على الرغم من أن الإخوة الجنوبيين اختاروا طريق الانفصال في 2011 وظنوا أن الانفصال سوف يؤدي بهم إلى مواطنين من الدرجة الأولى بعد أن كانوا موطنين من الدرجة الثانية في الشمال، ولكن اتضح لهم بعد الانفصال أنهم ظلموا الشمال بتلك الفرية الكاذبة وأن الشمال لا يفرق بينهم وبين كل أبناء الشعب السوداني، لذا حينما وقعت الخلافات بين الحكومة والمعارضة بعد الانفصال واتجه الكل لحل المشكلة دولياً أو إقليمياً ما كان الحل إلا عبر دولة الشمال، فارتضت حكومة “سلفا كير” والمعارضة بقيادة دكتور “مشار” أن الحل لابد أن يكون عن طريق الرئيس “البشير” فتولى “البشير” ملف سلام الجنوب، وجمع الفرقاء لعدة أيام بالخرطوم حتى كللت المساعي بين حكومة الشمال والحكومة والمعارضة بالجنوب على طي الخلاف، والتوصل إلى سلام دائم يساعد على تنمية ونهضة الجنوب، إن انهاء الحرب بالجنوب يساعد على إقامة جسر من التواصل بين كل الفرقاء، لقد وقف رئيس الجمهورية على كل سلام الجنوب من الألف إلى الياء كيف لا وهو الذي تعول عليه القارة الأفريقية على تحقيق السلام بالمنطقة التي تعج بالحروب والصراعات التي أنهكت القارة السمراء وشردت شعوبها، فالسودان الآن يُعد من أكثر دول المنطقة في نزع فتيل الحرب ويعمل على تحقيق السلام كما بدأه بدولة الجنوب التي تشهد اليوم التوقيع النهائي على الاتفاق الذي فاده السيد الرئيس بين “سلفا كير” والدكتور “رياك مشار” أي بين الحكومة والمعارضة فبالتوقيع النهائي اليوم تكون الحكومة والمعارضة قد طويا صفحة من الماضي، ويكون الرئيس “البشير” قد دخل التاريخ من أوسع أبوابه بإنهائه الحرب وتحقيقه السلام، فالسلام الذي تشهده دولة الجنوب اليوم سينعكس إيجابا على الدولتين فكل واحدة محتاجة إلى الأخرى خاصة وأن هناك العديد من الاتفاقيات التي يمكن أن تحرك بعد استتباب الأمن بالمنطقة، أهمها حركة التجارة هنا وهناك فالشمال يمكنه أن يساعد دولة الجنوب في توفير المواد الغذائية والتي تقدر بأكثر من مائة سلعة أو تزيد، كما الشمال يمكن أن يستفيد من البضائع أو السلع التي يزخر بها الجنوب على رأسها الأخشاب والمانجو والأسماك وغيرها من المنافع المشتركة بين البلدين، فالرئيس “البشير” بعد أن نجح في طي ملف الجنوب الشائك يمكن أن تعول عليه دول الجوار الأفريقي في الإسهام في حلحلة مشاكلها فأفريقيا الوسطى في حاجة إلى مساعدة السودان وتشاد والنيجر وغيرها من دول الجوار الأفريقي، فالسودان بمثابة الأب الروحي لتلك الدول، خاصة وأن الرئيس “البشير” وجد إجماعاً منهم جميعاً، لذا نتوقع أن يكون هناك تجمع بينهم وهو أشبه بالتجمعات أو الاتحادات التي تعمل على تعزيز أواصر الصداقة بينهم، فالقارة الأفريقية في حاجة إلى مثل هذا التعاون أو الترابط للاستفادة من ذلك في المحافل الدولية لأن كل أهل المنطقة في حاجة إلى وقفة بعضهم البعض في القضايا المصيرية، فاليوم يعد ميلاد جديد يكتبه التاريخ بمداد من نور لتلك الدولة التي بدأت تتلمس طريقها نحو الاستقلال والأمن والاستقرار.. كيف لا وإن دولة الجنوب الآن تحظى بكميات وفيرة من البترول فإذا ما استغل فقط يمكن أن تعيش كأفضل دول المنطقة ناهيك عن بقية الثروات الأخرى الغابية والزراعية والمعادن الأخرى، فالرئيس “البشير” اليوم سيكون رجل السلام الأول بعد أن اتهمته بعض القوى الأخرى بأنه ساهم في فصل الجنوب، فالتاريخ كفيل بكتابة صنائع البشر إيجاباً أو سلباً، فاليمضي الجنوب إلى غاياته محققا الأمن والسلام والاستقرار لشعبه. واليوفق الرئيس “البشير” في كتابة تاريخ جديد للمنطقة أمناً وسلاماً واستقراراً.