وكأن الليلة أشبه بالبارحة، وكأني لم أبرح ذات محطة التصريحات التي صدرت من حزب الأمة القومي قبل أكثر من عام من الآن حينما كان السيد “الصادق المهدي” في غياب اختياري عن البلاد، ويومها أعلن الحزب أن عودة “الصادق المهدي” وبكل مسمياتها ليست حدثاً عابراً ولا تخص حزب الأمة فحسب، وإنما عملية سياسية متكاملة الأبعاد تهم كل مكونات الشعب السوداني لمكانته الفكرية ودوره الوطني، مشيراً إلى أن السيد “الصادق” سيواصل نضاله من أجل نظام جديد يكفل الحقوق والحريات وليبتدر حراكاً جماهيرياً وسياسياً بين مكونات الشعب السوداني، مضيفاً أن السيد “الصادق” غاب زهاء العام وبذل مجهودات عظيمة في سبيل القضية الوطنية والتقى بشرائح واسعة من السودانيين بالخارج، وهذه التصريحات المكررة برأيي تؤكد حقيقة واضحة وضوح الشمس، أن السيد “الصادق المهدي” لا زال يدور في فلك (السندكالية) ولم يبرح منطقة رفع الشعارات البراقة وإجادة استخدامها عند اللزوم، والرجل بعد عودته الأولى التي احتفى بها حزبه وأسرته حداً جعلنا نظن أن العودة للبلاد كانت عصية وصعبة وممنوعة، رغم أنها ساهلة وهينة، والخرطوم ظلت تفتح ذراعيها للمعارضة المسلحة التي قاتلتها وأدخلتنا في دوامة ما زلنا نعاني من آثارها، والخرطوم فتحت ذراعيها لخصوم حرب الجنوب الذين كلفتنا حربهم رجالاً عظماء نحسبهم عند الله شهداء، لكن السيد “الصادق” لعله يعشق الأفلام التاريخية من شاكلة “عمر المختار” و”الناصر صلاح الدين”، والرجل يقصد الخروج بهدوء والعودة (بزعبيبة) وهليلة رغم أنه وطوال وجوده بالخارج يتحدث حديثاً كان يمكن أن يقوله بالداخل، لكن الرجل ما عايز يخرج من دائرة النضال حتى لو كان ادعاءً وتمثيلاً وخيالاً.
خلوني أقول إنني شخصياً احترم السيد “الصادق” كرجل مفكر، وتعجبني جداً تعبيراته وآخرها (بتاع يا تدري يا أكسر قرونك)، لكن مواقفه السياسية بالنسبة لي دائماً محاطة بعلامات التساؤل وأكثر منها بعلامات التعجب، والرجل في أحيان كثيرة يدخل يده مع الحكومة في صحن واحد، وفجأة يجرها ليدخل أصبعه في حلقه محاولاً استفراغ ما أكله، لذلك وعلى عكس ما جاء في بيان حزب الأمة فإن عودة “الصادق” لا تهم مكونات الشعب السوداني، بل هي شأن يخص حزبه وحده، والشعب السوداني تجاوز مربع الثقة في ما تعارف عليه بالزعامات التاريخية التي هي فعلاً قد أصبحت من التاريخ وجوداً وتأثيراً وحراكاً، وما عادت الشعارات المرفوعة مثل أنه سيواصل النضال من أجل نظام جديد يكفل الحريات، ما عادت شعارات تدغدغ مشاعر الشارع السوداني الذي هو مدرك تماماً لتفاصيل اللعبة وعارف كل زول شايت على وين، ومصلحته شنو وبسكت متين وبنضم متين، لذلك أعتقد أن عودة “الصادق” هذه المرة هي حدث أكثر من عادي مؤكد لن يجد الاهتمام كما حدث المرة الفائتة، ولا أظن أن اختيار التاسع عشر من ديسمبر موعداً لعودته وهو ذات اليوم الذي أعلن فيه الاستقلال، لا أظنه سيحمل دلالات أو سيعطي مؤشرات للمواطن السوداني أو سيوجهه في اتجاه يداعب مخيلة حزب الأمة القومي وزعيمه.
فيا سيدي مرحباً بك في بلدك مواطناً سودانياً حراً، لتؤكد بذهابك وبعودتك المتكررة أن حكومة المؤتمر الوطني هي حكومة متسامحة تنسى وتغفر، وتستقبل بالأحضان حتى من حاولوا طعنها غدراً!!.. وما أظنك حسبتها كده السيد الإمام!!
}كلمة عزيزة
أعجبتني جداً مبادرة قام بها الإخوة في بنك الطعام عنوانها (أحفظ النعمة) تدعو المواطنين إلى الاهتمام بحفظ بقايا الطعام الفائضة عن حاجتهم ليستفيد منها آخرون هي بالنسبة لهم ضرورية ومهمة، والنعم بالمناسبة لا تعد أو تحصى بالكم، بقدر ما أن قليل القليل منها يستحق الحمد لله والشكر له وتستحق أن تكون في نظرنا كبيرة وقيمة، لذلك أحسب أن ما نظنه بواقي طعام أو خبز يذهب لسلال القمامة، هو ثروة وخير يحتفي به من ضاقت به الحياة وعزت عليه اللقمة، لذلك أتمنى أن نعيد ترتيب الأسلوب الذي نتعامل به مع بقايا نعم كثيرة نضيع أجرها بالتعامل اللا حضاري أولى وأحق بها كثيرون لايكين الصبر ورابطين على بطونهم حجراً.
}كلمة أعز
هل بدأ “معتز موسى” في تقييم أداء وزرائه واللا نديهم (صنة لحدي المفيد يصلنا)؟