كلما ضاقت الحياة بأهل السودان يأتيهم الفرج من حيث لا يحتسبوا، فعندما طلب الإخوة الجنوبيون الانفصال، كان الشمال يعتمد في ميزانيته على البترول، وظن المجتمع الدولي أو راهن على سقوط النظام في أقل من عام.. ولكن إرادة المولى أتت إليهم بفتح جديد، ألا وهو الذهب الذي لم يتوقع أحد أن السودان يتمتع بتلك الكميات الكبيرة منه، فسد الذهب مكان البترول، وتحولت مدن كثيرة من حالة الفقر إلى الغنى، وكذلك المواطنين الذين تحولت حياتهم (180) درجة، فامتطى البعض الفارهات وبنى البعض أرقى المساكن، ها هو فتح جديد يتنزل على البلاد بالاتفاق على بيع رمال السودان إلى إحدى الدول، ولم يكن هذا هو الفتح الوحيد، فالإخوة الجنوبيون الذين أغلقوا آبار البترول بعد الحرب الأهلية بينهم بعد الانفصال في 2011 الآن عادوا إلى رشدهم عبر الوساطة السودانية والدولية، وسيوقعون إن شاء الله في الخامس من أغسطس القادم على الاتفاق النهائي بينهم لإنهاء الصراع والعودة إلى البناء والإعمار، إن الاتفاق الذي سيوقع سيتيح إلى الشمال الاستفادة من بترول الجنوب، الذي ظل حبيس الآبار طوال تلك الفترة، إلى الضخ من جديد، وأعلنت دولة الجنوب أن الثاني من سبتمبر القادم هو بداية ضخ البترول، وتسلم رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” رسالة من الرئيس “سلفا كير” بهذا المعنى لذا فإن تدفق البترول من جديد يعني عودة الجنيه السوداني إلى قوته وعافيته بعد التدهور الكبير الذي شهده الفترة الماضية، فعودة العافية إلى الجنيه يعني أن الدولار في حالة تراجع، وكل من ظل يعول عليه يجب أن يتخارج منه الآن قبل الغد.. لأن الفترة القادمة ستشهد حالة خسارات كبيرة أن كانت على مستوى العُملة بكل أنواعها دولار.. ريال.. يورو.. وغيرها من العُملات التي كانت سبباً في تدهور الحالة الاقتصادية بالبلاد، إضافة إلى الاتفاق النهائي على تصدير الرمال، وهذه ستتيح للبلاد عُملات أجنبية كبيرة، فكل ما ضاقت الحياة بالناس ربنا يأتي بالفرج من حيث لا نحتسب، فإذا تعافت العُملة السودانية بالتأكيد سيتعافى الاقتصاد، وستتراجع سلع كثيرة ظلت في حالة تصاعد مستمر والسبب الدولار حتى الخضروات ارتبطت زياداتها بالدولار، فقبل ضخ البترول الآن بدأت كثير من السلع في التراجع خاصة الخضروات، فالطماطم التي وصل سعرها إلى ثمانين جنيهاً أمس الأول تراجع السعر إلى النصف أو أقل من ذلك.. وكذا الحال بالنسبة إلى بقية الخضروات حتى الفول المصري حبيب الشعب الذي نصاعد سعره بسبب تصريح لوزير التجارة عن وقف استيراده، ولكن بالأمس تراجعت الوزارة من قرارها، وهذا يعني أن حبيب الشعب سيعود إلى سعره القديم بل ستعود إن شاء الله الأسعار إلى وضعها الطبيعي، بعد ضخ البترول من دولة الجنوب والذي ظللنا نبشر به ونؤكد أنه الأمل الوحيد لانفراج الحالة الاقتصادية المتصاعدة، وهو مفتاح الفرج على هذا الشعب الصابر، إن التجار الذين ساهموا في عملية الغلاء وارتفاع الأسعار عليهم الآن أن يفكوا الدولارات التي اكتنزوها الفترة الماضية، لأن بترول الجنوب سيوفر عُملة صعبة، وإلا ستكون خسائرهم كبيرة بنفس سرعة المال الكثير الذي حصلوا عليه..
فيمهل ولا يهمل.