التخريبية أصبحت انقلاباً!!
اعترف مدير جهاز الأمن والمخابرات “محمد عطا المولى عباس” بأن المحاولة التخريبية لم تكن محاولة تخريبية وإنما انقلاب 100%! وأعد بيانه الأول، ومن قبل اعتراف مدير جهاز الأمن اعترف النائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ “علي عثمان محمد طه” بأن الذين قاموا بالمحاولة (هم أولادنا وستتم محاسبتهم). لقد جاهد الإسلاميون منذ زمن طويل على اعتلاء السلطة والعمل على تغيير المجتمع والعمل على تحكيم كتاب الله، وبذلوا جهداً مقدراً في ذلك ودخلوا السجون وهم طلبة في ريعان الشباب، بينما قلة من الكبار تعرضوا للاعتقال .. فالذين على دفة السلطة الآن هم من الجيل الثاني والثالث أو الرابع والذين كانوا أكثر حماسة للتغيير، ولكن يبدو أن انتظار التغيير بالطرق السلمية لم يتم فجاءت عبر انقلاب عسكري لتجنيب البلاد مخاطر عدد من الانقلابات حسب ما جاء في أقوال منفذي العملية الانقلابية، إذ إن وقتها إبان الديمقراطية الثالثة كانت الفوضى عارمة والمطالب كثيرة والحكومة لم تتمكن من حسم الأمور، مما شجع عدداً كبيراً من التنظيمات السياسية على الترتيب لإجراء عملية التغيير عبر الانقلاب العسكري. فالإسلاميون عندما اعتلوا السلطة كان التفكير أن يخطوا نهجاً لحكومة إسلامية تحتكم بأمر الله وتكون أنموذجاً لحكومات قادمة بالمنطقة، ولكن تسرع الإسلاميين ألب عليهم الغرب والولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تخشى من الإسلام السياسي وسارعت بمحاربتها وحرضت الغرب وبعض الدول العربية أن تقف ضدها وقد كان .. حاولت الحكومة جاهدة أن تحدث نوعاً من التغيير في مناحي الحياة المختلفة ولكن بعض المتعطشين إلى الثراء وإلى المال إن كانوا من الإسلاميين أو الذين تأسلموا بعد ذلك لقد أفسدوا كل شيء، وأصبح الحديث عن الفساد والثراء الحرام على (قفا من يشيل) حتى ولو لم يقدم فاسد إلى المحكمة ولكن الشريعة عليها بالظاهر.. التطاول في البنيان والعربات الفارهة كلها كانت دلائل على الفساد، إن السلطة فتنت الكثيرين، وإسلاميو الأمس الذين كانوا يعبدون الله ويخافون حسابه، اليوم ليس لهم همٌ إلا كيف يثرون، كيف تتمدد شركاتهم داخل وخارج الوطن كيف يمتلكون آلاف الدولارات، كيف يسافرون إلى دول العالم؟ لا يهمهم المشروع الذي ناضلوا من أجله عشرات السنين، لقد كانوا أحباباً وأصدقاءً، اليوم أصبحوا أعداءً كلٌ يضرب أخيه، كلٌ يحفر للآخر، كيف يأخذون اللقمة من فم الآخرين لا يوقفهم وازع ديني، أو ضمير، الكثير منهم آثر الصمت ونأى بنفسه حتى لا يدخل في معترك ليس هو أهل له.
بعد أن تولى الإسلاميون السلطة اعتقد البعض أن عهد الانقلابات العسكرية قد ولى وأن الإسلاميين قبضوا على زمام الأمر ولن تستطيع أية جهة أن تفكر في عمل عسكري ثانٍ، نظراً للقبضة الحديدية وإغلاق كل المنافذ على الطامعين في السلطة، وبذلك ظلت المعارضة تحدث ضجيجاً ولكن لا حياة لمن تنادي.. لم يظن أحد أن الإسلاميين الذين أحدثوا التغيير بإمكانهم أن يحدثوا تغييراً آخر، ولذلك جاءت المحاولة التي قيل إنها تخريبية في بادئ الأمر واتهم فيها مدير جهاز المخابرات السابق مع آخرين، يتحول الحديث الآن إلى انقلاب حقيقي الإسلاميون يجتمعون يومياً ويعرفون كل صغيرة وكبيرة داخل وخارج الوطن وإذا كانت هناك مبررات لأي نوع من التغيير يتم في العلن وليس عن طريق الدبابة التي قيل انتهى عهدها، ولماذا وما هي الأسباب والدوافع لذلك؟، كلها أسئلة حائرة الآن عن المحاولة الانقلابية فهل شهية الإسلاميين للحكم مازالت مفتوحة. ألم ينظروا إلى أنفسهم وإلى وجوههم، كيف تبدلت وتغيرت بسبب الحكم، كيف أصبح الشباب كهولاً، عودوا كما كنتم عليه حتى لا تخسروا الدنيا والآخرة، والله يؤتي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء.