الأستاذ “حاتم السر” وزير التجارة الخارجية، المسؤول السياسي عن الحركة التعاونية في حكومة الوفاق الوطني الحالية، الواضح أن الأقدار ألقت على عاتقه مسؤولية ضخمة وامتحاناً عسيراً بهذا التكليف الذي تنوء عن حمله الجبال، فالتعاون الأهزوجة الشعبية الواسعة والصيغة الاجتماعية الدافئة صار على بوابة الفناء والانحسار، تكالبت عليه الرياح العاتية ولم يعد المارد الأشم والنجم الساطع عندما كان في تلك الأيام الخصيبة!!
تحديات وزير التجارة في مجال التعاون تحمل الطابع الوجداني والتاريخي والمعنوي والأخلاقي، فماذا يفعل الوزير “حاتم” حيال ذلك.. انطلاقاً من معرفتي الوثيقة بالأستاذ “حاتم” أستطيع القول بأنه يحمل الخصائص والمزايا التي تؤهله لضرب موطن الخلل والعلل في عروق التعاونيات والعمل على وضع التعاون في بداية الطريق الصحيح لإصلاح مساره حتى يعود إلى عصره الذهبي.. وتبقى الحكمة في الكيفية والمنهج والأدوات التي سوف يلتقط بها قفاز المعالجة المأمولة.
تعالوا نحاول إضاءة المصابيح حول مأساة التعاون وإشكالاته الأساسية.
أولاً: هنالك الإهمال الواضح الذي وجده من جانب الحكومة، فضلاً عن ظهور سياسة التحرير التي قامت على بصمات التعاونيات في المجتمع.
ثانياً: توجد أزمة كبيرة حول تفسير قرار مجلس الوزراء رقم (91) لسنة 2014م، الذي قضى بأيلولة وظائف أمانة التعاون بعد إلغائها إلى إدارة التعاون الوليدة، فالشاهد أن المحامي العام قد أفتى بصورة قانونية بأن وظائف التعاون مكانها سجل إدارة التعاون، غير أن هذه الفتوى الملزمة لجميع الجهات الحكومية، لم تجد التجاوب المطلوب من القائمين على التجارة!!
ثالثاً: قرارات الدمج على أرض الواقع حولت إدارة التعاون إلى جهاز كسيح يعاني من الفوقية والفرمانات، ولم يعد ينظر إلى إدارة التعاون بأنها الجهة الحكومية التعاونية الديوانية القابضة على أمور التعاون، بل صار موظفو هذه الإدارة يشكون من غياب الترقي لسنوات طويلة وإغلاق سجل بداية الخدمة حتى صارت أحوالهم مضرب الأمثال في الحيف والظلم.
مر على التجارة وكلاء كثر كانوا يساعدون التعاون من مكتسبات وزارة التجارة ويتآلفون مع موظفي التعاون في الثراء والضراء رغم أن تبعية التعاون في ذلك الوقت كانت محصورة على الوزير.
رابعاً: هنالك قانون التعاون الذي يحتاج إلى إصلاح الثغرات والمثالب حتى يكون ركيزة أساسية لأي نهضة تعاونية في المستقبل، فضلاً عن ذلك تتأطر الحاجة لتحرك مدروس لوضع الخطط والبرامج لخلق صيغة إسعافية تعاونية بصورة آنية في المجال الإنتاجي والخدمي، وذلك بالتنسيق مع الاتحاد التعاوني القومي والأجسام التعاونية الشعبية الأخرى.
سيدي الوزير.. هذه هي أبرز أزمات التعاون في الحد المطلوب.. فإن إضاعة الفرصة غصة في الحلق كما يقولون.. والآن تعود الكرة لقيام الانطلاقة التعاونية المنتظرة.. فقد ظهرت الإشارات من الطاقم الأعلى في الدولة.. ومن والي الخرطوم وولاة الولايات، فالتعاون سيدي الوزير.. سيكون سندك في بحر التكليف الدستوري.. بل هو فرصتك الذهبية بحكم نكهته المتفردة ولونيته الزاهية ورائحته الطيبة ووجوده في التراب السوداني.
سيدي الوزير “حاتم” كانت هنالك إحتفائية جميلة باليوم العالمي للتعاون بتاريخ 7/7/2018م، جاءت بتحرك مدروس من الأستاذة “فايزة المبارك” مدير التعاون، تحدث فيها إنابة عنك الوزير الأسبق والخبير الأستاذ التعاوني “بشير كرسي”، علاوة على أحاديث شيخ “الدرديري عمر المنصور” رئيس الاتحاد التعاوني القومي والأستاذ “عمر الشيخ بدر” عضو مجلس تنمية الحركة التعاونية.. فالإحتفائية بالكيفية الرائعة التي خرجت بها قد عززت الأمنيات التعاونية العريضة التي ستكون على عاتقك في الفترة القادمة!!