تقارير

السمسم بأسواق المحاصيل بين المضاربات والواقع

وصل سعر القنطار إلى (4330) جنيهاً

القضارف – سليمان مختار
على نحو غير مسبوق ارتفع سعر محصول السمسم بأسواق محاصيل القضارف ، حيث قفز سعر المحصول قفزات كبيرة تجاوزت السعر العالمي الذي يبلغ (1600) دولار لطن السمسم الأبيض مقارنة بسعر قنطار السمسم الذي بلغ (4330) جنيه ،وأثار ذلك حيرة التجار والمزارعين واستفهامات حيال الأسباب التي أدت لهذا الارتفاع المفاجئ ،وما تأثير ذلك على مجريات حركة البيع والصادر والصناعات الزيتية .
يعد محصول السمسم من المحاصيل النقدية التي ترفد الخزينة القومية بالعملات الصعبة، وتأتي ولاية القضارف في مقدمة ولايات البلاد في إنتاج صادر السمسم بسبب المميزات والجودة العالية التي يتمتع بها ،خاصة السمسم الأبيض الذي يتزايد الطلب عليه في الأسواق العالمية لجهة أنه طبيعي وخالٍ من الإضافات .
وزير المالية والاقتصاد بولاية القضارف “عمر محمد نور” خلال حديثه في تدشين افتتاح موسم التسويق بأسواق المحاصيل بالقضارف، توقع أن ترفد الولاية الخزينة العامة بحوالي (3) مليارات دولار من حصيلة صادر السمسم لهذا العام ،فيما كشف مدير أسواق المحاصيل “مصطفى أحمد الحسين” خلال حديثه لـ(المجهر) أن أعلى سعر لأردب محصول السمسم داخل أسواق المحاصيل في العاشر من الشهر الجاري بلغ (4330)جنيهاً ، وبالتالي بلغ سعر القنطار (4370) جنيه ،مشيراً أن حجم الوارد من السمسم في زيادة مضطردة، وأن هناك تفاوتاً ما بين حجم الوارد اليومي ما بين (21) ألف جوال إلى (15) ألف جوال، وكشف أن جملة الوارد في الفترة ما بين العاشر من نوفمبر وحتى الحادي والعشرين من ذات الشهر بلغت (235) ألف جوال، وتوقع ارتفاع تدفقات السمسم خلال الأيام المقبلة، ولفت إلى تنافس أكثر من (90) شركة بالسوق .
وأشار إلى أن الأسعار الحالية تعتبر مجزية للمزارعين قياساً بسعر تكلفة الزراعة في مراحلها المختلفة .فيما رأى مراقبون أن السعر الحالي للسمسم بغير الواقعي ، ونتيجة للتنافس بين الشركات والتجار خاصة بعد سيطرة التجار والشركات على المحصول من المزارعين وطفقوا يمارسون المضاربات داخل السوق من قبل ما يسمى بالمطلعين الذين يسيطرون على السوق ويحاولون رفع سقوفات توقعاتهم حول ارتفاع السعر خلال الفترة القادمة بعد أن نما إلى علمهم أن هنالك توقعات بارتفاع سعر الدولار في السوق الموازي ،وهذا يشجع ارتفاع السعر بوتيرة غير واقعية تجافي واقع السوق الحالي الذي تنعدم فيه السيولة منذ انطلاقة عمليات التسويق.
ويمضي الخبير الاقتصادي الدكتور “خالد عبدون” من خلال حديثه مع(المجهر) في ذات الاتجاه، وأعرب عن استغرابه للقفزة الكبيرة التي شهدتها الأسعار في بورصة أسواق المحاصيل، راداً ذلك لعدة أسباب أجملها في التنافس الشديد بين الشركات والمشترين وأن كلُ منهم يحاول إقصاء الآخر وهو ما يعرف في الاقتصاد بالمطلعين وهم أشخاص يمتلكون معلومات حصرية ودقيقة ومقدرة وحساسة تمكنهم من قراءة اتجاهات السوق ومآلات الأسعار الحالية والمستقبلية، لافتاً إلى أنهم يحصلون على هذه المعلومات من جهات نافذة بالدولة وأخرى عالمية على ضوئها يشرعون في شراء تلك المحاصيل بناء على تلك المعلومات التي تتعلق بمحصول السمسم والاحتمالات المتوقعة بارتفاع أسعاره عالمياً أو ارتفاع سعر الدولار مقارنة بالعملة المحلية، فضلاً عن علمهم التام عن محدودية إنتاج السمسم لهذا العام.
