عز الكلام

سكت الرباب.. كمل النضم

حاولت بقدر ما أستطيع أن أكبح جماح دموعي أن تنفجر وتنهمر وأنا أقرأ خبر الفجيعة التي حصدت أرواح أكثر من ثلاثة وعشرين طفلاً ابتلعهم النيل وهم في طريقهم إلى مدارسهم، إلا أن دموعي غلبتني وكانت الطريقة الوحيدة لأغسل حزني ووجعي، والطريقة الوحيدة التي أشارك بها أمهاتهم وأنا أم أدرك هذه المشاعر وأعرف قيمتها، وخلوني أقول أولاً إننا مؤمنون بقضاء الله وحكمه وأمره وابتلاه، لكن هذا الإيمان ليس هو الشماعة التي تعلق عليها الحكومة تقصيرها وتخاذلها في واجباتها والمولى عز وجل أمر العبد أن يسعى ليعينه وأن يجتهد ليوفقه ولكل مجتهد نصيب، لكن أن يكون نصيبنا من الدنيا هي كل هذه الفواجع والبكائيات، فده معناه أن الحكومة عاجزة ومقصرة وجانية على شعبها، وخلوني تاني أطلع خارج دائرة الأسئلة التي يفترض أن تطرح والإجابة عليها وحدها كفيلة بأن نعرف كيف حصلت الكارثة، وأول الأسئلة وين معتمد المحلية ووزير التربية في الولاية والوالي نفسه وين هم وصباح مساء هناك أطفال يقطعون النيل جيئة وذهاباً يومياً بقارب بدائي متهالك، أمانة في ذمتكم لو أن أولادكم معهم في ذات قارب الموت بجيكم نوم؟؟.. وما تنوموا كيف وأولادكم إما أنهم في مدارس بالقرب منكم تنقلهم منها وإليها اللاندكروزارات المكيفة، أو أنهم أصلاً في الخرطوم ينعمون بمدارس اللغات أو المدارس الخاصة الفي الخاصة خاص الخاص!!.. خلوني أمرق من دائرة الأسئلة ما قبل الكارثة لأسأل ما بعد الكارثة، والسؤال الأول البديهي كيف مرت هذه الكارثة على حكومة الولاية من غير أن تعلن الحداد الرسمي في كل الولاية؟؟.. كيف لم يشيع هؤلاء الشهداء وقد ماتوا غرقى يطلبون العلم، كيف لم يشيعوا في جنازة رسمية ملفوفين بعلم السودان وتنضرب ليهم إحدى وعشرين طلقة، لعل الفعل يواسي الأمهات الثكالى والآباء المصدومين، كيف لم يذهب الوالي إلى بيوتهم واحداً واحداً يتلقى العزاء فيهم، لأنه مسؤول عنهم أمام المولى عز وجل.
هذه الكارثة كان ينبغي أن تجعل الحزن قومياً وليس ولائياً، كان على الست وزيرة التربية والتعليم التي في عهدها انكشف ستر الشهادة السودانية وانتهكت عذريتها وانفضحت واتشال حالها، ولم تستقل ولن تستقيل ولن تقال، كان عليها أن تذهب إلى ولاية نهر النيل لمشاطرة الأسر المكلومة، كان المفروض توجيه كافة أجهزة الإعلام الرسمي بوقف مظاهر الاحتفال بالعيد، خلاص شبعنا غنا، شبعنا أحاديث تافهة وما عندها قيمة، وما حدث كارثة إنسانية بمعنى الكلمة، لو أنها حدثت في بلد آخر لأطاحت بالوزير المسؤول وبحكومة الولاية كلها، لكن لن يحدث من هذا شيء ولن يتحرك ساكن ولن يتبدل حال، لأن المسؤولين أدمنوا الفشل، أدمنوا الطلس والوهم، كل هذه الأزمات لم تحرك فيهم نخوة واجب ولا ذرة شجاعة أن يقدموا استقالاتهم جميعاً ويعلنوا فشلهم وعجزهم والحكاية ما بقت فشل أو فساد الحكاية بقت موت بالجملة هو النتيجة الحتمية لمسؤولين قاعدين في المناصب ساي بلا تأثير ولا فعل ولا حتى اجتهاد أو أجر المحاولة.
الدايرة أقوله إن غرق أولادنا ديل حسابه ليس مكانه البرلمان ولا مكانه مجالس الوزراء، مكانه هناك في السماء، حيث لا تكتلات بتمرق زول لا أغلبية حزبية بتعفي زول والله غالب.
*كلمة عزيزة
خلونا نتفق أن حكومة الولاية فشلت في امتحان الخريف بجدارة، لكن ليه إحساس المسؤولية المجتمعية انعدم من المواطن، معقولة كل واحد خالف كراعه وخطوتين من بيته بحر وتلاتة خطوات من دكانه محيط، يا اخوانا البلد دي وجيعا منو، الحكومة تصنع الأزمات والمعارضة شمتانة والمواطن بقى ما هميه، يا ربي البلد دي حقت منو ووجع منو؟
}كلمة أعز
منح أعضاء المجلس التشريعي إجازه ليعود النواب إلى أحيائهم للمساعدة في تصريف المياه في الأحياء، الشاف ليه نائب خايض في موية أو واقف في شفاط يورينا وعنده هدية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية