تقارير

سباق محموم بين "أوباما" و"رومني" للوصول إلى البيت الأبيض: رئيس أمريكا القادم .. كيف سيتعامل مع السودان؟!

يتجه الناخبون الأمريكيون، المقدر عددهم بنحو (200) مليون ناخب، اليوم الثلاثاء، لاختيار رئيس جديد للبلاد من بين الرئيس المنتهية ولايته “باراك أوباما” ومنافسه الجمهوري “ميت رومني”.. وتعدّ الأحوال الاقتصادية المتردية هي العامل الرئيس في التأثير على قرارات الناخبين؛ هذا فضلاً عن الحديث المتكرر حول إصلاح نظام الرعاية الصحية. فالناخبون يشعرون بالقلق إزاء البطالة، وديون الرهون العقارية، والضرائب. كما أنهم يخشون على اعتمادات تقاعدهم، ومما قد يلحق بهم من الأعباء المالية التي قد يورثونها لأبنائهم وأحفادهم والأجيال المقبلة. وفي هذا الصدد، يقول المدير المساعد لمعهد (بيو) للأبحاث ودراسات الرأي العام “كارول دوهرتي”: (الديمقراطيون يواجهون مأزقاً في هذه الانتخابات بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية، كما أن الناس أصبحوا يلومون أوباما لعدم التزامه بتعهداته السابقة بإصلاح الأوضاع الاقتصادية، وهذا ليس في صالحه لأن الأمريكان انطباعيون ومستعجلون للنتائج). ومضى “دوهرتي” قائلاً: (المشكلة الأخرى التي تواجه الديمقراطيين أن معظم الذين ساندوا أوباما وصوتوا له هم من الشباب، وهم عادة لا يشاركون ولا يكترثون للانتخابات التجديدية). ومن العوامل التي تؤثر على الناخبين وقد تبدو غريبة على معظم السودانيين هو عامل الدين، فدرجة تدين المرشح والدين الذي ينتمي إليه لهما أثر كبير في فوز الرئيس الأمريكي، وربما لهذا السبب لم ينتخب الأمريكيون رئيساً ملحداً منذ أن بدأوا في انتخاب رئيس بلادهم. وقد أظهرت دراسة نشرتها جامعة (جورج تاون) قبل عامين أن نحو (95%) من الأمريكيين متدينون، كما  أظهرت أن (5%) منهم ملحدون ولا يعتقدون بوجود الله، ويؤمنون بالشذوذ الجنسي، ويطالبون بزواج المثليين وإعطاء حق الإجهاض، ولا يقولون بتقدير الله لأحداث 11 سبتمبر، ويقولون (العواصف هي العواصف). وبالنسبة لـ”ميت رومني”، فهو مسيحي ينتمي إلى طائفة تضم نحو (6) ملايين أمريكي، و”أوباما” مسيحي أيضاً وينتمي إلى طائفة البروتستانت.. وأذكر جيداً قبل عامين عندما كنت في واشنطن  انطلقت شائعة فيها، حيث تدار كواليس السياسة الأمريكية، بأن الرئيس “باراك حسين أوباما” مسلم وليس مسيحياً كما يدعي، وأنه لا يذهب إلى الكنيسة، وأن اسمه ليس “باراك” وإنما “حسين”، وقد سارع الرئيس الأمريكي على الفور إلى تكذيب هذه الشائعة عبر بيان أصدره البيت الأبيض، مؤكداً فيه أن “أوباما” مسيحي ملتزم وليست له علاقة بالإسلام، بل إن “أوباما” ذهب إلى أكثر من ذلك بأن ذهب إلى الكنيسة في يوم الأحد التالي مباشرة، وظهر في مباني الكنيسة بوسائل الإعلام وهو يصلي، وصارت الآن عادة لديه بأن يذهب كل أحد للصلاة في الكنيسة وفي حضور وسائل الإعلام. وحينما سألت وقتها المدير المساعد لمركز (بيو) للأبحاث ودراسات الرأي العام “كارول دوهرتي” عن: من مطلقو هذه الشائعة؟ ولماذا مثل هذه الشائعة بالذات في بلد لا يضع أي اعتبار للأمور الدينية؟ أجابني بالقول: (إن من أطلق هذه الشائعة هم الجمهوريون لتشويه صورة الرئيس كجزء من الحملة الانتخابية للانتخابات النصفية للكونغرس.. و(80%) من معظم الأمريكيين الذين استطلعناهم صدقوا هذه الشائعة وهم يعتقدون أن الرئيس أوباما مسلم). ويضيف مدير المركز الذي يعدّ من أهم وأوثق المراكز الأمريكية المهتمة بقضايا الرأي العام قائلاً: (اسم الرئيس، وعائلته بجانب عدم اعتياده الذهاب إلى الكنيسة جعلت الأمريكيين يصدقون ذلك، ما جعله يذهب إلى الكنيسة أسبوعياً ويصور نفسه كمتدين ملتزم.. ولكنني أعتقد أن هذا الأمر لن يؤثر عليه كثيراً للكاريزما القوية التي يمتلكها الرئيس وقدرته الشخصية على الإقناع).
غير أن التساؤل الذي يطرح نفسه: كيف سيتعامل القادم الجديد إلى البيت الأبيض سواء كان “أوباما” أو “رومني” مع ملف السودان؟ وهل ستتغير إستراتيجية البيت الأبيض تجاه القصر الجمهوري أم تظل الأمور كما هي عليه الآن؟ ويبدو أن “أوباما” أراد أن يرسل رسالة للخرطوم مفادها أنه لن يغير من سياساته تجاهها، وذلك عندما جدّد العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان لعام آخر قبل (3) أيام من ذهاب الناخبين إلى صناديق الاقتراع. وهذه الخطوة جعلت وزير الخارجية “علي كرتي” يخرج عن وقاره ويصف أمريكا بالدولة (المنافقة والضعيفة). ويقول القيادي في الحزب الحاكم – المؤتمر الوطني – “ربيع عبد العاطي” إنهم لا يضعون أي فرق بين المرشحين الاثنين وإن كليهما يمثلان العنجهية الأمريكية. وقال خلال اتصال هاتفي مع (المجهر) يوم أمس: (نحن نتعامل مع الرئيس الأمريكي أياً كان، وفقاً لمصالحنا والمعطيات الموجودة.. ولا نرى أن هنالك فرقاً بين أوباما أو رومني.. الاثنان سينفذان الأجندة الأمريكية تجاه السودان). أما الكاتب الصحافي المقيم في الولايات المتحدة الدكتور “عبد الله علي إبراهيم” فيرى أنه إجمالا لا يوجد فرق كبير في أن يكون الرئيس ديمقراطياً أو جمهورياً في التعامل مع السودان. ويرى خلال حديثه لـ (المجهر) خلال اتصال هاتفي (أن دائرة المحيطين بالرئيس أوباما من الديمقراطيين هم أكثر عداءً للسودان، ويمكن أن أذكر سوزان رايس وجنداي فريرز وغيرهما.. وأنا أعتقد أن الكونغرس هو الأكثر شراسة مع الحكومة السودانية، وهو دائماً يتخذ قراراته المعادية للسودان بالإجماع لسبب بسيط، هو تحكم اللوبي الإسرائيلي فيه). وتابع “إبراهيم” الموجود في البلاد هذه الأيام قائلاً: (عموماً أمريكا دولة مؤسسات.. والبيت الأبيض يتعامل دائماً مع وزارة الخارجية الأمريكية التي تريد أن تتعامل مع الحكومة السودانية، لاعتقادها أن ذهاب النظام تعقبه الفوضى).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية