عودة “الميرغني” أحجية بلا نهاية
بعد ابتعاث "جعفر محمد الميرغني" للإنابة عنه في الحولية السنوية
تقرير: رشان أوشي
أصبحت عودة المرشد العام لطائفة الختمية، ورئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل)، مولانا “محمد عثمان الميرغني” كأحجية، تختلف فصولها باختلاف الطقس السياسي، ولكن الخاتمة واحدة، وهي الإعلان كل فينة وأخرى بعودة وشيكة للزعيم الديني للبلاد، فالرجل الذي غادر البلاد منذ سبتمبر/2013م، تتباين الأسباب التي دفعته للغياب عن السودان لخمس سنوات، كانت الإجابات الحاضرة تأتي في شكل تسريبات،
وراج قبل عام أن غياب “الميرغني” يتعلق بحالته الصحية المتأخرة، وإصابته بالزهايمر، ويدير الحزب آخرون مقربون منه، ولكن ظهر في مناسبات مختلفة، والإجراءات الأخيرة بتعيين قيادات وإعفاء آخرين دحضت تلك الشائعات نسبياً، وتسرب أيضاً أن غياب “الميرغني” يعود إلى نيته في توريث ابنه “الحسن الميرغني”، مساعد أول رئيس الجمهورية حالياً، ونائب رئيس الحزب، رئاسة الحزب والطائفة من خلال تعيين خليفة خلفاء موالين له.
قبل ثلاثة أسابيع، أكدت قيادات من الحزب، اقتراب عودة “الميرغني”، لحضور حولية “السيد علي”، وممارسة العمل السياسي من داخل البلاد، والإشراف على انعقاد المؤتمر العام، وبحسب ما أفاد به عضو هيئة قيادة الحزب “ميرغني مساعد”، أن “الميرغني” في لقاء عقده إبان عيد الفطر بفيلا طيبة بالقاهرة، أكد عودته الوشيكة إلى البلاد، لعقد المؤتمر العام، وانتخاب قيادة جديدة، لكن مضت كل المواعيد المضروبة، ولا يزال الغموض يكتنف عودة الميرغني.
يرى معارضو “الميرغني” داخل تيارات الحزب، أن خلافهم الرئيسي مع مولانا “محمد عثمان الميرغني” يتمثل في الغياب الطويل خارج الحدود، وانفراده بالقرار داخل الحزب، واعتماد المراسلات من الخارج لتسيير شؤون الحزب، مما كرس السُلطات جميعها في يد نجله “الحسن الميرغني” ومقربين له، حيث انفرط عقد المؤسسات، وترهل جهازه التنظيمي، مما نتج عنه المشاركة في السُلطة في العام 2015م مرة أخرى، بالرغم من رفض قطاعات واسعة داخل الحزب على رأسها الشباب والطلاب وبعض القيادات التاريخية للمشاركة في الحكومة، وطرح الانسحاب منها بصورة متكررة، خلف قرار المشاركة انشقاقاً ضخماً، غادرت منه كل قطاعات الطلاب والشباب، وقيادات تاريخية مثل “حسن أبو سبيب”، “علي محمود حسنين”، “تاج السر الميرغني” وآخرون، وأعلنوا تياراً اتحادياً جديداً تحت مُسمى (الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل) (تيار أم دوم).
ادعاءات تيار أم دوم أكدتها قيادات من تيار محايد داخل الحزب، على رأسها القيادي بروفيسور “بخاري الجعلي”، الذي أعلن مغادرة صفوف حزبه من دون تقديم استقالة لكون أنه لا يوجد مؤسسة يمكن الاستقالة منها، و”البخاري الجعلي” كان مرشحاً للحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، لمنصب والي ولاية نهر النيل في انتخابات العام 2010، وقال في مؤتمر صحفي عنون له بـ “الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل ونهاية المطاف” إنه بعد العمل ضمن مجموعة في الحزب لإصلاح الاتحادي الأصل “توصلت إلى أنني أصبحت غير منتمٍ للحزب لأنه أصلا لا يوجد كيان انتمي إليه”، ورفض توصيف خطوته بالاستقالة، قائلا: “الاستقالة تكون من كيان موجود.. منذ الآن لست منتسبا للحزب، أنا مثقف، مؤهل، أريد أن أخدم وطني”، وعبر عن حزنه لاتخاذ قرار مفارقة الاتحادي الديمقراطي الأصل، موضحاً أن نجل زعيم الحزب “جعفر الميرغني” حاول إثنائه قبل أربعة أشهر وطلب منه مقابلة “الميرغني” الأب بالقاهرة، وتابع “استجبت لطلبه الأول لكن اعتذرت عن مقابلة “الميرغني” وقلت له أني يصعب على أن أقول “للميرغني” وداعاً، وأكد “البخاري” أن الحزب دخل في حالة “موت سريري” منذ مغادرة “الميرغني” للبلاد، وقال إن “وجوده كان يشكل كياناً للحزب من واقع رمزيته، وبمغادرته دخل الاتحادي في حالة أشبه بموت سريري”.
فصل تنظيمي:
بينما أسقط المكتب السياسي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، مجموعة (أم دوم) عضوية “الميرغني”، وجميع المشاركين في الحكومة، في وقت أعادت فيه المجموعة انتخاب كل من “علي محمود حسنين، مولانا حسن أبو سبيب، مولانا تاج السر الميرغني” للهيئة الرئاسية للحزب، بجانب انتخاب “أحمد زين العابدين” رئيساً للمكتب السياسي، وانتخاب د. “حسن خضر، أحمد عبد الله نبيل” نواباً له، كما تم انتخاب “فاروق كرار” رئيساً للمكتب التنفيذي، وأكد الناطق الرسمي للمكتب السياسي “جعفر حسن عثمان”، في مؤتمر صحفي عقده عقب انعقاد المؤتمر الاستثنائي (العهد الثاني) بمنطقة أم دوم، على مواصلة عملية إصلاح الحزب والعمل على وحدة الاتحاديين المعارضين للنظام، وشدد على رفضهم القاطع لمشاركة النظام في الحكم، واعتبار كل من يحاوره أو يشارك فيه بأنه ساقط وطني على حد تعبيرهم.
ما يحدث الآن:
ومن ثم أصبحت عودة “الميرغني” للبلاد، التي يعلن عنها كل مرة كالأحجية التي قد تودي بتماسك الحزب في القريب العاجل، حيث برز تيار متململ من غيابه ويحمله مسؤولية الترهل المؤسسي.