على الرغم من أن مهنة الطبيب مهنة إنسانية ومن يدخلها يعلم تماماً أن المولى اصطفاه لتطبيب جراحهم، ولا ندري هل علم الطب الذي يدرسه الطبيب السوداني، وأي طبيب في العالم بيختلف وله هو نفس الطب (ونفس الأمراض التي يصاب بها الإنسان الملاريا والتيفويت والقلب والشرايين والحمى والصداع والكسور وأمراض البطن والصدر والرأس وغيرها من الأمراض، لقد عانى المريض السوداني من المستوصفات الطبية التي من المفترض أن يبدأ الطبيب بها علاج مرضاه وليس التفكير في جمع المال، إن المهنة إنسانية في المقام الأول وليست بقالات للربح والخسارة.. ولكن يبدو أنها أصبحت للربح أكثر منها مهنة إنسانية، المستوصفات تمت تهيئتها بصورة جميلة جدا ولكن الطبيب الذي يدخل للكشف على المريض يبدو أن هناك إشكالية بينه وبين زميله الذي نال نفس شهادة الطب من الخرطوم أو (مأمون حميدة) أو من بريطانيا، فالمراجع الطبية واحدة وإن اختلف المحاضر، فكثير من التشخيص الطبي نجد به أخطاء، مما جعل المريض السوداني يلجأ إلى العلاج بالخارج والمشكلة ليست في الأجهزة الطبية الحديثة وإنما في الطبيب نفسه فالثقة أحيانا مفقودة بين المريض والطبيب وهذا أدى إلى أن المريض السوداني دائماً يحمل حقائبه ويذهب إلى الأردن أو مصر أو الهند أو غيرها من المشافي الخارجية طلباً في التشخيص السليم، فأحياناً المريض يذهب إلى طبيب بعينه وبعد أن يدفع دم قلبه من مال في الفحوصات والروشتات وصرف الأدوية وعندما يقابل طبيباً آخر يقوم بإلغاء كل الفحوصات السابقة والأدوية التي كلفته الملايين، ليبدأ رحلة جديدة من الفحوصات وروشتات جديدة، من يتحمل خطأ طبيب سابق؟ وهل هو فعلاً خطأ أو استعراض عضلات أطباء أو تبخيس دور الطبيب الأول، قبل أيام ذهبت إلى أحد المستوصفات الجديدة بمدينة الثورة، وبعد مقابلة الطبيب وكتب التأكد من المرض عبر الفحص المعملي ذهبنا وأتينا بالفحص وعلى ضوئه تمت كتابة الروشتة حقن بآلاف الجنيهات وأدوية مختلفة تقدر أيضاً بآلاف الجنيهات، يعني في أقل من ساعة صرفنا الآلاف، بعد يوم رجعنا نفس المستوصف فقابلنا اختصاصي آخر طلب زيادة فحوصات بآلاف الجنيهات ثم كتب روشتة أيضاً بآلاف الجنيهات بعد أن قام بإلغاء العلاج السابق والفحص السابق، ولكن بعد الفحص الثاني كانت النتيجة التي طلبها هي نفس النتيجة، لكن الفرق زيادة في كشفه وزيادة في قيمة الفحوصات الجديدة وزيادة في قيمة تكلفة العلاج الجديد، لا أدري هل فعلا الأطباء السودانيين تنقصهم الخبرة؟ أم هي انعدام ثقة في ما بينهم، ولذلك كل طبيب لا يعترف بما كتبه زميله فيقوم بالتشخيص من جديد ليحصل على المال، ولماذا الأطباء بالخارج يكون علاجهم من أول مرة دون اللجوء إلى تشخيص من جديد، ولماذا انعدمت تلك الثقة بين المريض والطبيب مما دفعه للبحث عن العلاج بالخارج، حتى وزير الصحة الاتحادي السابق “بحر إدريس أبو قردة” نشر له مقطع فيديو وهو يتعالج بإحدى الدول الشرق آسيوية، فهل وزير الصحة لا يثق في الطبيب السوداني ولذلك طلب العلاج بالخارج؟ إن مشكلة العلاج تعد من الأزمات التي تواجه المرضى السودانيين وتزداد الأزمة بارتفاع أسعار الدواء التي لا يستطيع المريض محدود الدخل عليها.. إن المريض الذي يحاول أن يذهب إلى الصيدليات لصرف أقل روشتة إذا لم يحمل في يده آلاف الجنيهات فعليه ألا يتحرك من مكانه لأن الأسعار صادمة ولابد من تدخل الدولة.