رغم أهميتها القصوى إلا أن الحكومة لا زالت عاجزة عن استثمار تحويلات المغتربين التي تقدر بمليارات الدولارات سنوياً، وبذلك تفرط في واحد من أهم مصادر الدخل القومي التي يمكن أن تسند ضهر الاقتصاد الوطني، وهذه الشريحة المهمة من أبناء الشعب السوداني تتحمل مر الغربة وعلقم فراق الأهل والأحباب حتى تدفع ضريبة الانتماء لأسرهم ومناطقهم، ويبقى حتى هذا الوقت ما تقوم به هذه الشريحة من مشاركة حقيقية في إزاحة عبء المعيشة وثقل الضغط الاقتصادي هو مجرد مشاركات فردية معزولة عن بعضها البعض كانت ستكون عظيمة وعميقة لو أنها سارت عبر مسارات السياسات الاقتصادية المدروسة المبنية على (الثقة والأمان)، وعند هذه النقطة دعوني أتوقف قليلاً وأقول إن مواقف كثيرة وأحداثاً عديدة أكدت وطنية أبناء السودان في الخارج واستعدادهم الفطري للمشاركة في تلبية أي نداء وجه إليهم أو نفير يخص منطقة من مناطقهم على امتداد السودان، لكنهم للأسف فقدوا الثقة في السياسات الاقتصادية المتخبطة طوال السنوات الماضية، ليضعوا أنفسهم في خانة الحذر من أن يرموا مدخراتهم في مغامرة مجهولة العواقب، لذلك فإن كانت الحكومة جادة حقيقة في فتح (مغارة علي بابا)هذه، فعليها أن تأخذ بعين الاعتبار والحرص والاهتمام آراء اقتصادية مهمة ودعوات مدروسة كالدعوة التي أطلقها المحلل والباحث الاقتصادي دكتور “هيثم محمد فتحي” بإطلاق مشروع عملاق للتأمين على كافة المغتربين بمختلف شرائحهم ووظائفهم من خلال شركة قابضة لاستثمار اشتراكاتهم داخل البلاد، ودعا الدكتور إلى توظيف هذه التحويلات في خدمة حوافز المغتربين التي أجازها مؤخراً مجلس الوزراء، والتي من بينها توفير السكن والتعليم والضمان الاجتماعي والطبي واختزال هذه الرسوم في رسم واحد، إلى جانب المشروعات التجارية والاستثمارية الأخرى، وذلك لبناء جذور الثقة بينهم والدولة.
لنعود للنقطة التي ابتدرت بها هذه الزاوية، وهي نقطة الثقة المفقودة بين المواطن والحكومة، خاصة وأن الدولة هذه المرة على ما يبدو جادة جداً في استثمار مدخرات المغتربين، وهذا ما يجب أن يكلفها أن تبذل ما تبذل من مد جسور الثقة بينها والمغتربين الذين أثق تماماً أنهم متى ما تلمسوا جدية الحكومة، فإنهم لن يتأخروا ساعة في بذل الغالي والرخيص لبلاد يشتاقون إليها صباح مساء، يتنفسونها عبر رئات القادمين إليهم، يشتاقون لها من خلال أحاديثهم وذكرياتهم، لم تهن عليهم يوماً ولن يهونوا عليها، لذلك أنا شخصياً اعتبر أن كل الملتقيات والمؤتمرات السابقة التي انعقدت في الخرطوم، لم تخرج عن كونها أوراقاً وأحباراً لم تجد طريقها إلى حيز التنفيذ، وظلت محبوسة في أضابير النسيان يملأها غبار الإهمال وينسج عليها العنكبوت خيوطه دلالة على أنها مركونة لسنوات تبحث عن من يعيد إليها الحياة والنبض والعافية، فهل يجد هذا الملف ما يستحق من الاهتمام؟
}كلمة عزيزة
كان حيينا في هذه الدنيا فإننا سنذكر الأخ أمين ديوان الزكاة المكلف لولاية الخرطوم، حديثه بمكتبه مع مديري المحليات المختلفة أمس، بأن الموازنة للعام القادم تحمل البشريات للفقراء والمساكين وأن فيها مقترحات ستزيد نسبة النمو (٢٢٪)، وهذا ما ننتظره ونتوقعه في ظل تزايد الفقر في أوساط المجتمع السوداني، وعندها الحساب ولد وذواكرنا من كثرة الوعود ما عادت تنسى.
}كلمة أعز
مبادرة يستحق عليها دكتور “مأمون حميدة” الشكر وهو يتبنى علاج الأستاذة “فايزة عمسيب” وهو ليس المبادر الأول لعلاجها وقد سبقه على ذلك آخرون في فترات سابقة تعرضت فيها “عمسيب” إلى وعكه صحية، لكن السؤال إلى متى يظل أهل الإبداع والفنون يتسولون العلاج وينتظرون مبادرة فلان ومناشدة علان، متي تقوم الجهات المسؤولة عن الثقافة بخلق جسم مستقل قادر على أن يحتوي مبدعيه في انكساراتهم بكل هدوء وسترة حال!!