تقارير

لماذا ظلت محكمة الكوميسا بالخرطوم خالية من القضاة؟؟

لقاءات لوساكا وحلول تعثر ديون بنك التجارة التفضيلية

لوساكا..أيام في زامبيا (2)
يوسف عبد المنان
في قمة لوساكا التي انعقدت في 30 يناير 1992م، لرؤساء منطقة التجارة الأفريقية لدول الشرق والجنوب الأفريقي تم تحويل منطقة التجارة التفضيلية إلى سوق مشتركة تعرف اختصاراً (بالكوميسا) وفتح القادة الأفارقة عضوية المنظمة لدول المنطقة وفق شروط أهمها تزكية الدولة الحدودية المجاورة.. وقد انضمت جمهورية مصر إلى السوق المشتركة بتزكية من السودان، وتعتبر الآن الدولة الأكثر استفادة من السوق المشتركة لتقدمها الصناعي على بقية الدول الأعضاء، وفي اجتماعات لوساكا الأخيرة تم قبول عضوية دولتين هما تونس التي مثلها وزير الخارجية ودولة الصومال.. وتتكون عضوية السوق المشتركة من جمهورية أنجولا، جمهورية بورندي، جزر القمر الاتحادية الإسلامية، جمهورية الكنغو الديمقراطية وجمهورية جيبوتي، والسودان ومصر وإريتريا وإثيوبيا وكينيا وجمهورية مدغشقر وملاوي وموريشوس وناميبيا ورواندا وسيشل ومملكة سيوزلاند وجمهورية تنزانيا المتحدة.. وجمهورية يوغندا وجمهورية زامبيا وجمهورية زمبابوي.. وترك الباب مفتوحاً أمام انضمام كل من جنوب أفريقيا وبتسوانا.. وتهدف السوق المشتركة إلى بلوغ النمو والتنمية المستدامتين للدول الأعضاء من خلال تعزيز وجود تنمية أكثر توازناً لهياكل الإنتاج والتسويق بها.. وتعزيز التنمية المشتركة في جميع مجالات النشاط الاقتصادي ودعم التبني المشترك لسياسات وبرامج الاقتصاد الكلي من أجل رفع مستوى معيشة شعوبها ودعم وجود علاقات أكثر ارتباطاً بين دولها الأعضاء، والتعاون من أجل خلق بيئة تمكن للاستثمار الأجنبي والاستثمار عبر الحدود والاستثمار المحلي، بما في ذلك التعزيز المشترك للبحوث وتكييف العلم والتكنولوجيا من أجل التنمية والتعاون من أجل تعزيز السلم والأمن والاستقرار بين الدول الأعضاء، بهدف الارتقاء بالتنمية الاقتصادية في الإقليم.. والتعاون من أجل تدعيم العلاقات بين السوق المشتركة وباقي دول العالم وتبني المواقف المشتركة في المحافل الدولية والمساهمة من أجل إرساء أهداف الجماعة الاقتصادية الأفريقية وتحقيقها والارتقاء بها.
{ ما هي فوائد وجدوى التكتل
يعتبر تكتل الكوميسا من المجموعات الاقتصادية الهامة في القارة، وتهدف السوق المشتركة إلى قيام اتحاد جمركي بإلغاء جميع الحواجز غير الجمركية على التجارة فيما بينها وإنشاء تعرفة خارجية موحدة، والتعاون في الإجراءات والأنشطة الجمركية، واعتماد خطة موحدة لضمان التعهد والتأمين الجمركي وتبسيط مواءمة الوثائق والإجراءات التجارية، ووضع شروط إعادة تصدير البضائع من الدول غير الأعضاء داخل السوق المشتركة، ووضع قواعد المنشأ بصدد المنتجات الناشئة في الدول الأعضاء، وإقرار الموقف الخاص لبعض الدول وتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء، ومن جهة أخرى يعتبر السوق واجهة تعاون مشترك مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، حيث يتلقى السوق دعومات مالية سنوية وقروضاً، ويساهم شركاء الكوميسا في بنك التجارة التفضيلية الذي يقرض الدول الأعضاء بفوائد لا تذكر من أجل تنمية اقتصاديات هذه الدول، وقد تم إقراض (6) مليارات دولار لدول السوق، حصل السودان لوحده على مبلغ مليار دولار أمريكي بعضها تم إقراضها إلى شركات ورجال أعمال. وللسوق المشتركة أجهزة عديدة تبدأ بقمة الكوميسا وتنعقد سنوياً في أي من الدول الأعضاء بطلب من رئيس الدولة وموافقة الأخرى ، وبطبيعة الحال ينعقد المجلس الوزاري قبل القمة ولجنة محافظي البنوك المركزية واللجنة الحكومية واللجان الفنية والأمانة العامة واللجنة الاستشارية، وبموجب المادة (7) من معاهدة قيام السوق المشتركة تم إقرار قيام محكمة عدل الكوميسا ومقرها في الخرطوم.. ويقع في وسط العاصمة جوار مستشفى أمبريال.. وتبرعت حكومة السودان بقطعة أرض قيمتها لا تقل عن مليون دولار، بينما بلغت تكلفة إنشاء المحكمة (6) ملايين دولار أمريكي ، وتتشكل المحكمة من اثني عشر قاضياً تعينهم قمة الكوميسا، منهم سبعة يعينون في دائرة الدرجة الأولى وخمسة في دائرة الاستئناف، ويتم اختيار قضاة المحكمة من بين أشخاص ذي حيادية واستقلالية ممن يستوفون الشروط اللازمة لشغل المنصب القضائي السامي في الدول محل إقامتهم أو من فقهاء القانون ذوي الكفاءة، ولكن مقر محكمة الكوميسا في الخرطوم خالٍ من القضاة ولا يحضرون لأسباب غير معلومة، وفي مؤتمر قمة زامبيا الأخيرة عقد نائب رئيس الجمهورية “حسبو محمد عبد الرحمن” لقاءً برئيس المحكمة وحثها على ضرورة مباشرة القضاء لمهامهم من مقر رئاسة المحكمة.. والسودان على استعداد لتقديم أي عون من شأنه مساعدة المحكمة لأداء واجبها ومهام واختصاصات محكمة الكوميسا الفصل في القضايا والنزاعات التي تنشأ بين الدول والفصل فيها.. ولكن المحكمة حتى اليوم لم تمارس نشاطها بما نص عليه في أمر تأسيسها.
{ لقاءات هامة
من اللقاءات الهامة التي عقدها “حسبو محمد عبد الرحمن” نائب رئيس الجمهورية في العاصمة الزامبية لوساكا على هامش القمة لقاؤه بمدير بنك التجارة التفضيلية الذي بدأ تعاونه مع السودان منذ تأسيس البنك.. وعوضاً عما فقده السودان من فرص تمويل من المصارف العربية والأوروبية قدم بنك التجارة التفضيلية للسودان حتى الآن مبلغ مليار دولار أمريكي في وقت بلغت فيه جملة المبالغ المخصصة لاقتراض الدول الأعضاء ستة مليارات دولار.. وواجهت البنك مصاعب في استرداد أمواله التي أقرضها للسودانيين، وتشمل قروضاً لشراء وقود من قبل بنك السودان وتمويل مشروعات للقطاع الخاص.. الضامن فيها البنك المركزي وتم الاتفاق بين مدير المصرف، ونائب رئيس الجمهورية على حل كل القضايا العالقة بما في ذلك كيفية سداد المتأخرات واستئناف البنك نشاطه التمويلي بالسودان.. وبعد اللقاءات مباشرة وجه نائب الرئيس وزير المالية الفريق “الركابي” بالقدوم فوراً إلى نيروبي وعقد مباحثات مع البنك لتوقيع اتفاق لجدولة الديون وكيفية سداد واستئناف البنك لنشاطه التمويلي، يُذكر أن عدداً من رجال المال المعروفين اصطلاحاً (بالقطط السمان) حصلوا على تمويل من بنك التجارة التفضيلية ولم تسدد أصول الديون، وقد تم إلقاء القبض على بعضهم لأن الضامن لهؤلاء التجار البنك المركزي.
وفي لقاء نائب رئيس الجمهورية بالأمين العام لمنظمة الكوميسا تم التأكيد على التعاون المشترك وثقة القيادة السودانية في الأمانة العامة، رغم أن مرشح السودان قد خسر أمامها، و ذلك يعني احترام السودان لثقة اللجنة التي اختارت السيدة “تشليشي” الزامبية الجنسية، وفي اجتماعات المجلس الوزاري لدول الكوميسا أثار وزير الدولة بالتجارة “الصادق محمد علي حسب الرسول” قضية الخسارة المفاجئة لمرشح السودان د.”عبد الله حمدوك” رغم تقدمه على المرشحين الاثني عشر من حيث المؤهلات المطلوبة والقدرات والشهادات، وانتقد “الصادق محمد علي” إسناد أمر اختيار منصب الأمين العام إلى لجنة وشركة.. وقال إن المنصب كان حرياً بأن يتم اختيار المرشحين من قبل أعضاء المجلس الوزاري للكوميسا، ورفض وزير التجارة الإريتري حديث د.”الصادق محمد علي” ، واعتبر مراقبون في (لوساكا) الخلاف بين الوزيرين يعكس الأزمة الدبلوماسية بين السودان وإريتريا.
من هو د.”حمدوك
من أكبر المفاجآت ترشيح الدكتور “عبد الله حمدوك” لمنصب الأمين العام لمنظمة الكوميسا ،وهو الذي يتولى منصباً مرموقاً في الأمم المتحدة اللجنة الاقتصادية التابعة للأمم المتحدة، ومقرها في أديس أبابا.. ود.”حمدوك” خبير سوداني من أبناء جنوب كردفان منطقة القوز، تخرج في جامعة الخرطوم كلية الاقتصاد ومكث لفترة في وزارة المالية.. ومن ثم اتجه إلى المنظمات الدولية التي استقطبت في سبعينات وثمانينات القرن الماضي الكفاءات السودانية النادرة مثل د.”كامل إدريس” في الملكية الفكرية.. ود.”بشير أبو ديك” في الأمم المتحدة.. ود.”حامد البشير إبراهيم” في اليونيسيف.. ود.”علي جماع عبد الله” شقيق الشاعر والأديب “فضيلي جماع” ويعتبر د.”عبد الله حمدوك” من الخبرات والكفاءات الاقتصادية النادرة، رشحه د.”التجاني سيسي” بعد عودته من رحلة المعارضة الخارجية للقيادة السودانية لإسناد منصب وزاري تخطيطي للاستفادة من قدراته، إلا أن ذلك لم يتحقق.. واستعان الراحل “ملس زناوي” رئيس وزراء أثيوبيا بدكتور “عبد الله حمدوك” ومعه (6) خبراء عالميين أحدهم بريطاني وأمريكي وغاني ومن جنوب أفريقيا وإثيوبي وباكستاني، وعهد إليهم بمهمة وضع خطة لتنمية وتطوير إثيوبيا الحديثة.. وهذه اللجنة هي من خططت لقيام سد النهضة.. وقدمت مقترحات لكيفية تمويل مشروعات النهضة وتمت مكافأة المجموعة بأوسمة من الدولة الإثيوبية.. وعند ترشيح “حمدوك” لمنصب الأمين العام وجد السند والدعم من الخرطوم، ولكن أبعدته بعض حسابات دول المنطقة.
{ سيدات الأعمال
إذا كان رجال الأعمال السودانيون قد حصلوا على تمويل من بنك التجارة التفضيلية فإن سيدات الأعمال قد اقتحمن هذه الساحة بدخول السيدة “سهام شريف” ومشاركتها الفاعلة في الاجتماعات الأخيرة.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية