مسألة مستعجلة

فليتقاصر قانون المعاشات عندهم!!

ليلة أمس الأول صدر كشف كبير بالإحالة للتقاعد والترقيات وسط كبار ضباط الشرطة، أسماء لامعة وذات عطاء غير محدود لفتت نظري في الكشف (الأسود) وهو كشف التقاعد.
لا أحد ينكر أن المعاش واحدة من سنن العمل التي يحكمها القانون ويحميها الدستور، ونظرية الإحالة للمعاش دائماً ما تأتي لفسح المجال لآخرين أكثر قدرة على العطاء بسبب تراجع الأداء للذي بلغ المعاش ومرده سنوات العطاء الطويلة، لكن السؤال : ماذا لو كانت سنوات العطاء الطويلة هذه هي السبيل الحقيقي للعطاء الأفضل والمميز.
معظم الوزارات نفذت قرار رئيس الجمهورية بإنهاء التعاقد مع كل من بلغ المعاش وعدم التجديد لكل من بلغها، ولذلك خرج المئات من العاملين بالدولة من حيز العمل العام إلى رحابة الحياة العامة بعد عطاء ممتد بلغ فيه من العمر (65) عاماً، ولكن مما ينبغي الوقوف عنده أن عمر أي عطاء في السنين التي حددها قانون العمل لأي موظف أو فني ليست جميعها متساوية، فهناك أصحاب تخصصات نادرة لا يقاس العطاء عندهم بالسنين، وهناك وظائف يكون طول السنوات هو الأساس للعطاء الأجود مثل أساتذة الجامعات وغيرهم.
جهاز الشرطة هو الآخر ليس بمعزل عن هذه النظرية خصوصا إذا كان الضابط المعني صاحب خبرة تراكمية وتخصص نادر وقدرة فائقة على القيادة والعطاء والبذل، فقد أحزنني بحق خروج سعادة اللواء “عبد العزيز حسين” رجل المباحث الذي لا يشق له غبار، حيث لم تسجل في مضابطه وطوال توليه مهام أجعص القضايا، لم تسجل بلاغات ضد مجهول، الجميع يستذكر شريط الجرائم الغامضة والتي كانت خيوطها بين يدي هذا الضابط المتفرد، لم أتعامل مع سعادة اللواء “عبد العزيز” بصورة مباشرة طوال فترة خدمته، اللهم إلا من خلال دعوة زيارة إلى مقر المباحث الجنائية بدعوة من مدير الشرطة السابق سعادة الفريق أول “هاشم عثمان الحسين” .
يشهد للرجل ذكاؤه المتقد في التعامل مع القضايا ومسايرتها بما يوصل إلى نتائج نهائية واضحة، والمباحث لمن لم يقف على حجم تطورها في السنوات الأخيرة باتت الأولى في أفريقيا من حيث الكفاءة والمقدرة الفنية، فباتت وجهه لتدريب عدد من ضباط المباحث بالدول الأفريقية لينهلوا من تجربة السودان التي باتت اليوم معروفه للغاشي والداني، ولهذا الجنرال وآخرين السبق في إحداث هذا التطور، مؤكد أن القائمة بها ضابط أمثال اللواء “عبد العزيز” أجزلوا العطاء، ولكن يظل “عبد العزيز” هو النقطة الفارقة، فالقانون بل الدستور ليسا بأمرين منزلين ولذلك ينبغي أن يتقاصرا عند قامة هؤلاء، لأنهم وهبوا حياتهم للخدمة العامة فضاعت حياتهم الخاصة بين مشغولياتهم العامة التي أنهاها بالأمس خطاب التقاعد، فما بال هؤلاء يضيعون خبراء أمثال هذا الرجل، رغم أنني على يقين بأن أياماً لن تمضي على خطاب الشكر الذي تسلمه فنسمع بالرجل خبيراً في واحدة من الدول العربية أو الأفريقية، حينها فقط سنعرف أننا فرطنا في صاحب خبرة كان الأولى به بلده السودان.. والله المستعان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية