طالب رئيس الجمهورية، بعدم التشهير (بالقطط السمان) أي المتهمين في قضايا الفساد إلى أن تثبت إدانتهم، ولكن السيد الرئيس هو الذي أعطى الضوء الأخضر لكشف المفسدين، وقال كل زول (سرق سنطلعه من عيونهم)، رغم أن السيد الرئيس في وقت سابق كان بطالب بتقديم المستندات ضد المتهمين، ثم عاد مرة أخرى إلى المطالبة بمحاكمتهم إلى أن تم إقامة (مفوضية للفساد)، وافتتحها السيد الرئيس بنفسه، وباشرت أعمالها الأيام الماضية، إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، ولكن عمليات (الغطغطة) هي التي جعلت المفسدين يتمادون في عملية السرقة حتى فاحت رائحتهم، وبدا الكل يتحدث عنهم جهاراً نهاراً والدولة في حالة صمت شديد، فالفساد لا يحتاج إلى مستندات، فكل موظف دولة بانت عليه آثار النعمة، لابد أن يُسأل من أين أتى بهذا المال؟ خاصة وإن الموظفين يعرفون بعضهم البعض، إلا أن الدولة تركت القطط تكبر وتكبر، وهل الدولة لم تعرف من أين تأكل هذه القطة؟ ومن أي قمامة؟ في الرياض أو المنشية أو الطائف أو الثورات، طبعاً قمامة المناطق الهاي بتسمن بسرعة المخدرات أو غسيل الأموال أو (الكوميشنات)، فهناك صغار الموظفين بين يوم وليلة، أصبحوا من أصحاب المال والجاه والسُلطان، فهل هذا القط لم يعرف من أين أغتنى؟ ألم يعرف أهل بيته من أين أتى بهذا المال؟ أو حتى أبناء دفعته أو الجيران أو الأصحاب من أين هبت عليه هذه النعمة؟ نعرف كثيراً من صغار الموظفين الآن يمتطون الفارهات، ولهم عدد من البيوت والشقق وهم لم يرثوا أو نزلت عليهم مائدة من السماء، إن قضية الفساد من أسهل الأشياء التي يمكن أن تكتشف، أولاً لأهل البيت، وهم أدرى بابنهم الذي كان يجلس على الظل لعشرات السنين ولم يكن له شغل ولا مشغلة، ففجأة هبت عليه النعمة، ولم يكن له مصدر رزق، فهذا الغنى لابد أن يكون قد حير أهله، خاصة إذا كان داخل البلاد، ولم يفكر في الاغتراب، ولم يكن له رأس مال يقال عمل على تشغيله، إن اتهام (القطط السمان) والتشهير بهم في وسائل الإعلام فيه ظلم عليهم، ولكن إذا الدولة هي التي قامت بفتح هذا الملف، وهذا يعني أنها تعلم تماماً أن تلك القطط سمنت من مال ليس حلالاً، ولابد أن تعيده إلى مصدره الأصلي أن كان فعلاً سرقة، ولكن أن كان هذا القط قد وظف إمكانياته واشتغل في السوق واستفاد من أصحابه في البنوك أو الشركات وقدموا له المساعدة على أن يعيد المال الذي أخذه، فهنا لم تكن هناك سرقة لأن الدولة هي التي تحاكم على ذلك أو أن تساوي كل الناس مع بعضها البعض، بمعنى أن تقدم التسهيلات للجميع، والفالح من يعمل على تطوير وتوظيف هذا المال، فهناك من عمل بالتجارة بالداخل أو الخارج، وكما يقولون لقد ضربت معه التجارة وهنا المال الذي حصل عليه مال حلال، ولذلك فإن المفوضية التي تم إنشاؤها للفساد، فلن تستطيع أن تقدم المتهمين إلى المحاكم، إلا إذا كانت هناك فعلاً أوراق تثبت أن هذا الشخص سرق مال الدولة، أو استغل نفوذه أو تهرب من الضرائب أو الجمارك، أو ظهر عليه الغنى خلال فترة وجيزة ففي هذه الحالة يمكن أن يتم التحقيق معه مع إثبات من أين أتى بهذا المال؟ وإلا ستكون المفوضية لعمل إعلامي فقط.