: وداد يعقوب :هل تتمكن من تحويل نزوعها الاستثماري إلى الإنفاق على الفقراء ورعايتهم ؟
المرأة النحلة تتولى قيادة وزارة الضمان الإجتماعي :
الخرطوم ـ سيف جامع
في خطوة غير متوقعة وجدت المهندسة “وداد يعقوب” سيدة الأعمال ومالكة أكبر شركة للوقود بالبلاد، نفسها مكلفة بمنصب وزير الرعاية والضمان الاجتماعي، ورغم أن طبيعة المنصب تتباعد تماماً مع اهتمامات المرأة النحلة، التي طالما نشطت في مجال المال والأعمال ووصلت إلى قمة الهرم، إلا أنها وضعت من قبل حزب المؤتمر الوطني أمام تحدٍ جديد بتكليفها بمهام الوزارة، وفي الفترة الأخيرة واجهت شركات “وداد يعقوب” ـ مجموعة شركات النحلةـ التي تتخذ من شارع المطار مقرا لها صعوبات كبيرة، متصلة بالأوضاع العامة التي تشهدها البلاد، لكن المرأة القوية كانت قادرة على استعادة زمام الأمور والمحافظة على موقعها الذي وصلت إليه، وفي خضم ذلك اختيرت لتكون بديلا للوزيرة المخضرمة “سمية أبو كشوة” التي اعتذرت عن المنصب.
وفي تتبع للسيرة الذاتية لوزير الرعاية والضمان الاجتماعي، يبدو في حديثها أن شغفها وتعلقها بمجال الأعمال بدأ مبكراً، حيث ذكرت في حوار سابق (بمجلة المصارف)، أن عمرها لم يتجاوز الأربع سنوات حين كانت تجمع البيض وترعى أشجار الفواكه وتفتح جداول المياه في حالة تأخر العمال في مزرعة والدتها بحلفاية الملوك، التي اشترتها عام 1956 أما عن مسيرتها التعليمية فقد تخرجت في جامعة الخرطوم كلية الهندسة، والذي لعب فيها والدها دوراً كبيراً في توجهها للهندسة المدنية، حيث كان قد نزل المعاش ويعمل في تجارة الأراضي والبيوت، وكان يردد دائماً (أنه في حاجة إلى مهندس مدني)، ومن ثم ذهبت لأمريكا مع زوجها د. “جمال الدين عثمان” الذي كان يحضر في مجال الإعلام، وتقول إن الفضل لزوجها ووالدها في مواصلة دراستها العليا، حيث كانت تبيع الجرائد في الصباح ومن ثم تذهب إلى الجامعة لتعود للعمل مساءً في داخلية للأطفال المعاقين ،وتتطلب مهمتها المبيت، وقالت إن مهمتها أشبه بمهام العاملات ولكنها استفادت كثيراً من التجربة، خصوصا عند تسليم الأطفال إلى ذويهم، حيث كانت تحتك بالأسر مما جعلها ترى المجتمع الأمريكي بالوجه الآخر، وتعلمت منه الانضباط والشعور بقيمة العمل، وذكرت أن التفوق كان شعار والدها في تربيتهم مما جعل (9) من البنين والبنات ،بحمد الله، جميعهم يتخرجون من جامعة الخرطوم، وتقول إنها ارتدت الزي الإسلامي وعمرها (12) عاماً بقناعة منها من خلال قراءاتها للكاتبة “زينب الغزالي” وهي أم لأربع بنات وبنين.
المهندسة “وداد يعقوب” من مواليد الخرطوم بحري (الحلفايا) متزوجة وأم لأربع بنات وولدين، أما تعليمها فكان بمدارس بحري الحكومية، جامعة الخرطوم كلية الهندسة المدنية، عام 1983 حصلت على الماجستير من جامعة ميسوري الولايات المتحدة، وعن خبراتها فهي المؤسس لمجموعة (شركات النحلة) وعددها سبع شركات.
ونشطت السيدة “وداد يعقوب” في مجال العمل الطوعي حيث أسست عدداً كبيراً من المنظمات الطوعية أبرزها (منظمة سلام العزة + منظمة الأطفال اليافعين + منظمة معاً للتعليم + مؤسسة رفيدة الصحية + صاحبة مبادرة إدماج سيدات الأعمال داخل اتحاد أصحاب العمل السوداني، وصارت رئيس أمانة سيدات الأعمال باتحاد أصحاب العمل السوداني لدورتين، وأخيراً مؤسس ورئيس مجلس إدارة بنك الأسرة).
كما أنها عضو مجلس الولايات السوداني (ممثل الولاية الشمالية) – عضو رابطة البرلمانيات العربيات الأفريقيات – أول سيدة عضو المكتب التنفيذي لاتحاد أصحاب العمل السوداني – رئيس مجلس مستشفى الولادة أم درمان لدورتين – عضو الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة/ باكستان – عضو مؤسس مجلس سيدات الأعمال العرب ومقره الكويت – عضو مؤسس المنتدى العربي لسيدات الأعمال العرب / لندن – عضو مجلس إدارة العديد من الجامعات السودانية ونظير نشاطها في مجالها وعدة مجالات أخرى منحت جائزة المرأة المتميزة لعام 2010 من مؤسسة الإصدارة الدولية بالولايات المتحدة الأمريكية للنساء المتميزات، وكرمت من جامعة الأحفاد للدور الرائد في تنمية المجتمع.
ونالت وسام الجدارة من رئاسة الجمهورية للدور الرائد في العمل الطوعي.
ووسام النيلين من رئاسة الجمهورية، للدور الرائد في العمل الاقتصادي وتمكين النساء ونهضة المجتمع.
وكرمت من مستشفى الولادة أم درمان للدور الكبير الذي قامت به في تطوير المستشفى
واشتهرت “وداد يعقوب” بالجدية والمثابرة في العمل وإصرارها على النجاح ولها آراء صريحة في أسباب الوضع الاقتصادي إذ ذكرت في إحدى المرات أنها استضافت سيدة أعمال لبنانية في منزلها وعندما صعدت اللبنانية إلى سطح المنزل وجدت أنواعاً مختلفة من الزهور، فسألت “وداد” أين البندورة وأين الخيار؟ ايش دا ياسمين وفل ونرجس.. فقالت “وداد” رديت لها بندورة ايه يا ستي؟ تعالي نمحنك ألف فدان في ولاية الخرطوم فقط، وقارنت “وداد” بين السودانيين واللبنانيين بأنهم ينتجون الخضر في منازلهم، بينما نحن شعب لا يحب الإنتاج رغم توفر الأراضي الخصبة.
وفي نهاية أغسطس الماضي تمنت الإعلامية “عواطف عبد اللطيف” المقيمة بقطر تعيين “وداد” حيث قالت “ليت المقادير تسوقها إلى منصب تنفيذي هو حق لمثل كفاءتها لتنزل أفكارها المدروسة بعلمية على أرض الواقع.” عن “وداد” “قد التقيتها سابقاً واستمعت لها ضمن مشاركاتها بأوراق عمل بمؤتمرات نساء المال والأعمال في السودان وقطر، لكن حديثها الأخير بقناة 24 فتحت فيه مخازنها الفكرية الناضجة، وتجاربها الحياتية، وأبانت حيويتها الإنسانية وليت هذه الشامخة طالما توافر لديها المال والقلب الحنون، تمد أياديها أيضاً لأطفال الشوارع ساكني البالوعات، وليت المقادير تسوقها إلى منصب تنفيذي هو حق لمثل كفاءتها لتنزل أفكارها المدروسة بعلمية على أرض الواقع.