رأي

النيل زعلان

التجاني حاج موسى

يا جمال النيل.. والخرطوم بالليل
يا راضعة من نيلين
حضنوكي من أزمان..
يا قبلة الزايرين
يا درة السودان..
ضمخ شذى الياسمين
والورد والريحان..
عشاق سمر الليل.. سحرم جمال النيل”
***
مقطع من غنوة وليها سنين..
بالشوق زينتها والأفراح..
لا فيها عذاب لا فيها أنين..
الحال ميسور والبال مرتاح..
لا شفت دموع لا كنت حزين..
الناس طيبين والدنيا سماح..
وأنا كنت بغازل في الخرطوم..
أهي دي الخرطوم يا العبقك فاح..
يا الفيكي الأوليا والصلاح..
ود الأرباب والصلاح
وأهي دي الخرطوم..
موية النيلين لابساها وشاح..
وأهي دي الخرطوم..
يوم كنا شباب..
لا بنعرف زيف لا عشنا هموم..
مقطع من أغنية ليها سنين..
والأغنية دوزن ألحانا
“المستر كيم”
أستاذ من كوريا
وزينا كان بيحب النيل
عاشق ولهان بهوى الخرطوم..
معلم كان للمزيقا..
جاهو الإلهام
كتب النوتة وبق بريقا..
يا حليلك يا مستر كيم
لو جيت الليلة وشفت النيل
وشفت كمان تاني الخرطوم..
النيل زعلان يا مستر كيم..
النيل الكان فرحان وكريم..
من بدري قبيل هبة الرحمن..
تعال بس شوف كيف حالو الآن..
بالحيل زعلان
غضبان.. زهجان..
الأزرق بجري ومستغرب..
بسأل في الأبيض ومتعجب..
مالو السودان!!
المطرة بتبكي ومفجوعة..
من حالنا تنقط موجوعة..
وزعلانة كمان..
والنيل قال لينا:
ده كلو عشان..
ظلم الإنسان
لي أخو الإنسان..
وظلم الجاحدين
للخير الكان..
***
أنا كنت زمان..
ولي وقت قريب
دايماً فرحان..
وفي المقرن أدندن وأغني..
“يا الخرطوم يا العندي جمالك
جنة رضوان”..
ومن شدة فرحي
أغازل في الأمواج
تنداح في الغنوة على الشاطئ
أفتكر الرملة على حنت..
تاري الأمواج تطلع وتنزل
وجزيرة توتي بتتصنت..
وتراقص شتلات البستان..
والفرحة تعم كل الأركان..
والكورس يشيل الغنوة كمان..
وكرومة مساهر في أم درمان..
وطيوراً تغرد في الأغصان..
والمنظر كان بالجد رايع..
كلو روايع..
لوحة فنان..
زحمة ألوان..
بس هسه النيل أصبح غضبان..
يا ناس يا هوي.. النيل عكران..
وكأنو بعاتب في أم درمان:
مالوا السودان ما زي أول..
شن بدل حالو واتحول..
سجمان.. خربان..
ده الكان عنوان..
لي كل جميل في كل زمان..
مليان بالخير دايماً عمران..
إحتار النيل..
وقي سرو يقول:
يا أهل الخير والله الحاصل ما معقول..
محتار في البجري وفي الحصل..
النيل يا ناس قرر يرحل!!
قال هسه الآن لازم يرحل..
والنيل معذور
بالحاصل أبداً ما مسرور..
عاين بي خوف للمطرة وقال:
شايفة البحصل..
معقول الشايفو أنا السودان؟!
***
أحذروا يا ناس
من غضب النيل..
من عاتي الموج
الهد الحيل..
والفينا كتير..
لو زمجر بكسر مقدافنا
لا سمكة بتطلع لا صير..
ما سلمت منو
ويا وجعي!!
خمسة عصافير..
الليلة بيغردوا في الرضوان..
في أعلى جنان..
يا خبر الشوم
النوّح وصوّح
في الفرقان..
وفي آخر الليل
القبلي شلع..
والنيل اتنفس أجساداً
طاهرة بتلمع..
آه يا الأرواح الما بترجع..
آه لو نسمع..
يا ويل الناس
من غضب النيل..
يوم ما يزعل..
***
يا أم درمان..
يا الفيكي جمال كل السودان..
كمين مرات
جانا الفيضان..
كم مرة غمر كل الشطآن..
إتلاف ودمار لي كل بستان..
والحكمة كمان محق مويتو
سالت متدفقة في الوديان..
لا زرعوا الناس لا حصدوا كمان..
والفايدة شنو من موية النيل
لو ما روت عطش الظمآن..
وفرشت بالخضرة الأرض البور..
شان كيفنا يتم ويغني سرور..
لي كل ربوعك يا أوطان..
أها شن القول النيل غلطان؟؟..
لو فكر يمشي من السودان؟!
***
الراوي بقول:
كان يا مكان..
من بدري زمان
كان الأجداد..
عملوا حضارة..
من نبتة وكوش الوادي ازدان..
بقى بالإنسان.. كلو منارة..
فرحان النيل..
وفي عز الليل..
زفوا العرسان..
والنيل فرحان..
ممنون شاكر..
ولدوا الأولاد..
جابوا الأحفاد..
الوصلوا مع الزمن الغادر..
يا حسرة على إنسان النيل..
بقى زول نساي جاحد وناكر!!
وأصبح يا خوفي كمان كافر..
والليلة النيل بالحيل زعلان..
جاكم دافر..
يلعن أولادوا وأحفادوا
وخصوصاً في الزمن الحاضر..
وحزين عاين للمطرة وقال:
أوعك تنزلي تملي الوديان..
وتصبي بعيد
ما أشوفك حايمة على السودان..
والراوي يقول:
هوي يا أولاد
اعتذروا وقوموا وصالحوهو..
في زول يا ناس خاصم أبوهو..
النيل هو الأم..
الأبو والعم..
الجد والخال..
يا أهلنا محال..
الموية الروح والدم..
والبحر الأم والخال والعم..
أحسن استغفروا وصالحوهو..
راضوهو النيل..
من بدري عظيم..
كريم ونبيل.. بس راضوهو..
راعيكم من ما خلق الله الأرض..
ومحبتو لازم تبقى الفرض..
وراجياكم أرض..
متلهفة كايسة البرويها..
بالحُب يرعاها ويسقيها..
تنبت شتلات.. تخضر حقول..
القمح العيش.. الموز والفول..
ما تكسلو قومو.. وخلو الخوف
الأصبح غول..
والنيل زعلان..
وده ما معقول..

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية