كم تعجبني سيرة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكم تأسرني قولته في الحق، حتى إنه سُمي بالفاروق لتفريقه بين الحق والباطل، ذلك الصحابي الذي سأل رسول الله “صلى الله عليه وسلم” ربه ليعز به الإسلام، حيث قال “صلى الله عليه وسلم”: (اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين) “صدق الرسول الكريم”. فاستجاب المولى عز وجل وعمت العزة والرفعة في الأمة الإسلامية منذ أن أسلم عمر وكان دائماً يقول: (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام إن ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله). وأنا دائماً أُشبه أسرة دارفور بجبال النوبة بمنطقة كُرمتي غرب محلية الدلنج بقوة أفرادها في إتباع الحق كسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، واللواء “عبد الرحمن سلاطين دارفور” أحد أبناء هذه الأسرة المسلمة العريقة، وكانت كُرمتي الأولى التي انطلق منها مولانا الشيخ “محمد الأمين القرشي” وأقام فيها أول خلوة لنشر الدعوة الإسلامية بجبال النوبة في الخمسينيات من القرن الماضي، لهذا قال فيها قصيدة طويلة من تأليفه، ونذكر منها بعض هذه المقاطع:
كُرمتي أهلاً وسهلاً كنت للإسلام أهلاً
أسلم الشيخ الكبير فيك والطفل الصغير
فلهم أجر كبير في جنان عاليات
اللواء شرطة “عبد الرحمن سلاطين” من أبناء هذه المنطقة التي كانت الأولى في قيادة مسيرة الدعوة بجبال النوبة، وقد تربى في أسرة إسلامية حيث رباه والده، ومن بعد وفاته تكفل بتربيته شقيقه المرحوم الفريق شرطة “عوض سلاطين دارفور”، الذي كان أحد نجوم قادة قوات الشرطة في الزمن الجميل، وقد قام بتربية “عبد الرحمن” على الأخذ بالعزيمة في إتباع الحق، وأن يكون حازماً في كل أموره وكلمته واحدة وآراؤه ثابتة وأفكاره واضحة واعتقاداته راسخة، ولا يخشى إلا ربه ولا يخاف أحداً غيره، وهكذا عرفته وأسرته الكريمة، ومنهم مولانا “حسين خرطوم دارفور” من مؤسسي الحركة الإسلامية مع المرحوم الشيخ “الترابي”، بالإضافة إلى اللواء شرطة م. “بخيت عيسى دارفور”، والأستاذ “محمد عبد القادر دارفور” مدير عام تعليم مرحلة الأساس بولاية الخرطوم، مولانا “مبارك عيسى دارفور” قاضي محكمة أبو جبيهة، المهندس “الطاهر سورين دارفور” وشقيقه المهندس “كامل”، وأولاد “موسى دارفور”، الملك “سلام دارفور”، وآخرون.. كلهم من هذه الأسرة الكريمة النابغة، وعندما تم اختيار “عبد الرحمن” مديراً لقوات الشرطة بولاية جنوب كردفان ومقرراً للجنة أمن الولاية في عهد الوالي اللواء أمن د. “عيسى آدم أبكر”، استطاع إحداث طفرة كبيرة في جدار مسيرة السلام، وفتح مسارات التواصل بين النوبة بالداخل مع ذويهم الذين بالطرف الآخر، بعد انقطاع ما يقارب الـ(30) عاماً، وذلك عندما استضاف النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول ركن “بكري حسن صالح” بنادي قوات الشرطة بالدلنج بتاريخ 16/8/2016م، إبان تشريفه لمهرجان السياحة والتسوق بولاية جنوب كردفان بنسخته الأولى، وفي الساحة الشعبية بالدلنج أعلن النائب الأول عن فتح كل مسارات السلام والتواصل بين النوبة بالداخل وذويهم بالطرف الآخر، ودون أي شروط مسبقة ويمنع الذين يأتون بالسلاح، كان ذلك بتوصية من لجنة أمن الولاية برئاسة الوالي السابق اللواء أمن د. “عيسى آدم أبكر” ومن إعداد اللواء “عبد الرحمن سلاطين”، وبذلك فتحت مسارات السلام والتواصل في كل أنحاء الولاية وعمت أجواء السلام كل محلياتها، بالرغم من أنه تم نقله من الولاية وإعفاء الوالي إلا أن المواطنين من أهل الولاية، وخاصةً أهل شطري جبال النوبة يشكرون النائب الأول، ومن بعده والي جنوب كردفان السابق ومدير شرطة الولاية السابق، اللذين حافظا على قرارات رئاسية حول وقف إطلاق النار بالولاية على مدى الثلاث سنوات الماضية، ولم تطلق ولا طلقة واحدة من الطرفين (الحكومة، الحركة الشعبية).
ختاماً.. اللواء “عبد الرحمن سلاطين” يمثل في شخصيته القوية قوة الحق الذي يحتاج إلى قوة تحميه والعدل أيضاً يحتاج إلى قوة لإقامته، وأمتنا بجنوب كردفان وخاصةً بجبال النوبة الأكثر تأثراً بالحرب بحاجة إلى رجال أشداء أقوياء مثل اللواء “سلاطين” لا يخافون في الحق لومة لائم، ليعيدوا أمجادنا وليحيوا عزائمنا، وهذه فرصة لنشير إلى منظمة (مندي الخيرية القومية) برئاسة رجل البر والإحسان “جبر الدار التوم مندر”، وهي المنظمة الوحيدة الوطنية التي لها مساهمات مقدرة في حياتنا بالولاية على أرض الواقع، خاصةً في حياة النازحين حول ولاية الخرطوم وبالولايات الأخرى، التي تقوم بتقديم المساعدات اللازمة في كل مجالات الحياة، وخاصةً في شهر رمضان المبارك وعيد الأضحى المبارك وهي منظمة مشاركة في شبكة المنظمات الوطنية، ولكن للأسف الذين لا يعجبهم النجاح ظلوا يقولون عنه ما لم يقله مالك في الخمر، ولكنه ظل يواصل النجاح بعد النجاح في هذا المجال، ونأمل أن تتاح لنا الفرصة أن نلقي الأضواء على هذه المنظمة الخيرية وباسم الأميرة “مندي بنت السلطان عجبنا”. قال تعالى: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)” القصص(5). اللهم إني قد بلغت .. اللهم فأشهد .. وأنت خير الشاهدين .. والله من وراء القصد.