عز الكلام

“معتز موسى”.. ده الشغل!!

قطع رئيس مجلس الوزراء حالة التشكك من قبل المواطن السوداني حيال جديته في اتخاذ جملة قرارات تصحيحية وإصلاحية ينهي بها مسلسل الفساد والخذلان والفشل الذي أصبح السمة الغالبة لأداء الحكومات السابقة التي تعددت مشاركاتها ومسمّياتها، وشكلت حالة من التوهان والتخبط واللا وضوح لمجمل المشهد السياسي والاقتصادي في البلاد، وظلت الأوضاع الاقتصادية تمضي في طريق الانهيار مما أوجب حتمية التدخل السريع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لذلك استقبل الشارع تشكيل الحكومة الجديدة بمشاعر مختلطة ما بين الأمل والرجاء والشك أيضاً، وظلت المعارضة تتبنى نظرية أن هذه الحكومة ليست سوى (أحمد) الذي يشبه (حاج أحمد) ولن تُحدث التغيير أو تصنع الفرق.. لكن بقراراته التقشفية أمس، أكد “معتز موسى” جدية حكومته في أن يضع نقطة نهاية سطر الترهل والتمدد والفوضى التي كانت سمة أداء الحكومة الماضية.. وقرارات التقشف التي أصدرها دولة رئيس مجلس الوزراء هي بهذه الحيثيات تضرب معقلاً من معاقل الصرف البذخي الذي أرهق الخزانة العامة وأصابها بفقر الدم والأنيميا الحادة.
وخلوني أقول إن قرار سحب عربات “اللاندكروزر” من الدستوريين قرار موفق جداً، لأن استخدام هذه السيارات ذات الدفع الرباعي لم يكن يتم في مساراته المفروضة، بل كانت تُستغل بشكل استفزازي وانتهازي ولن أنسى في حياتي زوجة مسؤول كبير- والكبير الله- جمعني بها أحد صالونات التجميل المخصصة للنساء قبل سنوات من الآن، وكانت السيدة تصطحب معها طفلها الرضيع الذي يبدو أنها لم تحبذ وجوده في جو الصالون المشبع بالأصباغ، فما كان منها إلا أن أبقته مع السائق في عربة الحكومة “اللاندكروزر” لما يقارب الخمس ساعات مستمتعاً (بتكييف العربية أم وقوداً هملة). أصدقكم القول إنني لحظتها شعرت بالغضب ووسوست لي النفس الأمارة بالسوء (أقوم أديها درس في إهدار مال الحكومة) الذي هو مال المواطن المقطوع من لحم احتياجاته وضرورياته الحي، وعلى كده قيسوا كم (لاندكروزر) تجوب شوارع الخرطوم لمدارس الأولاد وحنة المدام ومشاوير النسابة… الخ، لذلك فإن هذه القرارات التي تطفئ مستصغر الشرر من شأنها أن تصب في المجموع الكلي للميزانية التي تفرق دمها إهمالاً وطمعاً وأنانية.. وخلوني أقول أيضاً إن “معتز موسى” فعل حسناً وهو يقفل باب السفريات الخارجية والوفود (البتتطاقش) إلى مؤتمرات لم نحصد لها نتائج ولا نعرف لها مخرجات، ولن أملّ تكرار سرد قصة الدستوري المعروف الذي شاهدته في الشقيقة مصر في (محلات التوحيد والنور) وهو (يتجارى يمين وشمال) داخل المحل متعدد الطوابق وتنتظره في الخارج عربة المراسم التي يُفترض أن تقله حتى المطار وسط نظرات الدهشة من الموظفين الذين أدركوا بحاستهم ومظهر الرجل أنه مسؤول رفيع، ووقفت أنا أذوب خجلاً من هذا المنظر الذي لا يمت للإتيكيت بصلة ولا للبروتوكول بسابق معرفة.
لذلك أجد نفسي محتفية وسعيدة بهذه القرارات، وغيره التي قصد بها “معتز” أن يجري عملية تدبيس معدة الحكومة التي تلتهم وبنهم خيرات هذا البلد عبر بنود ما عندها (راس ولا رِجلين).. لكن يبقى المحك الحقيقي للسيد “معتز” أن يقف ألفاً أحمر حتى تنفّذ كما أرادها بالورقة والقلم ولا تحدث تجاوزات أو استثناءات.. والجميع سواسية في هذه القرارات (والجاي يدلع نفسه يخش سوق الله أكبر ده إنشاء لله يبقى “أوناسيس” ويشتري لروحه طيارة ما شغلتنا).. لكن من ارتضى أن يقود مصائر الناس ويتحمل مسؤولياتهم عليه أن يشاركهم الهمّ ويقاسمهم المعاناة ويعلم أنه كقبطان السفينة التي إن هدّدها الغرق لا يقفز منها حتى يخلي آخر راكب منها، لعلها تفرج ونخرج من هذا النفق المظلم وهو ما ليس بعيداً ولا صعباً إن مضى “معتز” في هذا الطريق السهل جداً والصعب جداً جداً.
{ كلمة عزيزة
لم أصدق أذنيّ وأنا أسمع ما رشّح من أخبار فحواها أن الدكتور “الفاتح الحسن” مدير مكتب الأخ نائب الرئيس السابق “حسبو محمد عبد الرحمن” في طريقه للعمل بإحدى المؤسسات خارج السودان.. وسبب دهشتي أن الرجل وبوظيفته السابقة حتى وقت قريب يعدّ من الصناديق السوداء للقصر الرئاسي، وقد كان مديراً لمكتب نائب الرئيس وفي مكتبه عديد الملفات المهمة.. إذن كيف تأذن الدولة لكبار موظفيها وحاملي أختامها بالعمل في دول أخرى في عالم أصبحت المعلومة فيه توزن بميزان الذهب.. مش كفاية حتى الآن ما قادرين نبلع (مغسة) الفريق “طه” السواها وشهد عليها!
{ كلمة أعز
زيارة الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” لبلادنا في هذه الظروف الإقليمية والدولية المعقدة سياسياً واقتصادياً تؤكد أن الأخوة في مصر مدركون لأهمية السودان كبعد إستراتيجي لبلادهم، لذلك يجب أن تُبنى العلاقة على النّدية والمصالح المشتركة وخد وهات.. ويكفي أننا لم نطالب بقيمة فواتير كثيرة سدّدناها مواقف مشرفة نيابة عن الأمة العربية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية