يبدو أن الأخ “معتز موسى” دولة رئيس الوزراء بدأ فعلياً في تنفيذ برنامج الصدمة الذي جعله العنوان الرئيسي لحكومته منذ لحظة تكليفه الأولى، وأصدقكم القول إن عهدنا بالساسة في بلادنا هذه أنهم كثيراً ما يتراجعون عن أطروحاتهم وأفكارهم وحتى ما يقدمون من وعود في لحظات تجلي يرتفع فيها الأدرينالين وهم يخاطبون المواطنين إن كان في لقاءات حاشدة أو مقابلات تلفزيونية أو برامج انتخابية، لذلك أنا شخصياً كنت أظن أن “موسى” مهما تحدث عن صدمة، فهو لا محالة سترتطم سفينته ببعض العوائق التي قد تأخرها أو تمنعها من الإبحار، لكن الرجل وعملياً بدأ في تنفيذ الصدمة وبفولتات عالية وشحنات كهربائية يبدو أن الرجل جاء معبأ بها من منصبه السابق كوزير للكهرباء، وخلوني أقول إنه ومنذ أمس الأول، ظللت أسمع آراء مختلفة لاقتصاديين محترفين ومحترمين، تباينت آراؤهم ما بين مؤيد ورافض ومتخوف من نتائج هذه القرارات، وبعضهم أكد أن القرارات وعلى رأسها ما رشح أن الحكومة بصدد تحرير سعر الصرف الذي وصفوه بأنه خطوة صحيحة، وأن هذا القرار سيأتي بنتائج إيجابية، وأن سعر الصرف الحقيقي سيكون جاذباً لتحويلات المغتربين التي يمكن أن تشكل رقماً لا يستهان به في الدخل القومي، وأن بلادنا بعد هذه القرارات ستشهد جذباً استثمارياً يحرك عجلات الاقتصاد السوداني لتقف على الضفة الأخرى، آراء مختلفة تماماً شبهت الخطوة بأنها قفزة ظلامية غير محسوبة النتائج، باعتبار أن مثل هذه القرارات المهمة تحتاج إلى استناد الحكومة على احتياطي كبير من النقد الأجنبي وهو ما ليس متوفراً وخزينتنا تشكي لطوب الأرض (قلة الفئران)، بل إن بعض الآراء وصلت حد أن تعتبر أن الحكومة قد نفذت قراراً خطيراً كتحرير سعر الصرف، فهو بالنسبة لهم قرار ملزوز من بعض تجار العملة عبر بعض موظفي البنوك، وهؤلاء التجار يقفون خلف الستار يحركون خيوط اللعبة، لكن ما خرج به اجتماع مجلس الوزراء نهار الأمس، وتصريحات محافظ بنك السودان قطعت قول كل خطيب والحكومة ستقوم بإنشاء سوق للنقد الأجنبي عبر لجنة محايدة مهمتها تنحصر في إبراز عطاءات مفتوحة تحدد سعر الصرف عبر لوحات عرض الأسعار في البورصة، كما أن رئيس الوزراء نفى اتجاه حكومته لزيادة أسعار الدولار الجمركي، وبين هذه الآراء وتلك يقف رجل الشارع العادي الذي ليس له في الاقتصاد ولا تفاصيله منتظراً أن تتضح بالنسبة له الرؤية ويحس بجدوى نجاح هذه السياسات في خروجنا من عنق الزجاجة وانخفاض حمى الأسعار.
وخلوني أقول إن “معتز موسى” رمى شباكه جميعها في الموية، فإما أن تخرج محملة بالصيد الوفير، وإما تخرج فاضية وليس فيها سوى بعض نفايات البحر، وفي هذه الحالة وكما تعودنا دائماً، يصبح الفشل يتيماً وملموماً من الشارع، أما إن حالفه النجاح، فله ألف أب وأم وأولاد عم.
الدايرة أقوله إنني أرجو أن تكون القرارات التي اتخذها “معتز موسى” مبنية على وجهات نظر متعددة، وأنها قد طرحت على طاولة النقاش بشكل احترافي فيه تحسب لكافة الاحتمالات، لأن اقتصادنا في وضع لا يجعله قادراً على استيعاب أي صدمة غير محسوبة بدقة، ربما تؤدي به إلى حالة الهستريا والجنون ومن ثم الانفلات النهائي.
أنا شخصياً لا أميل إلى التشاؤم، واعتبر أن أمر المؤمن كله خير، لذلك أتمنى أن يبلغ الله الأخ “معتز موسى” مقاصده، لأنه واضح جداً أن الرجل الذي قبل الجلوس على قطعتين من النار إن كان كوزير للمالية أو رئيساً للوزراء، مصر على إحراز نقاط لصالحه ولصالح المواطن الذي يعقد عليه آمالاً عراضاً في أن يقود طاقمه الحكومي إلى حالة من الانفراج والاستقرار الذي يعقبه الرخاء، لذا ليت كل القوى السياسية بما فيها القوى المعارضة، ليتها استعانت بطواقمها الاقتصادية وأهل الشأن من الاختصاص في الاقتصاد بتقديم المشورة والرأي لرئيس الوزراء والرجل منفتح بشكل اعتقد أنه يجعله مستعداً لسماع كل الآراء، وسيكون حريصاً عليها وهو من الذكاء أن يعلم أنه إن نجح فسيدخل التاريخ من أوسع أبوابه، وإن فشل فسيكون الرجل الذي قتل شعبه بالصدمة!!
}كلمة عزيزة
اعتقد أن سمعة مطار الخرطوم والحوادث التي يشهدها إن كان تهريباً أو سوء إدارة أو حوادث طائرات، تجعله غير مؤهل لأن يظل مطاراً دولياً، ولا حتى محلياً، لذلك على الحكومة أن تسرع الخطى في تنفيذ المطار الجديد واللا انتو يا جماعة اتفاقياتكم لقيام مطار جديد دي أوهام وطق حنك؟
}كلمة أعز
لأول مرة منذ سنوات تشهد الوزارات تغييراً لمنصب الوكلاء بهذا العدد، والمعتاد أن يطال التغيير كراسي الوزراء، لذلك أتوقع أن تكون الخطوة بداية لتصحيح أوضاع وأحوال الخدمة الوطنية المتردية، ومن ثم إصلاح شامل لكافة الوزارات والمؤسسات التابعة لها.