تقارير

قمة الـ(كوميسا) هواجس الأمن بين الجنوب وإريتريا

أيام في زامبيا (1)

يوسف عبد المنان – حديث السبت

لماذا فشل رجل السودان في مواجهة امرأة زامبية؟!

صحافي سوداني يمتهن الزراعة في لوساكا.. ومزارع من هبيلا إلى زامبيا

ثلاثة أيام قضاها الوفد السوداني في دولة زامبيا ما بين الاجتماعات المطولة واللقاءات التي عقدها نائب رئيس الجمهورية في العاصمة الزامبية لوساكا مع مسؤولين أفارقة ورؤساء دول وقادة في منظمة السوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي المعروفة اختصاراً بـ(كوميسا)، وما بين برودة الطقس وحرارة القضايا التي أثيرت على جبهة أفريقيا الاقتصادية وتطورات السياسة في القرن الأفريقي بالمصالحة التاريخية بين إريتريا وإثيوبيا وظلالها الأمنية على القرن الأفريقي ودول الصومال وجيبوتي، ومبادرة المصالحة ووقف الحرب بين فرقاء الجنوب السوداني وأثر ذلك على الأمن والاستقرار في يوغندا والسودان وكينيا وإثيوبيا وأفريقيا الوسطى والكنغو الديمقراطية.. بين هذا وذاك وخسارة السودان لمقعد الأمين العام لمنظمة الـ(كوميسا) وكيف اختارت لجان المعاينات امرأة من زامبيا وخسر مرشح السودان الجولة، قراءات في سطور الأيام الثلاثة بالعاصمة الزامبية التي أنجبت أعظم لاعب كرة القدم في أفريقيا جنوب الصحراء كيف لا وأجيال وأجيال لن يفارق مخيلتها كيف كان اللاعب كالوشكا بواليا يطوع الكفر وينثر فنه الرفيع بعد أن ورث كابتنية منتخب نهض من ركام وأنقاض طائرة تحطمت بمنتخب الرصاصات النحاسية في واحدة من فواجع الساحرة المستديرة ملهمة الملايين.

{ هواجس الأمن ما بين القرن والجنوب

لم يُخف قادة الدول والحكومات الأفريقية ارتياحهم البالغ لتطورات الأوضاع في السودان والقرن الأفريقي، وأشاد قادة ورؤساء حكومات زامبيا ملاوي ومدغشقر والكونغو الديمقراطية بمبادرة السودان التي نجحت في تسوية النزاع الجنوبي بعد تعثرات خلال السنوات الماضية وحرب أدت لمقتل الآلاف من مواطني الدولة حديثة التكوين، وشملت الإشادات مبادرة الرئيس الإثيوبي “أبي أحمد” بطي صفحة النزاع مع إريتريا، وبالتالي بداية استقرار الصومال الذي كانت أرضه مسرحاً لحروب إقليمية أهلكت الدولة حديثة التكوين، ونص البيان الختامي لمنظمة الـ(كوميسا) على إشادة بدور الدولتين في إنهاء النزاعات المقعدة بالمنطقة.

وفي حديث نائب رئيس الجمهورية في الجلسة الختامية، أكد أن الخرطوم تضع قضية السلام في القارة في مقدمة انشغالاتها وتسعى داخلياً عبر الحوار لجمع الصف ونزع السلاح من أيدي المواطنين.

 

{ بين شيلستي وبنك التجارة

 