وفي حديثه (للمجهر) اتفق التاجر “عبد الوهاب محمد” مع ما ذهب إليه محدثنا السابق من غموض داخل السوق بعد سيطرة الشركات والتجار على المحاصيل، وأضاف إن هنالك طرقاً للبيع بالسوق وأن سعر أردب السمسم بالكاش يبلغ (12) ألف جنيه فيما يبلغ سعره بالشيك (14,5) ألف جنيه إلى (15) ألف جنيه، وأقر بأن هنالك عمليات تجري داخل ما يعرف (بالكسر أو الكتفلي) داخل السوق وهي تكمن في عمليات البيع بالكاش في حال تم بيع المحصول بسعر (100) ألف جنيه يتم منح البائع مبلغ (82) ألف جنيه، وأن فئات عريضة من المزارعين يضطرون للبيع بالكسر بسبب شح السيولة للإيفاء بالتزاماتهم المالية تجاه البنوك والعمال وسداد كلفة الزراعة.
وأوضح أمين عام شعبة تجار المحاصيل بولاية القضارف “أسعد الضو” خلال حديثه لـ(المجهر) أن ثمة مخاطر قد تترتب على صادر السمسم بعد تجاوزه للأسعار العالمية، وأرجع ارتفاع سعر السمسم إلى المضاربات التي تحدث بين بعض الشركات الحكومية والتجار ،وقال إن تجار الصادر تكبدوا خسائر فادحة جراء تلك المضاربات وسيفقدون الفائدة لمنتج السمسم من أجل الصادر نتيجة لتلك المضاربات والمفارقات في الأسعار المحلية والعالمية لجهة أن سعر طن السمسم عالمياً بلغ (1600) دولار للطن فيما بلغت تكلفة تصديره حتى الشحن في السفن (2170) دولار ،لافتاً إلى عدم واقعية السعر في ظل انعدام السيولة، مشيراً إلى عودة الأسعار إلى مسارها الطبيعي الذي يتفاوت ما بين (3000) و(3300) للقنطار ، وبدأ يقترب من هذه الأسعار حيث بلغ سعر القنطار يوم أمس (الخميس)، (3899) وفقاً لمتطلبات السوق التي تخضع للعرض والطلب، كاشفاً عن عدد من المعوقات التي تواجه الصادر بسبب انعدام السيولة أجملها في إيفاء التجار بالتزاماتهم تجاه عمال الشحن والتفريغ وإكمال عمليات النقل والشحن إلى ميناء بورتسودان، وهدد بإيقاف تجار المحاصيل بالسوق لعمليات الصادر، وناشد حكومة الولاية وبنك السودان بتوفير السيولة وإزالة كافة المعوقات لضمان انسياب عمليات الصادر بالصورة المطلوبة ،لاسيما أن السمسم من المحاصيل النقدية التي تحتل مكانة مرموقة من صادرات البلاد التي ترفد الخزينة العامة للدولة بالعملات.
و قال المصدر وتاجر المحاصيل بالولاية “فيصل عبوده” إن ارتفاع الأسعار أثر في مشتريات السمسم من أجل الصادر، مشيراً إلى أنهم يقومون بشراء كميات قليلة من أجل مجاراة السوق إلا أنه عاد وقال إن هناك شركات حكومية وبعض المصدرين يقومون بالشراء من أجل الحصول على العملات الحرة للإيفاء بالتزاماتهم من دفعيات استيراد واستجلاب بعض البضائع من الخارج.
بالمقابل قال عدد من المراقبين الاقتصاديين بالولاية ، إن ارتفاع أسعار السمسم سوف يلقي بظلاله السالبة على قطاع صناعة الحبوب الزيتية بالولاية والبلاد ، وإن كثيراً من مصانع الزيوت ومصانع حلويات الطحنية قد تعجز عن الشراء الخاص بمدخلاتها الصناعية، فيما قال مدير إحدى شركات مصانع الطحنية والزيوت بالولاية ،والذي رفض ذكر اسمه، خلال حديثه لـ(المجهر) إنهم بدأوا في شراء كميات من محصول السمسم حين كان السعر في حدود (3000) جنيه للقنطار ،وكان السعر مناسباً مع حجم كلفة الصناعة والتسويق إلا أنهم توقفوا عن الشراء عندما بلغ سعر القنطار (4300) جنيه لجهة عدم تغطية تلك الأسعار الكلفة الصناعية للمنتج، وتوقع أن يؤثر سعر السمسم على قطاعات مصانع الزيوت والطحنية ليس في الولاية فقط بل في كافة أنحاء البلاد، وأنهم ربما يضطرون للتوقف عن شراء المحصول لأغراض التصنيع الغذائي أو من أجل الصادر لمنتجاتهم الخام، وناشد الدولة بالتدخل لإيقاف ما وصفه بالمضاربات التي تحدث في أسعار المحصول ،مشيراً لأهميته باعتباره المحرك الأساسي لقطاع الصناعات الزيتية ، وأنه يسهم في رفد الميزان التجاري للدولة بمبالغ مقدرة .. يذكر أن عدداً من الخبراء توقعوا وصول سعر أردب السمسم إلى مبلغ (20) ألف جنيه بواقع سعر القنطار (5) آلاف جنيه.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية