رأي

المسؤولون لا يعلمون و"كرتي" يكمل الصورة!!

{ اعتداء دولة إسرائيل على مصنع (اليرموك) كشف عن عدم وجود إستراتيجية سياسية وإعلامية في الدولة للتعامل مع مثل أحداث كهذه، هذا  بجانب تضارب التصريحات التي تصدر عن جهات تمثل الحكومة، وما يسند هذا القول الحكومة نفسها.. ففي الوقت الذي أرجع فيه الناطق الرسمي سبب ما حدث لـ(اليرموك) إلى وقوع انفجار في أحد مخازن الذخيرة واشتعال وامتداد النيران إلى منطقة مجاورة تكثر فيها الحشائش والأشجار؛ الأمر الذي ساعد على زيادة مساحة النيران، قال مسؤول آخر إن عامل اللحام بالمصنع هو المسؤول عن هذا الحريق. وفي خضم هذه التصريحات المضطربة التي تدل على عدم العلم، اكتشفت الحكومة أن دقة المواطن ورجاحة عقله جعلته يتجاوز التصريحات الرسمية، ويتوصل بملاحظاته الصائبة إلى الحقيقة، ولهذا السبب عادت وأعلنت الحكومة في مؤتمرها الصحفي أن مصنع (اليرموك) قُصف من الجانب الإسرائيلي.
{  لم يكن المسؤولون الذين صرحوا عقب الضربة هم وحدهم من لا يعلم، فحتى وزير الخارجية أقرّ بالأمس في برنامج (حتى تكتمل الصورة) أنهم لا يعلمون إن كان مصنع (اليرموك) ضُرب بطائرات أم صواريخ. فعدم العلم هنا كان عاملاً مشتركاً في قضية (اليرموك)، وشكا من ضعف التنسيق بين أجهزة الدولة المختصة ووزارته فيما يخص قصف المصنع؛ ما أدى إلى عدم انسياب المعلومة للمواطن. وأكد كذلك وجود خلاف داخل الحكومة حول التعاون مع إيران، وكان ذلك واضحاً في التصريحات المتقاطعة التي صدرت عن المسؤولين، فهناك تيار في الحكومة يوصف بالمتشدد يتبنى موضوع تدعيم العلاقة مع إيران، ويعدّها إستراتيجية، فيما يتبنى تيار آخر منطقاً واقعياً يدعو إلى النظر لهذه العلاقة في إطار توازن القوى السياسة والاقتصادية التي تحكم العالم، لذلك كانت أغلب التصريحات التي صدرت عقب الاعتداء على مصنع (اليرموك) تعبر عن قناعات مجموعات في الحكومة لا عن رؤية مشتركة للجهات المختصة. ففي الوقت الذي قال فيه “أمين حسن عمر” لصحيفة (الشرق الأوسط)، (لن ندخل في مغامرة غير محسوبة مع إسرائيل)، أكد نائب رئيس الجمهورية “الحاج آدم” في مخاطبة بمجلس تشريعي الخرطوم أنهم يقبلون التحدي مع إسرائيل (وكان نزلوا في الأرض لحسمناهم بالسواطير) أو كما قال. كما أن ضعف التنسيق والخلاف الذي أكده الوزير “كرتي”  يشير بوضوح إلى أن الأجهزة المسؤولة لا تدير هذه الملفات التي تعدّ من صميم اختصاصاتها، وإذا كان كل هؤلاء لا يعلمون ولا يديرونها، فمن يعلم ويدير الدولة؟
{ الاختلاف حول أمر إيران سيسبب شرخاً كبيراً في دولاب الحكومة، وإذا لم يتم حسمه سيفقدها تحالف وتعاطف ومساندة دول عربية مهمة، لا سيما أن العالم الآن تديره المصالح. ويقول علماء السياسة ليست هناك عداوة دائمة أو صداقة دائمة، والسودان يعيش الآن في حالة شبيهة بحالة العزلة على المستوى العالمي، ربما تطورت وشملت دولاً مجاورة وصديقة على المستوى الإقليمي في قادم الأيام.
{ حديث “كرتي” للإعلام يدل على أنه وصل إلى طريق مسدود مع هذه الجهات القابضة؛ لذلك فضل إخراج الهواء الساخن من صدره في منابر الإعلام، وإلا لما تحدثت وزارة الخارجية التي تمثل الدبلوماسية والحصافة بهذه الصراحة غير المعهودة، ومن غير المستبعد أن يكون الوزير اختار الإعلام ليكون ساحة المواجهة بينه وبين من يخالفونه الرأي، والدليل على ذلك أن “كرتي” ظهر خلال هذا الأسبوع في برنامجين محضورين، هما (مؤتمر إذاعي) و(حتى تكتمل الصورة).
{ انتقاد وزير الخارجية الذي حمّل وزارة الدفاع مسؤولية الهجوم على (اليرموك)، قابله الناس باستهجان وسؤال، فإذا لم تتحمل وزارة الدفاع مسؤولية الهجوم، فمن يتحمل؟! ألم تكن من مهامها الدفاع عن البلاد؟ وإذا كان هؤلاء لا يعلمون ووزارة الدفاع غير مسؤولة، فمن المسؤول؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية