عقب انتفاضة رجب/ أبريل كان النائب العام حينذاك الأستاذ “عمر عبد العاطي” قد شكل لجاناً للتحقيق مع رموز مايو وكان الاتحاد الاشتراكي مقراً لها، ولما كنا مكلفين بتغطية أخبار تلك اللجان، تصادفت في ذاك اليوم بالنائب الأول لرئيس الجمهورية، اللواء “عمر محمد الطيب” والذي جيء به للتحقيق معه، وأذكر هذه أول مرة أشوف فيها اللواء “عمر” وجهاً لوجه، وكان خارجاً لأداء صلاة الظهر، وبعد أن أكمل الوضوء، صاح منادياً يا ود المصلاية.. لم تكن هناك مصلاية كالمصلاية التي يؤدي فيها صلواته داخل القصر أو الاتحاد الاشتراكي أو منزله، فقد ألقى إليه ببرش بائس، لا يصلي فيه حتى الخفير المكلف بالحراسة بالاتحاد الاشتراكي، شعرت بحسرة وأسى، وأحسست أن السُلطة لا قيمة لها، مهما وصلت فيها من المناصب الرفيعة، لقد كانت للواء “عمر” النائب الأول لرئيس الجمهورية، في النظام المايوي مكانة، ولا يحق لأي شخص مهما كان أن يهين القيادة، فاحترامها واجب، طالما كان يؤدي عملاً عاماً، أمس الأول دعيت للمشاركة في اجتماع شورى المؤتمر الوطني، كرئيس تحرير، وعلى الرغم من المؤتمر الوطني كحزب كبير، لا ادري من الذي هدى القائمين على أمر هذا اللقاء أن يكون بقاعة الشهيد “الزبير” للمؤتمرات؟، فقد كانت القاعة ضيقة ولا تتناسب مع العدد الكبير الذي جاء من المركز والولايات للمشاركة، ولم الحظ القائمين على إجلاس المشاركين، فقد جلس الأستاذ “أحمد إبراهيم الطاهر” رئيس البرلمان السابق، وسط رؤساء التحرير، إذ خصصت لهم مقاعد كتب عليها رؤساء التحرير، ثم جاء الأستاذ “علي عثمان محمد طه”، النائب الأول لرئيس الجمهورية السابق، فأخلى له الأخ رئيس تحرير (الرأي العام) الأستاذ “مالك طه”، مقعده، ثم جاء الباشمهندس “معتز موسى”، وزير الكهرباء، فجلس أيضاً مع رؤساء التحرير، أما الدكتور “نافع علي نافع” مساعد رئيس الجمهورية السابق، فجلس في الصف الخلفي لرؤساء التحرير، فيما حصل أحد الشباب الباشمهندس “إبراهيم محمود”، وزير الداخلية، فتناول كرسي خفيف فأجلسه عليه في الصف الأمامي، تلك القيادات يجب أن تحترم حتى ولو ابتعدت عن الجهاز التنفيذي، فلها مكانتها، فقبل أيام كانت ضمن الجالسين في الصفوف الأمامية ولها مكانتها في الحزب والحكومة فأحسست أن السلطة كل من خرج منها لا يسوى شيئا، يجب علينا أن نحترم قياداتنا مهما حدث لها ما حدث، فلا يمكن أن يهلل لها ويكبر حينما تكون في الفوكس وتهمل حينما تخرج من دائرة الضوء، فالذين جلسوا في الصفوف الخلفية قدموا الكثير لهذه السُلطة، ولولاهم لما حدث الاستقرار طوال الفترة الماضية، حتى لو قال قائل إن الشورى الناس فيها متساوون كل واحد يجلس في المكان الذي يناسبه فكيف يجلس في الصفوف الخلفية من كان الرجل الثاني في الدولة وكان الكل يعمل له ألف حساب، ما الذي تغير الآن حتى تبحث الكمرات عنه لإلتقاط صورة له، المؤتمر الوطني عرف بالترتيب والتنسيق والضبط، فلم يترك القائمين على أمره شاردة أو واردة في مثل هذه اللقاءات، إلا وسدوها تماماً وهذا هو الذي ميزهم عن الأحزاب الأخرى في عملية الإعداد الجيد لمثل هذه المؤتمرات، ولا ندري كيف سقطوا هذه المرة في إقامة المؤتمر في قاعة ضيقة لا تتناسب وحجم الحزب مع عدم تخصيص مقاعد للكبار، فاحترموهم مهما كان، واعيدوا لهم وضعهم وهيبتهم ومكانتهم حتى لا يموتوا بالحسرة.