لقد تكررت زيارة الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” إلى الخرطوم، وهو أول رئيس مصري يزور السودان أكثر من مرة، وإن زيارته اليوم تعد واحدة من الزيارات المهمة بين البلدين، والتي يتم توقيع العديد من الاتفاقيات والبروتوكولات، إن حكام مصر السابقين لم يتعاملوا مع السودان من منطلق المصلحة المشتركة، ولذلك كانت حالات الشد والجذب بينهم كثيرة، وربما إلى القطيعة، ولكن يبدو أن الرئيس “السيسي” اطلع بتروٍ وحكمة على الملف السوداني بعيداً عن الدونية أو الكبرياء، ومن هنا جاءت حالة الهدوء بين الطرفين، ولو نظر رئيسا البلدين الرئيس “عمر البشير” و”السيسي”، إلى المصالح المشتركة فإن السودان ومصر يمكن أن يكونا من أسعد شعوب العالم، فمصر زاخرة بالأيدي العاملة والمتعلمة والمتدربة في كافة المجالات، فلو اتيح لكل جانب أن يستفيد من طاقات الآخرين لغزينا العالم بكل المنتجات الزراعية والصناعية، فأرض السودان تسع أهل البلدين دون توتر، إن الرئيس “عبد الفتاح السيسي” في كل مرة يأتي السودان يكتشف الكثير من معادن السودانيين، ونحن أصلاً نشرب من نيل واحد، وكما يقال من شرب من ماء النيل لابد أن يعود مرة أخرى، فالنيل الذي يروي ظمأ الشعبين، جعل الرئيس “السيسي”، يتردد على أهله في السودان أكثر من مرة من أجل وضع الأهداف والمصالح على الطاولة الحقيقية، فزيارة “السيسي” اليوم لن تكون كالزيارة السابقة قبل عدة شهور، فاليوم ستكون زيارة مختلفة واتفاقيات مختلفة كلها تصب في مصلحة الشعبين، في فترة حُكم الرئيس الأسبق “نميري” أقيم التكامل بين البلدين، وصدرت (بطاقة وادي النيل) التي تسمح لكل طرف من مواطني البلدين أن يدخل دون جواز أو تأشيرة، ولكن الاتفاق لم يستمر طويلاً بسبب التوتر الذي يحدث هنا وهناك، وربما لم يحسن التعامل حتى يجعل الاتفاق يمضي إلى غاياته، ولذلك ظلت العلاقات في حالة توتر دائماً ليس في عهد الرئيس الراحل “السادات” وإنما امتدت حتى فترة حُكم الرئيس الأسبق “مبارك”، ولم نسعد حتى في الفترة القصيرة التي حكم فيها الرئيس “مُرسي”، ولكن اليوم اعتقد أن الرئيس “السيسي”، كتب الله أن تنتعش العلاقات بين البلدين، وتظل في حالة هدوء مستمر دون أي تصعيد، واذكر في زيارته السابقة التي لم تكمل الثلاثة أشهر تقريباً، قدم محاضرة قيمة عن العلاقات بين البلدين، وطلب في نهاية المحاضرة أن يصافح كل المستمعين إلى تلك المحاضرة، ولما كنت ضمن الحضور تقدمت للسلام عليه، فسألني عن وظيفتي، فقلت له أنا رئيس تحرير صحيفة (المجهر السياسي)، قال لي بس أنتم أنا عايزكم تعملوا على تهدئة الأوضاع بين البلدين، وعليكم مهمة كبيرة جداً لابد أن تبتعدوا عن التناول المضر بين البلدين، فاكتشفت أن قلبه على البلدين، وعلى المصالح المشتركة.. ولم نسمع له حديثاً سالباً عن السودان في خطاب من خطاباته أو تصريح من تصريحاته ادى إلى توتر العلاقات بينا وبينهم، وهذه صفة من صفات الرؤساء الذين حباهم المولى بسعة الأفق ورحابة الصدر، وهي ميزة لا تتوفر في أي حاكم من الحُكام عرب أو أفارقة.. دائماً التصريحات السالبة تضر بعلاقات الشعوب والأوطان، لذا نتمنى أن تكون الزيارة اليوم فاتحة لعلاقات امتن وأقوى تعالج فيها كل سلبيات الماضي، وأن يكون الانفتاح أكبر والتداخل بين الشعوب للمصالح المشتركة، ويجب أن نعمل على معالجة الأمور بالحكمة والروية وكل ما من شأنه مساعدة أبناء البلدين في العيش في سلام وتدفق المنتجات هنا وهناك بكل سهولة ويسر، كما يجب أن تلغى التأشيرات خدمة لمواطني البلدين.