عز الكلام

أخيراً فُرجت

يبدأ فعلياً هذا اليوم ضخ السيولة في البنوك والصرافات لينتهي بذلك وضع شاذ وغريب ظل يسود المشهد الاقتصادي طوال الشهور الماضية حيث عجزت البنوك عن الإيفاء لعملائها بدفع مستحقاتهم المالية، التي هي ليست على سبيل الهدية أو المنحة أو حتى الدين، لكن أموالهم التي تخصهم والتي أودعوها البنوك لليوم الأسود، ولم يكن هناك أسود من أن تخذلهم وتقفل أبوابها في وجوههم، خاصة وأن انعدام السيولة تزامن مع مناسبات هي بالنسبة للمواطن من الأهمية بحيث يفك لها الصرة، وينفق في ما يليه من التزامات وإيفاءً بواجبات عائلية وإنسانية واجتماعية مجبور عليها بحكم العادة والمسؤولية، لكن أصعبها كانت عجز كثير من المواطنين الحصول على أموالهم وهم في أمس الحاجة لها لشراء الدواء أو مقابلة ومواجهة العوارض الصحية الطارئة.
وخلوني أقول إن هذه الفترة الصعبة أكدت أصالة ومعدن الإنسان السوداني، الذي تجاوز هذه الفترة بكثير من التفهم، وكثير من الانضباط والوعي، وهو ما يستحق أن يسطره التاريخ شاهداً على هذا السلوك الحضاري المحترم، وأعتقد أن شعب بهذا السمو والعلو يستحق أن تبذل قيادته أقصى جهدها انحيازاً لقضاياه وأزماته، عليها ألا تكل ولا تمل في أن تحرك كل المؤشرات نحو فعل إيجابي يصب في مصلحته ويجعله قادراً على أن يعيش حياته بكثير من العدالة، هذه العدالة التي ينتظر محمد أحمد الغلبان أن تعيد له حقه المسلوب ممن سرقوا حقوقه واستباحوا خيراته وحولوها إلى ملكيات خاصة نمت وترعرعت وتشعبت بسبب فساد البعض، الذين أغمضوا أعينهم عن القطط السمان والتماسيح العشارية، وتواثقوا معهم على مرابحات وسمسرات “جمع سمسرة” على حساب آمال الغبش وأحلام البسطاء ، وخلوني أقول تأني إن الشارع السوداني ينظر إلى قرار توفر السيولة الساري منذ هذا الصباح على أنه عربون صدق من رئيس الوزراء ، وزير المالية “معتز موسى” ، الذي نرجو أن يستمر في طريق الإصلاح والإصحاح رغم ما سيقابله من عقبات ومتاريس( وترابيس على قول السيد الصادق المهدي )، لكن الرجل قادر على القفز فوقها جميعها ، وهو المرفوع برافعة رئاسية أحسب أنه يستمد منها كامل الدعم والدفع.
في كل الأحوال، عاد هذا الصباح للشعب السوداني واحد من حقوقه الطبيعية في أن يكون حراً في أمواله يودعها وقتما يشاء ويصرفها وقتما يشاء في انتظار عودة حقوقه الأخرى في الصحة والتعليم وقفة ملاحه التي أصابها الجدب والجفاف، والله غالب.
كلمة عزيزة
ظلت قضية بائعات الشاي واحدة من القضايا الحساسة والمهمة في ذات الوقت، باعتبار أنهن ضحايا للفقر أو لظروف اجتماعية جعلتهن يمتهن هذه المهنة، ويظللن تحت مرمى نظرات المجتمع لجلوس السيدة في الشارع واتهامات الكثيرين لهن أن بائعات الشاي يساهمن بشكل أو بآخر في ما أصاب الشباب من سلوك غير محمود، لذلك ظلت هذه القضية حساسة وشائكة وتحتاج لمعالجات بشكل خاص، لذلك سرتني وأسعدتني المعالجة الرائعة التي تبناها معتمد الخرطوم الفريق “أبوشنب” وهو يجتمع باتحاد بائعات الشاي ليخصص لهن حوالي (٢٠٠كشك) كمرحله أولى مجاناً من غير رسوم أو إيجارات، وهي برأيي خطوة صحيحة في الطريق الصحيح، لأن قضيه كقضية ستات الشاي لا تحلها الكشات ولا المطاردات لكن تحلها المعالجات الجريئة والصادقة، وإن كنت أرجو أولاً أن تعمم هذه التجربة على كل محليات الخرطوم وتصبح شكلاً حضارياً يليق بالعاصمة، لكن الأهم أن تعتمد هذه الأكشاك على طريقة (الخدمة السريعة أو التيك أواي) ، وأن تقدم المشروبات في كبابي ورقية وليس هناك داعياً لنصب القعدات والجلسات وتحلق البنابر والكراسي بشكل يؤذي المنظر العام .
في كل الأحوال التحية للسيد الفريق، الذي دق صدره لهذه القضية الإنسانية المهمة، رغم أنها تخص جهات أخرى ووزارات ومؤسسات جميعها سادة أضان بي طينة وأخرى بي عجينة لتتدحرج وتصبح أكبر من كرة الثلج، وأحسب أن المعتمد بهذا القرار قد حمى هؤلاء السيدات من المطاردات والكشات التي تمتهن إنسانيتهن، وصح النوم بقية المحليات.
كلمة أعز
حسناً فعل والي القضارف وهو يتخذ قراراً صائباً بتعطيل الدراسة وحشد الطلاب لموسم حصاد السمسم ، وهو قرار سبق أن طالبنا به عبر هذه الزاوية باعتبار أن موسم الحصاد ملحمة يجب أن نتصدى لها.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية