إن التعديل الوزاري مهما كان كبيراً أو صغيراً، عاماً أو خاصاً فلن يحل المشكلة التي نحن فيها، فنحن في مأزق كبير اسمه الاقتصاد فلو لم يتحسن الاقتصاد فلن تحل مشكلة الحكومة الحالية أو القادمة أو أي حكومة أخرى، فالبلاد بها من الموارد التي تصنع منها نمراً مثل النمور الآسيوية، ولكن المشكلة لم نستطع أن نوظف تلك الموارد لمصلحة الدولة والمواطن، فدولة تظل فيها أزمة وقود لما يقارب الشهر ولم تستطع الحل، فماذا سيفعل “الركابي” أو أي وزير مالية جديد؟ ماذا ستفعل الدولة بتغيير اللواء “عيسى آدم أبكر” أو “عبد الواحد” أو الشرتاي “جعفر عبد الحكم” إذا لم يكن لهؤلاء الولاة نظرة مستقبلية لتلك الولايات الغنية بكل الموارد؟ اذكر في إحدى زياراتنا إلى ولاية النيل الأزرق، مع الدكتور “عوض الجاز”، كان سعر كرتونة المنقة فاضية أغلى منها وهي مليانة، إذ بلغ السعر اثنين جنيه للكرتونة وهي فاضية، وجنيه ونصف وهي مليانة، الآن سعر كيلو المانجو بولاية الخرطوم فاق الستين جنيهاً، أما الخضروات فحدث ولا حرج، نحن لسنا في حاجة إلى هذا التغيير بقدر ما نحن في حاجة إلى أفكار جديدة ورؤى مستقبلية للخروج من المأزق الذي نحن عليه الآن، أزمة الوقود قاربت على الشهر ولا يوجد بصيص أمل للحل، كل السلع الاستهلاكية في تصاعد يومياً ولا أحد تدخل من قبل الدولة لوقف هذا الانفلات في الأسعار، ماذا سيفعل “أحمد هارون” أو “إبراهيم محمود” أو أي وزير قديم أو جديد لحل المشكلة الاقتصادية.. كل الوزراء السابقين أو الحاليين ليست في يدهم عصا سحرية لتحويل الاقتصاد المتهالك إلى اقتصاد ينعم به كل المواطنين، هناك حلقة مفقودة حتى الآن الحكومة لم تتوصل إليها لكي تتمكن من الحل، فإذا لم تتوصل لها فإن الحلقة ستدور في التعديل الوزاري كل ستة أشهر أو عام وفي نفس الأشخاص من الزراعة إلى الطاقة ومن الطاقة إلى المعادن ومن الثروة الحيوانية إلى مجلس الوزراء، وحتى الوزراء أنفسهم نفس الأشخاص الذين يتحركون من وزارة إلى أخرى، ولذلك على الوزراء الجُدد ألا يفرحوا كثيراً بالمنصب فلا دائم في السودان إلا الدائم، فحكومة الوفاق الوطني التي استبشرنا بها خيراً وقلنا إنها ضمت كل ألوان الطيف السياسي حركات مسلحة وأحزاب لا علاقة لها بالمؤتمر الوطني جاءت وفقاً لمخرجات الحوار الوطني، ولكن كانت الأسوأ في تاريخ الحكومات السياسية بالسودان، حتى فترة الديمقراطية الثالثة التي كانت تتشكل الحكومة الائتلافية اليوم وتتغير غداً لم تصل إلى هذه المرحلة التي نحن فيها، فأزمة الوقود الحالية لم تصل في فترة النظام المايوي الذي وصل إلى اسوأ حالاته لم تكن الصفوف بهذه الدرجة، لذا إذا أرادت الحكومة الحل عليها أن تعود إلى ما قبل القرارات التي اتخذتها وبسببها انفلتت الأوضاع ووصلت إلى وصلت إليه الآن، يجب أن تفتح صفحة جديدة مع التجار، الذين حملوا أموالهم وخرجوا بها إلى البلاد العربية أو الأوربية، عليها أن تفتح صفحة جديدة مع تجار العُملة فيمكن أن ينيروا لها الطريق ويكشفوا لها المستخبي، وإلا فإن الحال سيظل كما هو، فالوزراء الجُدد ليس في أيديهم الحل، والدول التي ننتظر منها الحل فلن تقدم لنا يد العون والمساعدة ما لم نتحرك بأنفسننا كما تحركت دول كانت أقل منا شأناً والآن أصبحت من مصاف الدول.. الحل سيد الرئيس بأيدينا، افتحوا الفرص لأبناء الشعب ستجدون الحل.