خسارة السودان لموقع الأمين العام لمنظمة الـ(كوميسا) كانت دافعاً لتقديم التهنئة للمرأة الزامبية “شيلستي” وعقد نائب رئيس الجمهورية لقاءً بالسيدة الأربعينية التي حصلت على المنصب بعد منافسة مع أربعة آخرين خامسهم مرشح السودان د. “عبد الله حمدوك” الذي جاء ترتيبه الأول من حيث المؤهلات العلمية والخبرات لكنه خسر نتيجة المعاينات متدحرجاً إلى المرتبة الثالثة. وينفي وزير الدولة بالخارجية السفير “محمد عبد الله إدريس” في حديث لـ(المجهر) وجود مؤامرة أبعدت مرشح السودان من المنصب، ولا يقر بأن تقاعساً من الدولة في دعم المرشح هو ما تسبب في سقوطه. ويقول “إدريس” إن مرشح السودان خسر لرسوبه في المعاينة التي تم إجراؤها بواسطة شركة متخصصة قامت بالمهمة، وقال إن القضية ليست سياسية حتى تحتاج لدعم من الرئاسة لكن لقاء نائب رئيس الجمهورية بمقر إقامته بفندق (ريدسون بلو) قد أكد على ضرورة التعاون المشترك بين السودان والمنظمة.

{ صحافي من التلفزيون القومي إلى زراعة عيش الريف

 

اسمه “عبد المنعم العبيد أحمد” الشهير بـ(الأسيد) من منطقة جنوب شندي يعمل حالياً مزارعاً لعيش الريف أو الذرة الشامية، وهي الغذاء الرئيسي لسكان زامبيا، ويزرع كذلك الطماطم والبطاطس وتجاوزت ثروته المالية نصف المليون دولار أمريكي.. جاء “الأسيد” للمشاركة في لقاء نائب رئيس الجمهورية مع الجالية السودانية هناك وسألته عن مهنته وسبب حضوره إلى زامبيا فقال: أنا من منطقة المسيكتاب جنوب شندي عملت بالتلفزيون القومي مصوراً صحافياً.. من زملائي في النصف الأول من ثمانينيات القرن الماضي “خضر الفحام” و”عمر الجزلي”، وفي الفترة من 81 وحتى 1983 كنت واحداً من نجوم التلفزيون حينذاك، ومن أجل تحسين أوضاع الأسرة هاجرت إلى السعودية والتحقت بتلفزيون الرياض وجامعة الملك سعود، وطوال ثمانية عشر عاماً في المملكة كنت أحصد الريال من أجل عودة نهائية لبلدي، وبكل أسف حينما عدت بأشواقي ومرارة الغربة، وأنا في السعودية كنت أعيش كإنسان من الدرجة الثانية، حدثت لي صدمة في وزارة الاستثمار جعلتني أغادر وطني إلى زامبيا.. وقصتي طلبت لقاء أحد المسؤولين في الوزارة للمصادقة لي بقطعة استثمارية بعد دفع كل الالتزامات فطلب مني الموظف انتظار المسؤول وفجأة حضر وفد أجنبي وتم السماح له بمقابلة الرجل وأنا منتظر، وهنا قررت الانصراف ومزقت أوراقي وخرجت من المكتب وقررت الهجرة بعد أن شعرت بأنني إنسان درجه ثانية في طني مثلما كنت درجة ثانية في السعودية، فقررت الهجرة وقادتني الأقدار لزامبيا ووجدت التقدير وزرعت وحصدت والآن مرتاح الضمير.

{ لقاء مفتوح مع الجالية السودانية

 

لا تقل أهمية مخاطبة الجاليات السودانية بالخارج عن مخاطبة المواطنين بالداخل، ورغم أن عدد الجالية السودانية بدولة زامبيا يقل عن المائة وخمسين نسمة بما في ذلك الأطفال إلا أن لها دوراً كبيراً في الدولة، خاصة وأن معظم أعضاء الجالية إما يعملون في التجارة أو الزراعة أو شركات البترول، وقليل منهم يعمل في السفارات خاصة العربية والمنظمات الدولية والإقليمية.. وفي لقاء نائب رئيس بأعضاء الجالية فتحت نوافذ الحوار دون قيود، وطلب “حسبو” من أعضاء الجالية تقديم أسئلتهم مباشرة، فتحدثوا عن بعض من مشاغلهم وكثير من هموم الوطن، وقالت الدكتورة “مقبولة عباس سيف النصر” وهي مترجمة إن الحكومة السودانية ظلت تاريخياً تهتم بالعلاقات مع الدول العربية وتتجاهل أفريقيا، وقللت من مردود تلك العلاقة غير السوية، وأضافت: (نحن نتمسك بالعرب وهم يلفظوننا)، وأعلنت عن تسجيلها لمركز ثقافي في لوساكا للتعريف بالثقافة السودانية.

وانتقد “معتصم الأمين الدرديري” وهو مهندس بترول يعمل في وزارة الطاقة الزامبية قائلاً إن جهاز شؤون السودانيين العاملين بالخارج يهتم فقط بالمغتربين في دول الخليج ولا شأن له بالمغتربين في أفريقيا وهم مكون مهم جداً.. أما “ياسر إبراهيم عبد الصادق” فقد ترك الزراعة بمشاريع هبيلا بجنوب كردفان بسبب الاضطرابات الأمنية ولجأ لدولة زامبيا متقفياً أثر والده ومهنته حيث يعدّ الراحل “إبراهيم عبد الصادق” من أعلام تجار الدلنج ومزارعي هبيلا، ويقول “ياسر” إن الأوضاع الأمنية لا تزال سيئة في جنوب كردفان رغم وقف إطلاق النار.. وغير بعيد عن حديثه يقول “مجدي عبد الله آدم” من غرب كردفان منطقة السنوط يعمل خبيراً اقتصادياً بالسفارة السعودية إن الفترة الأخيرة وبعد جمع السلاح من المواطنين حدثت أحداث بسبب التمرد وغياب الدولة، مطالباً الحكومة بالقيام بدورها في حماية المواطنين.. أما “أبو بكر خضر لوج” فيطالب بفتح مدرسة سودانية في زامبيا لتدريس أبناء الجالية.. وأشاد “مصطفى عبد الباقي ناصر” بتطور الشرطة السودانية وسرعة إنجاز معاملات المواطنين خاصة في مجمع الجوازات، ويقول: (لقد استخرجت جواز سفري في عشرين دقيقة فقط، لكني وقفت في الشارع منتظراً المواصلات العامة مدة ساعتين).

وفي حديثه للجالية قال نائب رئيس الجمهورية إن الحكومة عازمة على وقف الحرب في كل مكان، لذلك فتحت أبواب الحوار السياسي والمجتمعي دون سقوفات ورحبت بكل صاحب رأي، والآن الحكومة التي تقود البلاد هي ثمرة لحوار طويل، ومكونات الحكومة الحالية أكثر من مائة حزب وحركة مسلحة، وحتى الأحزاب التي سقطت في الانتخابات تم إشراكها في الحكم. وانتقد النائب تعدد حركات دارفور حتى زادت عن المائة حركة، وقال: (لو خرجنا نحن الثلاثة الرئيس وبكري وشخصي من القصر وتركنا الحكم لأهل دارفور لفشلوا في الاتفاق على من يحكمهم). وعدد “حسبو” نجاحات الدولة السودانية الحديثة في عهد الإنقاذ، حيث بلغت الجامعات (140) جامعة يتم قبول (600) ألف طالب وطالبة سنوياً، في الوقت الذي بلغت فيه جامعات دارفور وحدها ست جامعات. ونفى نائب رئيس الجمهورية أن تكون علاقات السودان الخارجية مختلة ومشوهة ومتحيزة للعرب على حساب الأفارقة، وقال إن السودان يبني علاقته بالآخرين تبعاً لمصالحه وليس لاعتبارات أخرى عقائدية أو عرقية. وتحدث عن علاقته بالرئيس اليوغندي “يوري موسفيني” الذي كان يعتقد خطأ أن في السودان عرباً يضطهدون الأفارقة الزنوج، لكنه بعد زيارة السودان ومعايشته للواقع أدرك خطأ اعتقاده السابق، بل أصبحت يوغندا اليوم أقرب للسودان أكثر من أي وقت مضى.

وعن مبادرة الرئيس “البشير” لرأب الصدع بين الفرقاء في جنوب السودان قال نائب رئيس الجمهورية “حسبو محمد عبد الرحمن” إن عدد اللاجئين من دولة جنوب السودان بلغ (3) ملايين و(800) ألف نسمة يعيشون في وطنهم الأم كمواطنين فرضت عليهم الحرب، وتوقف الحرب من شأنه أن يساهم في استقرار الدولة الذي يعيد الحياة لها ويعزز فرصة استثمار الدولتين في الموارد الطبيعية.. فالحرب في دولة جنوب السودان أدت لخفض الإنتاج من البترول من (520) ألف برميل في اليوم عند ساعة الانفصال إلى (120) الف برميل يومياً الآن.. وفي حال استقرار الجنوب ستعود العافية لجسده.

{ “حسبو”: لدينا اتصالات بـ”عرمان” و”جبريل”

في رده على سؤال “أحمد الشريف محمود” من قيادات الجالية بلوسكا كشف نائب رئيس الجمهورية عن اتصالات جرت ولا تزال تُجرى مع الحركات المسلحة من أجل إقناعها بالسلام ووقف الحرب، ولم تستثن الاتصالات المتمردين في المنطقتين ودارفور، وجرت الاتصالات مع “ياسر عرمان” و”جبريل إبراهيم” و”عبد الواحد محمد نور”، وقال إن الحرب في دارفور قد انتهت ولا وجود لتمرد الآن في كل ولايات دارفور.. وعن جمع السلاح قال “حسبو” إن قرار جمع السلاح لا رجعة عنه ولا تعويض لمن يسلم سلاحه طوعاً، وتوعد الرافضين بالملاحقات القانونية بعد انقضاء فترة الجمع الطوعي، وقال إن التقديرات السابقة لتكلفة جمع السلاح تصل لمبلغ (7) تريليونات جنيه سوداني، وهو مبلغ كبير فوق طاقة البلاد.. وعن محاربة الفساد قال إن الدولة جادة جداً في القضاء على الفساد، وفي سبيل القضاء عليه لن تنظر لبطاقات انتماء المتهمين، لكنها أيضاً تتحرى العدل ولن تأخذ الناس بالشبهات، وأضاف: (لدينا محاكم مختصة لقضايا الفساد والإرهاب والاتجار بالبشر وهي محاكم ناجزة وعادلة).

{ وجوه في زحام زامبيا

} يعدّ الدكتور “محمدين سيف النصر” الخبير الاقتصادي في السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا من الوجوه التي خاضت معركة أن تكتب لنفسها وبلادها وجوداً في واحدة من المنظمات النامية في القارة الأفريقية، ويعمل “محمدين” في وظيفة خبير بـ(كوميسا).. ويقول عن تجربته إنه خاض منافسة قبل ثمانية عشر عاماً لنيل وظيفة صغيرة ونجح بفضل خبرته الطويلة في وزارة الطاقة والتعدين.. و”حمدين” من أبناء منطقة كارنوي بشمال دارفور لم يفارق الوفد لمدة ثلاثة أيام ومعه زوجته الدكتورة “مقبولة عباس”  المترجمة وحتى ابن “حمدين” الطالب ظل قريباً من وفد بلاده.

} سيدة الأعمال “سهام شريف” الناشطة في منظمة الـ(كوميسا) عقدت اتفاقيات مع رجال أعمال وسيدات أعمال من عدد من البلدان، وقدمت نفسها للأفارقة كوجه سوداني مشرق جداً.. و”سهام” صحافية سابقة من مدرسة (ألوان) وتدين بالفضل لأستاذها “حسين خوجلي” فيما بلغته من شأن.

} وزير الدولة بالتجارة “الصادق محمد علي” بمجرد انتهاء أعمال مؤتمر الـ(كوميسا) خلع عباءة الحكومة وطار إلى أديس أبابا للحاق بنائب رئيس الحزب د. “فيصل حسن إبراهيم” الموجود هذه الأيام بإثيوبيا.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية