جرس انذار

(29) عاماً على الإنقاذ.. ما هو مصير الإسلاميين المخالفين “البشير”؟

بقلم - عادل عبده

القاعدة الذهبية في انقلاب 30 يونيو 1989م، تتجسد في المشاركة الفاعلة للإسلاميين في يوم الاستيلاء على السلطة من حكومة “الصادق المهدي”، حيث ارتدوا الملابس العسكرية وجلسوا على ظهور الدبابات وظهروا على بوابات الكباري واستولوا على ثكنات القيادة العامة وفروع الأسلحة الأخرى، بينما كانت مشاركة العسكريين الإسلاميين والمستقلين في حدود المدى الطبيعي.. كان تمويه الانقلاب معلوماً في الساحة وأجندته موجودة في مخيلة الشارع العام، بينما كان أعضاء مجلس الانقلاب مكوناً من العسكريين الإسلاميين والمستقلين، في حين كانت بوصلة الحكم تقودها القيادة الإسلامية المدنية من وراء الحجب.
مضت الإنقاذ على وتيرة المد والجزر تحارب هنا وهنالك حتى كونت ذراعها السياسي والتنظيمي الذي عرف بالمؤتمر الوطني، ثم جاءت مفاصلة القصر والمنشية وتوالت بعد ذلك مذكرات الإصلاح والاحتجاج الداخلية، ثم لاحت في فضاء الحكم خلافات الأجنحة بين تيار “طه” وتيار “نافع”، حيث ظهر بعد ذلك بعد جديد للصراع ارتبط بانتخابات “البشير” للرئاسة في عامي 2010 و2015م، فيما ازداد إيقاعه الخطير في انتخابات 2020م، التي على الطريق، وقد ساند بعض الإسلاميين الرئيس فيما وقف الآخرون على الضفة الرافضة.. الآن يقال بأن الغلبة للعسكريين في ضفة الصولجان، في حين صار المؤتمر الوطني يحتضن أنواعاً مختلفة من الملل الأيديولوجية والمذهبية والفكرية إلى جانب بصمات الإسلاميين الموجودة.
من الواضح أن القصر غير مرتاح لمواقف الإسلاميين الذين لم يتفاعلوا مع حملة ترشيح “البشير” لانتخابات 2020م، وهؤلاء ينطلقون في موقفهم من لائحة الحزب التي تبيح حرية الرأي والمحاججة، فضلاً عن الاحتكام إلى الدستور والمبررات القانونية، وفي هذا الخضم هنالك من يقول بأن تركيبة المؤتمر الوطني كحزب أيديولوجي الملامح لا يتحمل الانشقاق في ظل الظروف الدولية والمحلية والداخلية، مما يعني إمكانية وجود تحرك حاسم من الرئاسة صوب الرافضين لترشيح “البشير”، ومن هنا يبرز السؤال المركزي في ذكرى مرور (29) عاماً على الإنقاذ.. هل يفكر “البشير” في القضاء على هؤلاء المخالفين له في الماراثون الرئاسي أو تقليص نفوذهم الحزبي، لا شك أن القضية معقدة ومتشابكة ومصحوبة بكلفة عالية من ردود الفعل والإفرازات الغامضة، بل إن الرشاش في هذه الحالة قد يصيب حتى جماعة “طه” التي تتماهى مع الرئيس بوصفهم من الأيديولوجية الإخوانية صاحبة القدح المعلى في الإنقاذ، فضلاً عن ذلك فإن الحكمة السياسية تتأطر في عدم إخراج النسخة الإخوانية الأيديولوجية من ضفة الصولجان، أو تقليل نفوذها بالقدر الذي يجعلها كسيحة في أروقة الحزب.. من الواضح أن الفئة الإخوانية لهم دورهم وبصماتهم والتصاقهم بالمشروع الإنقاذي مهما كانت الفاتورة الباهظة جراء مواقفهم الرافضة لترشيح الرئيس، والأشياء الخطيرة في الحزب تتجلى عندما يذهب هؤلاء منه أو يتقاصر وجودهم في التنظيم، فهم من أصحاب الناقة ويعرفون مفاتيح السلم الموسيقي، وبذلك يصبح التكهن بمصيرهم في صندوق مغلق قد يتكهن البعض بإمكانية دفعهم إلى فضاءات الانحناء قليلاً حتى تمر العاصفة. مهما يكن فإن مرور (29) عاماً على الإنقاذ سيكون ملحمة على نار مكبوتة!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية