وظائف لمقاسات خاصة!
سياسة التعليم العالي والتوسع في الجامعات السودانية وجدت آراء متباينة فمنهم من وقف مع التجربة باعتبار أن فرص التعليم الجامعي قد توسعت ووجد الطلاب والطالبات فرصاً لمواصلة تعليمهم الجامعي بعد أن فقد الآلاف فرص مواصلة الدراسة الجامعية نظراً لقلة الجامعات السودانية والمحصورة في جامعة الخرطوم وأم درمان الإسلامية والقاهرة الفرع “النيلين حالياً” وكلية الفنون الجملية أو معهد الكليات التكنولوجية، فقلة الجامعات السودانية جعلت الراغبين في مواصلة تعليمهم يغادرون البلاد للالتحاق بالجامعات المصرية أو اليوغسلافية أو المغربية أو الهندية أو الروسية، ولكن انتشار الجامعات السودانية بعد السياسة التي وضعت خلال فترة التسعينيات فتعددت الجامعات حتى فاقت العشرين جامعة بل امتدت إلى ولايات السودان المختلفة فأصبحت هناك جامعة شندي والمحيريبة والجزيرة والفاشر، وعلى الرغم من التوسع في الجامعات إلا أن هناك بعض الآراء الأخرى التي لم تعجبها تلك السياسة فرأت أن الجامعات الجديدة تفتقر إلى الأستاذ الجامعي المدرب والمؤهل كما تفتقد إلى المعامل، وحتى البيئة الدراسية لم تكن أفضل فتم انتقادها باعتبار أن الجامعات أصبحت أشبه بالكناتين وليس لها مقومات الجامعة، ولكن رغماً عن ذلك فقد ساهمت وساعدت الجامعات السودانية في إيجاد فرص للطلاب الناجحين بدخول الجامعة بدلاً عن الذهاب لسوق العمل بالشهادة الثانوية، وهذه كانت واحدة من الإشكاليات التي تواجه الطلبة الناجحين في وقت مضى عندما يجدوا فرصاً لارتفاع نسبة الدخول بالجامعة، فإما أن يتجه الطالب إلى الجامعات الخارجية وإما أن يبحث عن وظيفة بالشهادة التي حصل عليها.
لقد عبرت سياسة التوسع في الجامعات بغض النظر عن إيجابياتها وسلبياتها، ولكن واجه خريجو الجامعات مشكلة بعد التخرج فأصبح الكم من الخريجين هائلاً وفرص الوظائف قليلة ولذلك أصبح معظم الخريجين إما عطالى وإما يعملون في مهنة لا تشبه الشهادات التي حصلوا عليها.
بالأمس زارني تربوي قضى نصف عمره في التعليم تحدث إلى بأسى وحسرة شديدة والسبب أن ابنته التي تخرجت في الجامعة الأهلية كلية الاقتصاد قسم المحاسبة منذ العام 1998م، وقد نالت فرص تدريب ودروس تقوية في اللغة الإنجليزية ولكن عمنا الأستاذ “أحمد عثمان” الذي عمل لأكثر من ثمانية أعوام بالمملكة العربية السعودية أعطاها من وقته وشبابه كما كان يقدم لحكومة السودان مبلغاً مالياً سنوياً وهو عبارة عن المساهمة الوطنية بالإضافة إلى الضريبة، وقال لم يتأخر عن واجب الوطن قال بعد هذا العمر لم تجد ابنته التي كادت أن تصل إلى سن المعاش ما زالت تبحث عن وظيفة، ووزارة العمل تعلن عن اعتماد ثلاثة آلاف وظيفة عمل للخريجين، ولكن الفرص ليست متاحة لأبناء الغبش كل الوظائف مفصلة وجاهزة لأبناء الوزراء والولاة والمسئولين ومعارفهم، أما من لم يجد واسطة فمصيره أن يحصل على المعاش دون أن يكون قد التحق بأي وظيفة حكومية.
إن سياسة التوظيف حقيقة غامضة ولا أحد يعلم أين تذهب تلك الوظائف المعلنة ومن هم الذين يلتحقون بتلك الوظائف إن كانت في الخارجية أو الداخلية أو المالية أو البنوك أو غيرها من المؤسسات التي لا نرى فيها هؤلاء الغبش.. وظائف مفصلة لأبناء الذوات والمنعمين أما الغبش فممنوع الاقتراب منها.