رشان أوشي
ضجت الأسافير بمقطع فيديو لفتاة نصف عارية، وتتحدث بألفاظ اقل ما يصفها المجتمع به هي البذاءة، تناولت الفتاة مؤسسات الدولة بالنقد الجارح والاتهامات، تناولها مجتمع الفيس بوك بالإساءة والتقريع، انبرى تيار آخر مبرراً لسلوكها بأنها ضحية مجتمع وظروف اقتصادية بالغة التعقيد.
هناك جانب صحيح، ولكن الأزمة الحقيقية تكمن في غياب الوعي، والتنازع الاجتماعي بين عصر العولمة وبين الوعي الشعبي الناتج عن الموروث.
في تقديري سقطت معظم موروثاتنا القديمة مع سقوط المجتمع في براثن السوشيال ميديا وسوء استخدامها، واختلاف أنماط الحياة في مجتمع غابت عنه العدالة الاجتماعية، فقسمته إلى طبقتين، واحدة تتمتع ببذخ العيش والثراء، يعيش شبابها حياة المجتمعات الغربية، وطبقة فقيرة تلهث خلف لقمة العيش مازالت تتمسك بالقديم لأنها لم ترَ الحديث رأي العين.
إذا سقط النظام الاجتماعي الراديكالي لتسقط معه كل صور الوعي الشعبي البسيط الذي علمناه من خلال سلوكيات اجتماعية موروثة، فالسؤال الذي يطرح نفسه الآن: “ما ملامح المشهد الاجتماعي الراهن”؟، هل مازال مشهداً سودانياً محافظاً كما علمناه من خلال ما أورثنا إليه آباؤنا، أم أنه مجتمع منفتح يقبل بتمرد أبناء الطبقات الثرية عليه، ويعاقب عليها الفقراء والمعدمين؟”ّ.
هذا السؤال شغلت به نفسي في الفترة الأخيرة، حين غاب أو غيب المشهد الاجتماعي المحافظ بفضل فضاءات العولمة والثراء المشبوه، فبات المستقبل قاتماً لا نستطيع أن نراه دون أن نجد الإجابة على هذا السؤال الجوهري، كما أنه لم يعد ممكناً الانتباه فقط إلى ذلك الغياب غير المتعمد، وإنما إلى التمايزات الاجتماعية، والفروق الاقتصادية التي جعلتنا ننكر تلك الموروثات ونتمرد عليها.