إن أزمة الخبز التي ضربت ولاية الخرطوم وولايات السودان المختلفة، كان السبب الأساسي فيها تعنت وزارة المالية وعدم اتخاذ القرارات الصحيحة والتي تأتي متأخرة مرة أخرى ليتم إصدارها، فأزمة الخبز أعطت انطباعاً سيئاً للدولة وللحزب الذي يستعد رئيس الجمهورية لخوض انتخابات (2020)، ولم تكن أزمة الخبز هي الوحيدة التي تتأثر بقرارات وزارة المالية، فقد سبقتها وزارة النفط والغاز، التي فقد الباشمهندس “عبد الرحمن” مقعده الوزاري بسبب تعنت الوزارة حينما واجهت السيد الوزير تلك الأزمة، وقال في برنامج على الهواء، حينما سأله مقدم البرنامج عن سر الأزمة، فبدأ يكرر له السؤال: الأزمة محلها وين؟ الأزمة محلها وين؟، ولم يذكر السيد الوزير سبب الأزمة رغم علمه بها مما أفقده موقعه الوزاري.
مطاحن سين للغلال هي الآن التي تتحمل العبء الأكبر في توفير الدقيق إلى المخابز التي امتنعت تلك المطاحن عن الإيفاء بمتطلبات المواطنين من رغيف الخبز، والسبب الأساسي أن تلك المطاحن تطالب الحكومة بدفع مبالغ طائلة نظير الدقيق الذي تدفع به إلى تلك المخابز، فليس من المنطق أن يتحمل مطحن واحد وهو سين (50 %) من احتياجات البلاد من الدقيق، بينما تلك المطاحن تتعلل بزيادة السعر الذي وافقت وزارة المالية في فترة سابقة عليه وهو( 100) جنيه فرق سعر عن كل جوال (650 – 550)، بينما عادت تلك المطاحن للمطالبة بزيادة (500) جنيه، أي ما يقارب سعر جوال الدقيق البالغ سعره (550) جنيهاً.
إن أزمة الخبز بدأت قبل شهر من الآن، وتفاقمت إلى أن وصلت ذروتها الأيام الماضية ،وكان بالإمكان الوصول مع أصحاب المطاحن إلى الحل قبل أن تصل الأزمة إلى ما وصلت إليه ، ألا أن تعنت المالية هو السبب الأساسي في ذلك، ولا أدري لماذا الحكومة تصر على الطاقم الاقتصادي الذي فشل في حل مشكلة واحدة مثل الخبز، ناهيك عن بقية المشاكل الاقتصادية الأخرى، إن ما تم التوصل إليه مع أصحاب المطاحن ورفع سعر الجوال إلى (242) جنيهاً بدلاً عن مائة جنيه كحل وسط إلى أن يستقر سعر الدولار، لكن هل طمع أصحاب المطاحن يمكن أن يوقف الأزمة عند حدها أو ينهيها تماماً، أم أنهم بعد فترة سيقومون بالضغط من جديد على الدولة للوصول إلى الرقم الذي حاولوا أن يفرضوه عليها وهو الخمسمائة ألف جنيه.. وإن سين للغلال الآن تقوم بتقديم الدقيق إلى المخابز التي تتعامل معها، وهذا الذي حل جزءاً من الأزمة، بينما وقفت معظم المخابز التي كانت تحصل علي حصتها من الدقيق من بقية المطاحن الأخرى، بل ذهبت سين أبعد من ذلك بتقديم دقيق إلى بعض المخابز حلاً للأزمة، البلاد تستهلك يومياً ما يقارب (105) آلاف جوال دقيق في اليوم منها (45) ألفاً للعاصمة و(55) ألفاً للولايات و(5) احتياطي وتتحمل سين (50%) من الإنتاج، بينما عدد آخر من المطاحن مجتمعة تتحمل البقية، إلا أن تلك المطاحن الأخرى هي التي تحاول الآن أن تلوي يد الحكومة وتطالب كل فترة بالزيادة إلى أن يصل سعر الرغيفة إلى جنيهين.. في طمع أكثر من كده؟ ، فهل يعقل أن بلداً مثل السودان، الذي حباه المولى بكثير من المحاصيل الإنتاجية يعجز عن حل مشكلة الرغيف ؟ ويترك الأمر إلى جهات أخرى لا تفكر إلا في نفسها ، إن المشكلة سوف تحل خلال يومين، ولكن ونحن مقدمون على عيد الفداء ، فهل المشكلة إلى زوال أم تتجدد بعد العيد؟.. ربنا يسهل.