حركات بهلوانية
واحدة من السلوكيات السيئة التي لا أتمنى أن تسود الساحة السياسية عندنا أو تصبح واحدة من النقاط الأساسية المسلم بها عند التعيين أو التكليف للوظائف الرسمية، هو سلوك الاستجداء العاطفي الذي يبدو في شكله العام مهنياً ورسمياً، لكن القصد الحقيقي منه مجرد نفاق وظيفي مدهون ببوهية الاستنكاح واستغلال الوظائف، وكدي خلوني أضرب مثلاً على ذلك، ما راج في الفترة الأخيرة وتداوله المواطنون بكثير من السخرية حتى تحول إلى نكات سياسية من الطراز الأول، ما راج عن ذهاب أحد المعتمدين إلى منزل الوالي الجديد وأهداه خروفاً أقرن مجهبزاً، وقام الوالي الفريق “هاشم” بإرجاعه، ليس جلافة من الرجل ولا مساخة، لكن لأنه أولاً أمثال الفريق “هاشم” لا يفرحون بالمناصب التي هي عندهم عبء ومسؤولية وجهد وتعب ونتائج، وثانياً ما من سبب يجعل هذا المعتمد حريصاً على التواصل الخاص مع الوالي لو لا أنه عارف إنه كيسه فاضي وليس لديه ما يقدمه في اجتماع التسليم والتسلم، مقدماً خدمة يمينه وعرق جبينه من خدمات ومشاريع بذلها لسكان محليته، فقال (أخير أقدم الخروف أقصد السبت، عشان ألقى الأحد)، وطبعاً مثل هذا السلوك يصغر أمامه وصف إنه دي تلجة أو حتى مصنع تلج، هذا أسلوب للأسف يؤسس لمعايير لا علاقة لها بالعطاء والإنجاز، وعلى فكرة مثل هذه الأساليب لا تضر بفاعلها فقط، لكنها تضر بالمنظومة التي ينتمي إليها وتوصمها بالاستهبال والاستنكاح واللعب بالتلاتة ورقات.
ممارسة ثانية لم تعجبني مقاصدها كالتي أعلنها معتمد آخر بإعلانه تأييد محليته لترشيح “البشير” في ٢٠٢٠، وخلوني أقول إن هذا التأييد في هذا الوقت الذي تشهد فيه الولاية هزة ورجة على مستوى حكومتها، يجعله تأييداً محل اشتباه من الدرجة الأولى، ثانياً أزعم أن مبادرة كهذه تضر الرئيس ولا تنفعه، وأقول ليكم كيف وصاحب المبادرة مثلاً واحد من المعتمدين الذين لم يحققوا ما كان مأمولاً ومطلوباً منهم، وبالتالي قيادته لهكذا شعارات تصبح في غير محلها وتقدم نموذجاً غير مرحب به يقلب الأجواء على عكس ما يشتهي الرئيس، وبكده يصبح الأخ المعتمد قد أضر بحملة الرئيس ولم ينفعها، لكنه أفلح أن يقدم نفسه للقيادة السياسية ويقول يا جماعة ما تنسوني أنا تحت المايكرسكوب رهن النظر.
وبالمناسبة الشعب السوداني ده لا يرهن مواقفه أبداً للتجييش أو التحريش وهو دائماً ما يتخذها عن إيمان وقناعة، بدليل أنه حينما أعلنت المحكمة الجنائية مطالبتها بتسليم الأخ الرئيس، خرج الشارع السوداني بعفوية دون استدعاء أو تنظيم من حزب أو جهة أو كيان، والتف الشارع يومها، بـ”البشير” وكان راجعاً على ما أظن من الكلية الحربية، فجسد أجمل مشاعر وأصدق وأنبل إحساس صادق بلا تزييف ولا نفاق ولا مجاملة، وهو إحساس وفعل أظنه أدهش الرئيس نفسه، لذلك فإن استعراض الولاء والانتماء للرئيس بهذا الشكل السافر من أشخاص غير مرضٍ عن أدائهم أو هناك إجماع على فشلهم، يخدم مصالحهم ويضر الرئيس وحزبه لأنهم ليسوا النموذج الأمثل لأي برنامج انتخابي.
في كل الأحوال تختلف الأساليب ما بين خروف وتأييد رئاسي ويبقى الهدف واحداً والمقصد مكشوفاً ومفضوحاً يعبر عن أسوأ محاولات الاستماتة في التمسك بالمناصب رغماً عن أنف الفشل وتدهور الخدمات وسوء الحال، ووحده من يدفع الفاتورة هو الشعب السوداني من رصيد واقعه وأحلامه، ووحده من يتحمل هذه الأخطاء ويبقى مسؤولاً عنها أمام شعبه، هو الرئيس الذي أظنه شال الشيلة لكتار طلعوا منها زي الشعرة من العجين.
}كلمة عزيزة
لست من المؤيدين لدمج المحليات كما راج في حكومة الفريق “هاشم”، لأن الدمج يسبب ترهلاً إدارياً تصعب السيطرة عليه ويتسبب في فك رقابة المعتمد المعني بالمحلية مهما كان مفتحاً ومتابعاً، لكن هذا لا يعني أن يظل الحال على ما هو عليه وهناك محليات دفعت الثمن باهظاً بسبب فشل معتمديها.
}كلمة أعز
قامت الشرطة بحملات واسعة لبسط الأمن في منطقة شرق النيل والقضاء على ما تعارف عليه بعصابات النيجرز، لذلك فإن الأخ مدير عام الشرطة الجديد، يجلس على كرسي ما ساهل وخلفاً لرجل ما ساهل.