عز الكلام

زيارة سوريا ..اللهم أجعله خيراً

‏بذات الكيفية والعقلية التي تشجع بها غالبية أهل السودان فرق كرة القدم وكل زول عنده رأي في المدرب وفي الخطة وفي الحكم وفي الفريق الخصم، وكل واحد خبير فني وعارف تفاصيل الخطة وطريقة إحراز الأقوان، رغم ذلك حكمة الله نحن الطيش في كل المنافسات ونخرج منها بخفي “حنين”، بذات الطريقة تابعت هوجة التحليلات والتفسيرات التي ضجت بها الأسافير بعد زيارة الرئيس الأخيرة إلى سوريا، والكل أصبح فجأة محللين سياسيين ومراقبين دوليين، والكثيرون تبرعوا بجدل منطقي وعقلاني وآخرون بدجل سياسي فيه كثير من التجني والتعمد (لتبييش) الزيارة وإظهارها بمظهر الخطوة غير الموفقة والمهددة للموقف السوداني من مجمل القضايا العربية والدولية.
وخلوني أقول في البداية إن السياسة ظلت وستظل لعبة فيها الكثير من المغامرة وهو ما يمنحها هذا السحر والغموض والسرية وعمرها لن تصبح وأقصد السياسة، جسماً زجاجياً يكشف ما وراءه، لذلك أنا أنظر لزيارة الرئيس بهذا المنظار ولا أظن أن الرجل صحا من نومه وقرر فجأة ركوب الطائرة والاتجاه بها نحو دمشق، ليجد نفسه مصافحاً “بشار الأسد”، وهذه المصافحة بالتأكيد جاءت بعد حراك طويل عريض في الكواليس مبني على منطق وعلى رؤية على الأقل من وجهة نظر الرئيس، هو منطق صاح أو خطأ في النهاية، لن يخرج من كونه جزءاً من غموض السياسة ودهاليزها، بدليل أن الزيارة كانت سرية ولم يعرف بها أحد إلا والرئيس يحلق فوق مطار الخرطوم في رحلة العودة.
طيب وبالمناسبة للذين يقولون إن الرئيس اتخذ قراره منفرداً ولم يشاور حزبه، أقول ليهم ومالو وجزء أصيل من إرادة القائد أن يتخذ بعض القرارات المصيرية بحسم وانفراد طالما أنه يعلم أن من يتحمل نتائجها والتاريخ شاهد عليه.
لكن يبقى السؤال المهم وقد تمت الخطوة المفاجئة، ثم ماذا بعد؟؟.. هل أخيراً وعى السودان إلى أهميته كلاعب مهم في المنطقة وأنه قوة لا يستهان بها وأنه أسد رغم الجراح التي أصابته طوال السنوات الماضية؟؟.. هل ما وصلنا إليه من أزمة اقتصادية جعل العقلية السياسية السودانية تستيقظ وتبدأ في إنتاج أفكار جديدة لنخرج بها من هذا المأزق الكبير، وفي ذات الوقت لا نفقد الثوابت والإرث الأخلاقي الذي هو إرث سوداني وبحصرية مطلقة؟؟.. فهل سيخرج الرئيس على شعبه ويشرح دواعي الخطوة ومسبباتها وينهي حالة التفسير والتحليل التي تزيد الموقف تعقيداً؟؟
الدايرة أقوله إنني على ثقة مطلقة أن “البشير” إطلاقاً ما ممكن يشيل أصبعه ويطبظ عينه، وكل الظروف الخارجية والداخلية المحيطة به كفيلة أن تجعله يفكر ألف مرة قبل أن يضع قدمه في أي مكان في الأرض، لأنه يعلم تماماً أنه المسؤول الأول عن تلك الخطوة التي إن كانت في مصلحة شعبنا، فلتكن مع سوريا أو حتى مع الشيطان، ليس مهماً وكل من هم حولنا لاعبون في اتجاه مصالحهم، والتحالفات ما عادت بذات القيم والمبادئ العتيقة، التحالفات الآن قائمة على مبدأ اليتغلبو العبوا، أرجو أن نكون قد بدأنا اللعب الصاح لأننا مصابون بجلطات قاتلة في الداخل وما أظننا حمل أي جلطة أخرى.
}كلمة عزيزة
أجد العذر تماماً لرجل الشارع إن لم يتحمس لزيارة الرئيس إلى سوريا بما تستحق من حماس وأشواق الناس وغاية آمالهم أن يفرج الله عنا الأزمة والخنقة الاقتصادية الضاغطة، وربما في مقبل الأيام نتلمس أهمية الخطوة، أقول ربما.
}كلمة أعز
حديث وزير الدولة للخارجية عن هذه الزيارة لم يكن شافياً ولا وافياً ولا واضحاً، نحن في انتظار أن يتكلم الرئيس.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية