عز الكلام

ثم ماذا بعد؟؟

يبدو أن الغمة في طريقها للانقشاع، والأنفاس بدأت تهدأ وحالة الغضب التي عمت بعض المدن السودانية قد انخفضت فيها إلى حد كبير، معدلات الحمى التي كادت أن تتحول إلى غليان، والذين خرجوا إلى الشارع هم بلا شك عبّروا تماماً عن أحوالهم وأحوال آخرين لم يبارحوا منازلهم ولم يخرجوا للشارع، لكنهم كانوا على استعداد وتأهب للخروج والتعبير عن ذات الغضب والانفعال، لأنهم واطين ذات الجمرة، ولعل هذه الأيام العصيبة كانت بروفة بسيطة لما يمكن أن تؤول إليه حال هذه البلاد إن انفرط عقدها وتناثرت حبات أمنها، وأنا على ثقة أن الذين خرجوا يهتفون مطالبين بلقمة العيش الكريمة وبالوفرة، مستحيل أن تمتد أيديهم إلى خراب أو دمار، لكن الشيطان هذه المرة لم يكمن في التفاصيل، بل هو احتل الخطوط العريضة وحاول أن يشكل المشهد بلون أسود، والاحتجاجات السلمية تحولت فجأة عن مسارها وأهدافها لتبدأ حلقات من الحرائق والدمار الذي استهدف منشآت حيوية هي ملك للمواطن، وهو المستفيد منها في المقام الأول، وهي محاولة متوقعة لسرقة هذه الاحتجاجات وتحويلها إلى ميدان الانتقام والفوضى، لكن خلوني أسأل وأقول وقد هدأت الأحوال إلى حد كبير، ثم ماذا بعد والرسالة قد وصلت تماماً ومختومة بعلم الوصول للحكومة، وعبّرت تماماً عن نبض الشارع وأوصلت صوت الغلابة الذين اكتووا ما فيه الكفاية من الغلاء والضيق وعسر الحال، وهو حال كان يمكن أن تستدركه الحكومة منذ وقت طويل لو أنها استمعت للأصوات الناصحة التي ظلت تنبه للأخطاء وللقصور بدلاً من التمادي في ركوب الرأس وارتكاب سياسات تسببت في ما وصلنا إليه الآن من تخبط اقتصادي عنوانه التجريب الذي تحول لتخريب، لأنه غير مبني على دراسات أو منطق أو حتى فهم وتوهان سياسي جعل بوصلتنا تتأرجح بين التحالفات ودوائر النفوذ العالمي، لنعيد السؤال ثم ماذا بعد، ولنفترض أن هذه الاحتجاجات انتهت إلى ما انتهت عليه حتى هذه اللحظة، أليس من واجب الحكومة أن تنتبه إلى خطورة الموقف وتبدأ في معالجات وجراحات سريعة، لأنه من حق هؤلاء المواطنين أن يشعروا ويتلمسوا قيمة أصواتهم التي شقت عنان السماء أو غلاوة دمائهم التي سالت على الأسفلت، الناس دي ما قامت وهاجت واحتجت وكسرت حاجز الخوف إلا لأن لديها مطالب حقيقية وهي مطالب عادلة على الحكومة أن تحققها إن كانت حريصة على ألا ينفرط عقد الأمن وألا تصيبنا لعنات الفوضى التي أصابت بعض البلاد التي عمتها ثورات الربيع العربي، على حكومة المؤتمر الوطني أن تعلم أنها هي الآن المسؤولة تماماً أمام التاريخ عن أمن هذه البلاد، لأن التمادي في الفساد والاستبداد والظلم لن يولد إلا الانفجار، والجماهير التي جربت الخروج مرة هي على استعداد أن تكرره ألف مرة، فهل يتداعى عقلاء هذه الحكومة وحكماؤها ويجنبوننا المصير المشؤوم، هل تقف الحكومة على حقيقة أن الحوار الحقيقي هو مع الشارع السوداني وليس مع أحزاب منفوشة زي لقيمات الخميرة، موهومة بأنها تمتلك رصيداً في الشارع، وهذه الاحتجاجات فضحت ضآلة حجمها وتأثيرها على المواطن الذي أكد أنه مالك زمام أمره ويعرف متى يتحدث ومتى يصمت، فهل ستقوم الحكومة بإصلاح حقيقي داخلها وتقف على حقيقة أن جذوة الثورة لا زالت تحت دثار أهل السودان وأنهم كان قاموا صعبين؟

}كلمة عزيزة

هسي الواحد يعلق بشنو على إجابة “مريم الصادق المهدي” على سؤال وجهته لها الـ(بي بي سي) عن علاقة عودة “الصادق المهدي” بالمظاهرات، حيث قالت لا فض فوهها، بالحرف إن عودة الحبيب أعطت دفعة معنوية لتحرك الشعب والمظاهرات لاطمئنانهم بوجود رمز الشرعية بينهم، وأنا أقول للدكتورة القادمة من رحلة أوربية طويلة لم تعرف فيها وقوفاً في صف الرغيف ولم تدافر في المواصلات ولم تخلُ حافظتها من الإسترليني خليك من جنيهنا التعبان ده وما لاقينه، إن معنويات الشعب السوداني استمداها من إرادته ومن وعيه ومن شجاعته ومن تقديره للمواقف، والشرعية التي يعرفها هي شرعية أحقية الغبش في حياة كريمة وحرة، ياخي أختشوا.

}كلمة أعز
اللهم أحفظ بلادنا من الفتن وألف قلوب أهلها على كلمة سواء.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية