(قبقبة) هل تجذب مستثمري الذهب؟!
ربما إغلاق حكومة الجنوب في وقت مضى (بلوفة) أنابيب النفط ومنعها من الضخ عبر أراضي الشمال كانت سبباً ليفتح الله على هذا الشعب بمورد اقتصادي آخر متمثل في الذهب الذي أخرج كثيراً من أبناء الشعب من أزمتهم الاقتصادية، كما ساعد الدولة إلى حد ما في إنعاش الخزينة بجزء من العملة الصعبة التي تأثرت بعدم ضخ النفط من الجنوب إلى الشمال.
انفتحت أبواب السماء بالذهب في العديد من المناطق بكردفان والمناطق الشمالية التي هرع إليها المواطنون زرافات ووحداناً، بعد أن تأكد لهم أن الأرض مليئة بخام الذهب، وتحولت أسر كثيرة من حالة الفقر إلى حالة الغنى، وترك بعض المواطنين الزراعة واتجهوا إلى الذهب الأصفر بعد أن ضن أبناء الجنوب على الشمال بالذهب الأسود الذي سكبوا فيه العرق ليخرج وتحمله السفن إلى الموانئ العالمية.
بالأمس كنت في زيارة برفقة وزير الدولة بوزارة المعادن “سراج علي حامد”، ووكيل الوزارة ووزير التخطيط العمراني بنهر النيل ممثل الوالي، ومعتمد أبو حمد، وعدد من المسؤولين الآخرين بوزارة المعادن.
طارت بنا طائرة الشرطة من مطار الخرطوم إلى منطقة التعدين العشوائي التي تحولت إلى شركة مناجم العالمية التي يديرها عدد من المهندسين المغاربة بجانب عدد من المهندسين والعمال السودانيين.
في أثناء الرحلة إلى منطقة (قبقبة) التي تبعد ثمانين كيلو متر عن أبو حمد، من أعلى الطائرة شاهدنا حفريات متعددة للتنقيب العشوائي قبل أن تتحول المنطقة إلى المغاربة الذين حولوها إلى منجم حديث للتنقيب استخدمت فيه كل أدوات التنقيب الحديثة الحفارات و(التانكرات) والمعامل المختلفة ومناطق صهر الذهب وإزالة الشوائب.
لفت نظري القطاطي المتعددة والتي شيدت لسكن المهندسين والعمال السودانيين والمغاربة، كما لفت نظري الحمامات التي شيدت على أحدث طراز وكذلك المطعم الذي يشبه فنادق خمس نجوم، وتحولت لكنة المهندسين المغاربة إلى اللكنة السودانية “يازول وماش وين” وكثير من المفردات التي يستخدمها السودانيين. مدير شركة مناجم العالمية “محمد راشد” قدم شرحاً للوفد عن بداية الشركة وبداية العمل التجريبي لها والكميات التي أنتجت حتى الآن والفترة الزمنية التي يتوقع أن يرتفع فيها الإنتاج.
الباشمهندس “محمد” متفائل بإنتاج كبير من خام الذهب بالمربعات التي صدقت لهم وزارة المعادن فيها، وقال إن الشركة أنتجت خلال شهرين حوالي ستة عشر كيلو من الذهب، ويتوقع أن يبدأ الإنتاج الحقيقي بنهاية عام 2012م وهو طن في العام ترتفع الكمية لتصل إلى اثنين وخمسين طناً خلال عشر سنوات تقريباً، وقال إن تكلفة المشروع قد بلغت (183) مليون دولار، فيما بلغت كلفة الإنتاج التجريبي عشرة ملايين دولار، وتم حفر (92) ألف متر، وبلغ عدد الحفر التي تم حفرها حتى الآن (920) حفرة، إن منطقة (قبقبة) ستُعد أحد المواقع الرائدة في استخراج الذهب وبها ستتحول المنطقة إلى منطقة جاذبة للمستثمرين العرب أو المستثمرين الذين لهم علاقة بالتنقيب عن الذهب كالفرنسيين والكنديين والماليين بالإضافة إلى أهل المغرب الذين حطوا رحالهم في المنطقة كأول مستثمرين في هذا المجال.. وسيعملون أيضاً على تحويل البيئة من بيئة طاردة إلى بيئة جاذبة ببناء المدارس والمستشفيات وتشييد الطرق، وهذه كلها ستدفع المواطن إلى الاستقرار.عندما بدأت وزارة الطاقة في إنتاج النفط وجاءت الشركات الصينية والماليزية وغيرها من الشركات الأخرى ألزمت الوزارة كل الشركات العاملة في مجال التنقيب عن البترول أن تعمل على تحسين البيئة المحيطة بها وبالفعل شيدت أفضل المدارس الأساس والثانوي وبنيت المستشفيات وأقيمت أندية المشاهدة حتى تحولت المنطقة وما جاورها إلى منطقة صالحة بعد أن كانت طاردة، بذا لابد أن تلزم شركات التعدين عن الذهب بما فعلته وزارة الطاقة من أجل مصلحة المواطن، لتتحول مناطق التعدين وما جاورها إلى مناطق جذب لإنسان الولاية الشمالية الذي طردته البيئة ودفعت به إلى مناطق خارج أرض الوطن.