تابعت من خلال الشاشة الاحتفال الرسمي بأعياد الاستقلال والذي خاطبه السيد الرئيس بحضور عدد من القيادات وضيوف البلاد من أعضاء السلك الدبلوماسي، وأصدقكم القول إنه لأول مرة يتسرب إليّ شعور وإحساس بأن هناك غيمة من الحزن أو لنقل عدم الارتياح، تظلل المكان بشكل لا يتناسب مع المناسبة، أو لنقل إننا لم نتعود عليه في مثل هذه المناسبات التي هي أقرب للمهرجان، لكن كمان بالضرورة لا بد من القول إن الأحداث التي شهدتها بلادنا في الأيام الأخيرة، هي أحداث مهمة لا يمكن تجاوزها، خاصة وأنها قد شهدت سقوط قتلى وجرحى ما كان أكثر المتشائمين يتوقع أن يصل عددهم على النحو الذي اعترفت به السلطات الرسمية، وهو سبب ادعى لأن يجعل الحكومة ممثلة في رئيسها ونائبه اللذين تقدما المحتفلين، هو سبب ادعي لحالة الحزن والوجوم التي سيطرت على الاحتفال وجعلته مسيخاً من غير طعم، وخلوني من باب التفاؤل أقول إن واحدة من أسباب (الفرقة الواسعة) التي فصلت القيادات المسؤولة عن قواعد شعبها، كانت في عدم إحساس كثير من هذه القيادات بنبض الشارع وانفصالها عن واقعه وابتعادها تماماً عن قضاياه، ولعلنا لازلنا نفتقد للمسؤول الذي يمشي بين الناس في الأسواق يشرب مما يشربون ويأكل مما يأكلون، لا زلنا حتى الآن نفتقد المسؤول الذي يتداوى ويبحث عن الشفاء حيث يفعل الغبش في عموم مشافيهم ومراكزهم الصحية، ولو أننا وجدنا بعضاً من النماذج التي نبحث عنها، لما حدث هذا البون الواسع بين السلطة والناس، لو أن مسؤولينا كانوا يتلمسون قضايا الناس وأزماتهم لما تراكمت جميعها وأصبحت بركاناً على وشك الانفجار كما حدث الأيام الماضية، شنو البخلي الناس تركب الصعب وتخرج إلى الهواء الطلق لو لا أنها وجدت نفسها محبوسة ومكبوتة وليس أمامها سوى الصراخ والهتاف بأعلى صوت، ليصل صوتها فوق، وعند فوق دي خلوني أقول إن الوجوم الذي كان العنوان العريض لاحتفال الاستقلال من داخل القصر أمس الأول، يؤكد أن الرسالة وصلت وأن الاحتجاجات الأخيرة لم تمر مرور الكرام وأنها هذه المرة هزت شجرة الحزب الحاكم الذي اعتقد بعض منسوبيه أن عدم وجود رموز موثوق بها من المعارضة ح يقطع رأس المواطن وح يحتار بيه الدليل ويرضى بالمكتوب، لكن واقع الأحداث أكد أن أي مواطن سوداني في داخله رمز وقائد هو وحده من يحدد ساعة الصفر ولحظة الانطلاق، لذلك أحسب أن الحكومة ضيعت زمناً طويلاً في تحنيس وترضية كيانات معارضة حتى تريح أضانها من هم المعارضة وحراكها. وليتها وقد كنا لها من الناصحين، ليتها بذلت كل هذا المجهود وضيعت ما ضيعته من وقت في ترضية وتحنيس الشعب السوداني والاستماع لمطالبه والاستجابة لها، لأنه هو القادر على تحريك الأحداث وإحداث الفعل وليست هذه الأحزاب المتهالكة الجبانة التي لم تقدم أي عربون يشفع لها طوال تاريخها، وأقصد عربوناً مهره الدم والروح كما فعل الشباب اليومين الماضيين من أجل مطالبهم العادلة وحقوقهم الطبيعية.
في كل الأحوال أرجو أن يكون هذا العام عاماً نشهد فيه تغييراً حقيقياً على مستوى السياسات وعلى مستوى من ينفذونها، أرجو أن يكون نبض الشارع قد وصل ووجع الناس لمس عصب الإحساس عند الجالسين في صف المسؤولية الأول.
}كلمة عزيزة
الكليب المسجل الذي عرض في احتفال الحكومة بأعياد الاستقلال داخل القصر الجمهوري رفع ضغطي وضاعف داخلي إحساس الكآبة، وأغنية “أرض الخير” هي أغنية تعودنا عليها، ضاجة بالحياة، موغلة في السوداناوية، تحولت في هذا الكليب إلى مسخ مشوه وسيناريو لا يحفز على المتابعة، وأداء باهت أفقد الأغنية حيويتها.
}كلمة أعز
اللهم أحمِ بلادنا من الفتن وأجمع أهلها على كلمة سواء.