المشهد السياسي

أعطى وما ابقي فكُرِم عند رحيله

موسى يعقوب

يوم الخميس الماضي (8 صفر 1440 ه- – 18 أكتوبر 2018م) وفي أحد المستشفيات العسكرية بالعاصمة السعودية (الرياض) رحل المشير “عبد الرحمن سوار الدهب”، عليه الرحمة، وكان رحيله -تقبله الله – مدوياً في الداخل والخارج لما تمتع به من عمر حافل بالعطاء.. فكرم وذكر بخير كنير – ولعل أول آيات ذلك التكريم والذكر الحسن أن جثمانه قد ووري الثرى في (البقيع) بالمدينة المنورة إلى جوار والده الذي دفن هناك من قبل في العام 1959. ويذكر أن الجثمان الذي نقل بطائرة خاصة إلى المدينة المنورة كان في صحبته كثيرون قادهم نائب الرئيس السوداني الدكتور “كبر”.
المرحوم “عبد الرحمن سوار الدهب” الذي رحل في الثالثة والثمانين من العمر، كان قد درس في خور طقت الثانوية والتحق بالكلية الحربية التي تخرج منها في العام 1955 ليسلك طريقه في القوات المسلحة السودانية حتى صار وزيراً للدفاع في عهد الرئيس “نميري” وهو في رتبة عالية.. وفي حس وطني كبير.
وهنا لابد من الوقوف عند أخريات العهد المايوي الذي أكمل ثمانية عشر عاماً وانتهى بالانتفاضة الشعبية في (6 رجب – أبريل 1985) التي لعب فيها المشير “سوار الدهب” الدور العسكري الحكيم الذي انتهى بالوضع إلى حكم انتقالي مداه عام واحد يقوده هو ومجلسه العسكري ومجلس الوزراء.. ثم يتم الإعداد لانتخابات تشريعية عامة تأتي بحكم ديمقراطي منتخب.. وذلك ما جرى بالفعل إذ في (6 أبريل 1986) كانت حكومة السيد “الصادق المهدي” وشركاؤه من الأحزاب.. ولعل ذلك بعد رحيل المشير سوار الدهب ما جعل السيد “الصادق” يصفه في نعيه له بأنه كان (نقياً وتقياً).. وذلك ما نطق به الكثيرون في دار المرحوم وفي قاعة الصداقة وفي عدد كبير من الفضائيات.
وللحقيقة فإن الراحل سوار الدهب لنقائه وتقواه لم يفكر في استثمار دوره السياسي في الحكم الانتقالي بعد الانتفاضة وإنما ذهب مباشرة إلى العمل الدعوى والإنساني الذي كان له فيه دور كبير في الخطط والاستراتيجيات والإدارة وجذب الموارد المالية وغيرها.
ففي العام(1987) صار الراحل سوار الدهب رئيساً لمجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية وإلى أن توفاه الله (الخميس) الماضي، وشهد له منسوبو المنظمة بالكثير وكانوا حضوراً في كل مواقع العزاء وفي كل البرامج الإعلامية التي ذكرت الراحل في حضوره وغيابه.
وعبر وجوده الفاعل في منظمة الدعوة الإسلامية ونشاطها كان له وجوده المقدر في مجلس حكماء المسلمين وحكماء أفريقيا وكان له دور متعاظم كذلك في خدمة الإسلام والإنسانية كما جاء في نعي منظمة الدعوة له بالأمس.
كل هذا وغيره كثير، فإن الراحل “عبد الرحمن محمد حسن سوار الدهب” كان له ذكره في الإسلام والاستقرار في البلاد وفي الحوار الوطني وفي أطروحة نهضة ولاية شمال كردفان التي هو من بينها، كما قال الأستاذ “أحمد هارون” والي الولاية.
ولما كانت سمعة الراحل وأدواره قد طبقت الآفاق ولا سيما عربياً وإسلامياً فقد كان للرجل دوره في دعم بلاده في كل المجالات.. فهو رمز وطني يشار إليه وإلى جهوده.. ومن هنا كان الاهتمام الرسمي والشعبي بفقدان “سوار الدهب” ورحيله.. رحمه الله رحمة واسعة وجعل الجنة متقلبه ومثواه.
والعزاء موصول لأسرته الكبيرة والصغيرة ولكل من عرفوه وعرفوا فضله في الداخل والخارج.. (إنا لله وإنا إليه راجعون).. فقد أعطى “سوار الدهب” وما أبقى..وشكراً للسيد رئيس الجمهورية الذي أفرد للراحل عزاءً بقاعة الصداقة . حضره الأخوة الأقباط.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية