الريس عايز طباخ!!
ليست كسلا مدينة بعيدة ولا مقطوعة السبل ولا هي جزيرة معزولة، حداً يجعل مرضاً كحمى (الشيكونغونيا) وباءً يفتك بأهلها الطيبين، وكان يمكن للمرض أن يحاصر في بداياته لو أن حكومة “جماع” تعاملت مع الكارثة بشيء من الشفافية والصدق، لكن التعتيم والتضليل والإهمال واللا مبالاة أوصلت الولاية إلى ما وصلت إليه من وضع كارثي، وخلوني أقول إن ما حدث في كسلا كفيل بأن يطيح بوزير الصحة فيها الذي لا أدري (بيا تو وش ) يستمر في منصبه حتى الآن ، وكافي جداً للإطاحة بالوالي “جماع”، الذي ضللت تقارير حكومته المركز الذي لم يعط الكارثة حجمها وقدرها، هذه التقارير اللعينة التي تطبخ بدقة وتضاف إليها التوابل والبهار ليقدمونها على مائدة القيادة السياسية، وللأسف لا يشم أحد الروائح الكريهة التي تصدر منها، ولولا ذلك قولوا لي سبباً واحداً يجعل أعداد الضحايا ترتفع في كسلا ، ولا يحدث تحرك سريع من المركز منذ بداية الأزمة لولا أن ما وصل للمركز قلل من حجم المشكلة وهون من هول الفاجعة مما جعل الانتباه لها يأتي متأخراً، والتأخير في مثل هذه الظروف يعني مزيداً من المصابين ومزيداً من الضحايا ومزيداً من الجثامين، لذلك فإن آفة بلادنا وحكامنا أنهم يثقون في التقارير ورواتها وهذا يفسر سر استمرار الفاشلين في مناصبهم، وسر استمرار جلوس المتخاذلين في مقاعدهم ، والتقارير المسبوكة هذه تذكرني دائماً بفلم طباخ الريس الذي أخرجه ولدنا العبقري “سعيد حامد”، وفيه يظهر رئيس الدولة محاطاً بالحاشية والكتبة والأفندية الذين يحجبونه عن الخارج ويحجبون الخارج عنه ومفهمنو أن الدنيا ربيع والجو بديع وحتى اليوم الذي فكر فيه أن يخرج إلى الشارع أُخليت الشوارع من الناس حتى لا يلتقيهم فقال قولته الشهيرة: (وديتو الناس فين ياحازم)، وحازم هذا مدير مكتبه حتى ساق الله إليه طباخاً من عامة الناس، نقل إليه الواقع المُر المخالف للصورة الزاهية التي ترسمها التقارير، وبدأ في محاسبة وزرائه والإحساس بنبض الشارع البعيد أو المبعد عنه، لكن ذلك لم يعجب الحاشية فلفقوا للطباخ تهمة أنه مريض بمرض مُعدٍ يجعله غير صالح لصناعة ما يأكله رئيس الدولة، ونجحت المؤامرة، وعاد الرئيس إلى قوقعته يعرف العالم من خلال تقارير الميك أب والرتوش التي تقدم له ليكون وضعنا الحالي ليس بعيداً عن فنتازيا الفلم ونحن محتاجين برضو لطباخ !!سواق !!حرس !!أي واحد لسانه طويل ينقل للريس نبض الشارع، يقول ليه: يا سعادتك الليلة المطرة دقت الحاج يوسف والناس محبوسة في بيوتها، يقول ليه: يا سعادتك الموظفين يقفون في الشوارع حتى العاشرة مساءً في انتظار المواصلات لذلك يقل أداؤهم وتمرق نفسهم من الشغل لأن حيلهم مهدود، يقول ليه: يا سعادتك كسلا مقروضة قرض ولا يريد أحد الاعتراف بذلك.
أما إن ظللنا نأمل في أن يرسم كثير من المسؤولين الواقع المُر بفرشاة الحقيقة فنحن واهمون لأنهم بذلك يدينون أنفسهم ويعترفون بخيبتهم ويكتبون شهادات نهاية خدمتهم بأيديهم ونظل في هذه الحلقة المفرغة على أمل أن ينتبه دولة رئيس الوزراء لهذه الحركات فيستأصل جذورها ويصبح متابعاً بنفسه لكل صغيرة وكبيرة، وهو رجل شاب ونفسه طويل وقادر على إنهاء سباق التأليف والتجميل المارثوني.
في كل الأحوال ندعو لأهلنا في كسلا الجميلة بالسلامة، وندعو الله أن يرفع عنهم البلاء مرضاً ، وأيضاً لمسؤولين كانوا سبباً في استفحال الوباء أكثر من البعوض نفسه.
كلمة عزيزة
احتفلت أمس المملكة العربية السعودية الشقيقة بعيدها الوطني الثامن والثمانين عيد الوحدة والاندماج الذي قامت عليه المملكة ناهضة شاهقة وشامخة على يد مؤسسها الملك “عبد العزيز”، وما يربطنا بالمملكة السعودية وشائج وروابط أقوى من العواصف وأمتن من أن ينقطع أو يبلى، ما بيننا روابط مصير وعروبة وبيت عظيم تهفو نفوسنا لزيارته.
فالتحية للمملكة التي هي فخر لنا لأنها تسير على خطى واثقة من التطور والنهضة والتحية لملوكها النشامى، والتحية لشعبها والتحية لسفيرها بالخرطوم الذي ومنذ أن جاء إلينا مثَّل جسراً من العلاقات ماداً أياديه لمصافحة كل قطاعات المجتمع وظل حريصاً على التواصل معها ، لذلك حرصت على تلبية دعوته أمس للاحتفال بعيد المملكة بفندق كورنثيا.
كلمه أعز
إن لم تُقال حكومة ولاية كسلا فلا أتوقع أن تهتز الأرض تحت أقدام أي والٍ آخر مهما قصّر أو فشل وليس هناك أفظع من الموت الجماعي إهمالاً وتكتماً!! الله غالب.