وزارة العمل تحذر من شراء الوهم!
الظروف الاقتصادية الضاغطة دفعت أبناء السودان للتفكير في الهجرة إلى أية دولة بغرض العمل وتحسين وضعهم الاقتصادي.
إن طموح المواطن السوداني وبحثه عن العمل يؤكد رغبته في العمل إذا ما تهيأت له الظروف المناسبة والمكان المناسب والمرتب المناسب عكس ما يشاع عن كسله، وقد صدرت دراسة مؤخراً تنفي كسل السودانيين، وفي دولة الإمارات العربية برع السودانيون وتميزوا بما لديهم من خبرة وحب للعمل وتجويده، وما إن تُذكر دبي يُذكر “كمال حمزة” الذي أعطى السودانيين الثقة في أنفسهم واقتحام كل مجالات العمل، واشتهر العامل السوداني بتفانيه وإخلاصه فيما يوكل إليه، وخلال حقبة السبعينيات والثمانينيات اعتمدت دولة قطر على السودانيين في المجال الشرطي، وكانوا أهل ثقة عند المسئولين القطريين، وكذلك في أوروبا وفي المستشفيات البريطانية كان الطبيب السوداني من المميزين هناك، فعادوا إلى الوطن بخبرات وتجارب، ولكن تكسرت عند بوابات المستشفيات الحكومية بالبيروقراطية، وعدم المبالاة وضعف الميزانيات الموجودة للمجال الصحي وضعف مرتبات العاملين وقلة الأجهزة الطبية التي تواكب التطور الطبي.
إن الظروف الاقتصادية هي السبب المباشر في جعل المواطن يبحث عن حياة أفضل خارج أرض الوطن، ومن النكات التي تساق عن السودانيين وأصبحت من النكات المشهورة، وكان ذلك إبان الحرب العراقية الكويتية أو العراقية الإيرانية ففُتح باب التطوع للمشاركة مع طرف من الأطراف، وعندما وقف السوداني في الطابور وعند وصوله إلى الشباك قال له الشخص لقد انتهى التطوع لدى تلك الدولة، قال ليه كدي شوف لي العراق، وهذا يدل على أن السوداني يرغب في العمل حتى ولو يكلفه ذلك روحه.
بالأمس حذر وكيل وزارة تنمية الموارد البشرية والعمل السودانيين الراغبين في العمل بليبيا من الوقوع في أيدي السماسرة والمحتالين الذين يبيعون الوهم للراغبين في العمل بليبيا.
إن السماسرة يدخلون في دائرة الباحثين عن العمل حتى ولو بخداع البسطاء والمحتاجين فنيتهم أحياناً سليمة وهدفهم إيجاد فرصة عمل لأولئك ومن ثم يقتاتون مما يمنحه لهم صاحب الحاجة. فليبيا التي أصابها الدمار والخراب بعد رحيل الطاغية “معمر القذافي” الآن محتاجة إلى الأيدي العاملة في المجالات كافة الهندسية والطبية والبناء حتى كنس الشوارع، ليبيا في حاجة إلى أيدي عاملة له.. ولذلك افتتح باب العمل في ليبيا ونشط السماسرة بالكضب أو بالحقيقة، فبدءوا الترويج عن الوظائف التي تحتاجها ليبيا وبدأوا يقدمون عقوداً مزورة وما أكثرها في تلك الظروف، ولذلك كل سوداني لم يجد فرصة عمل داخل الوطن يمني النفس بإيجاد أية وظيفة بليبيا عسى ولعل أن تتحسن حالته الاقتصادية ويعود محملاً بالشنط والدولارات، ولكن بائعي الوهم يزينون لأولئك الشباب أن أبواب السماء قد انفتحت لهم بليبيا، وأن أنهاراً من اللبن والعسل تجري ويمكن لكل واحد أن يغترف غرفة تغنيه إلى الأبد، ولم يخامره شك في أن هذا السمسار صادق في كل ما يقول خاصة، وأن السمسار صاحب صوت جهور وحلقوم كبير ولسان حلو، لو حدثك عن الموت وجماله لتمنيته لا لشيء وإنما للوصول إلى بضع جنيهات يسترزق بها منك، السمسار هدفه نبيل وهدفه المصلحة العامة للمواطن، وأن يجد ما يصبو إليه من هذا الاغتراب وأن يعود غانماً، ولذلك لابد أن يتيقظ المواطن قبل أن يشتري الوهم من بعض أولئك السماسرة والمحتالين والدجالين والنصابين، وعليه التأكد من جهات رسمية ومسئولة في حال الحصول على عقد عمل من الجهة التي يرغب في العمل فيها.