارج فاستعملت كما العادة سلاح الإشاعة والشتيمة وقذف المحصنات بالإفك في تدنٍ أخلاقي وانحطاط لا يليق بشخوص يريدون أن يطرحوا أنفسهم كبديل للحكم، وكيف تنهون عن خلق وتأتوا بأسوأ وأفظع وأقذع منه، كيف تنتقدون الحكومة الحالية وأنتم تقدمون أسوأ برنامج انتخابي لدى الشارع السوداني عنوانه الإساءة والتجريح والبهتان لكل من خالفكم الرأي، ده شنو البحصل عندنا، الله ينعل السياسة ونشوة الحكم التي تجعل أبناء شعب واحد يقتلون بعضهم بعضاً، يشتمون بعضهم بعضاً، يحفرون لبعضهم البعض، أي وطن تتنازعون عليه وأنتم تحرقونه حكومةً ومعارضةً؟.. ومن يدخل إلى قروبات الواتساب والفيسبوك يقول إن القيامة قامت وكل شخص نصب نفسه إلهاً يمنح صكوك الغفران ويمنعها، اختفت روح التسامح وفهم الآخر وكل من ليس معي فهو ضدي، وكل من خالفني الرأي هو عدوي، يا جماعة الخير كل بلاد العالم فيها مع وضد، فيها حكومة ومعارضة فيها ملائكة وشياطين، لكن تمضي الحياة بغير الطريق الذي نمضي فيه وهو طريق سيقودنا إلى تدخلات خارجية إن اختلفنا بغبينة واتناقرنا بضغينة، وكثيرون من الطامعين والطامحين في هذا البلد ينظرون إلينا من خلف حبال حلبة الصراع، منتظرين أن يصرع القوي الضعيف وبعدها ينقضوا على القوي الذي لن يكون قوياً وهو منهك ومتعب من طول الصراع.
الدايرة أقوله إنه ما أسهل ادعاء المواقف والبطولة هذه الأيام، لكننا نصر على أن نتخذ موقف المنطق والعقل حتى لو اعتبره البعض موقفاً رمادياً!!.. رمادي رمادي طالما أن موقفنا واضح من الحكومة التي قلنا وسنقول إنها فشلت للأسف في تحقيق أحلام أهل السودان.. رمادي رمادي طالما أننا نطالب بكشف أسماء من قتلوا الشباب والقصاص منهم.. رمادي رمادي طالما أننا نطالب بتقديم المفسدين إلى العدالة وإرجاع مال الغبش إلى حيث ينبغي أن يكون في خدمتهم.. رمادي رمادي طالما أننا نقول إن كثيرين جلسوا في كراسي أكبر منهم.. لأنهم هتِّيفة ويجيدون بذل الولاء ومسح الجوخ.. رمادي رمادي ونحن نقول إننا ابتلينا بأسوأ معارضة جبانة وانتهازية ومهتزة المواقف خذلت الشعب السوداني وباعته في أكثر من مرة.. رمادي رمادي طالما أننا نقول وسنظل نقول إن من يوجهون الشتائم في الخارج إلى أقلامنا هم أجبن من جرذان، لأننا انتقدنا الحكومة وواجهناها بأخطائها ونحن في الداخل لم نخف على أعمارنا ولا مصائرنا، لأننا نعلم أنها بيد الله.. رمادي رمادي طالما أننا نقول إن مشاكل السودان لا ينبغي أن تحل بالعنف، بل بالحوار والنوايا الصادقة والإرادة والتنزه والترفع عن المكاسب والأطماع.. رمادي رمادي طالما أننا نقول إن هذا البلد موعود بخير كبير طالما هذه الاحتجاجات يقودها شباب كذبوا فرية أنهم شباب مغيب وغير ناضج، وقد خرجوا إلى الشارع، لم ترهبهم سيطان ولا بمبان وأوصلوا قضيتهم ومطالباتهم بكل جسارة ورجالة.. رمادي رمادي طالما أننا مع الحق حيثما يكون وكيفما يكون.
}كلمة عزيزة
مثل ما أن السودان سبق كل دول العالم في تقديم نماذج مضيئة لثورات الربيع العربي، أرجو أن نقدم هذه المرة تجربة فريدة في حل مشاكلنا، وهو نموذج يحتاج لكثير من التنازلات، كثير من التضحيات، كثير من الاعترافات.
}كلمة أعز
اللهم أحفظ بلادنا من الفتن واجمع أهلها على كلمة سواء.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية