لماذا يستعجلون على الرئيس التخلي عن السلطة؟!
كثر الحديث عن تخلي الرئيس “عمر البشير” عن السلطة، ولن يترشح للرئاسة في الانتخابات القادمة، وبدأ الحديث عن أقوى المرشحين لرئاسة الجمهورية في حال أصرّ المشير “عمر البشير” على موقفه بعد الترشيح، وكان في مقدمة المرشحين الأستاذ “علي عثمان محمد طه” النائب الأول لرئيس الجمهورية، والبعض الآخر رشح الدكتور “نافع علي نافع”، وآخرون رشحوا الفريق أول “عبد الرحيم محمد حسين” وآخرون رشحوا “بكري حسن صالح”.
لقد بدأ الحديث عن خليفة “البشير” يتردد في كثير من الأوساط، ولكن لا أدري لماذا استعجل الناس ذلك!!، وهل فترة السنتين التي ينتهي فيها عمر الرئاسة وبداية الانتخابات الجديدة آن وقتها حتى تضرب على هذا الوتر ونشغل الدنيا بأن الرئيس
“البشير” لا بد أن يتخلى عن السلطة، ولا يعلم البعض أن الله يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء.. وعندما جاءت الإنقاذ أو حينما كان يفكر الإسلاميون في تولي السلطة لم يكن المشير “عمر البشير” هو المرشح الأول للرئاسة، فقد كانت هناك أسماء طرحت لتولي السلطة، ولكن إرادة الله أرادت أن تؤتي الملك للمشير “عمر البشير”، وربما لم يكن من طلاب السلطة، ولكن المشيئة أرادت أن يكون هو المتربع على عرش السودان من بعد حكم ديمقراطي اعترته الفوضى، ونسجت بعض الأحزاب خيوطها للتغيير، ولكنها كانت أوهن من خيط العنكبوت؛ لذا فإن الحديث عن التغيير والخليفة للحكم سابق لأوانه، وحتى الذين يرشحون الأستاذ “علي عثمان” النائب الأول لما له من ملكات وقدرات هائلة على القيادة، ولكننا نشفق عليه كثيراً، فقد أسود وجه الرجل من الإرهاق والتعب، وربما المرض والسهر والهموم بمشاكل العباد، لو نظر الأستاذ “علي عثمان” إلى وجهه في المرآة كل صباح لطلق هذه السلطة، لقد كان نضر الوجه قبل أن تعتريه الهموم والمشاكل، لا أعتقد أنه يخلد إلى الراحة ساعة أو ساعتين، ولا أظن أنه ينام، وهو خالي البال، ولا أظن أنه يجلس جلسة إمتاع ومؤانسة مع أولاده، ولا أعتقد أنه إذا تناول وجبة طعام تذوق حلاوتها، ولا أظنه إذا شرب شربة ماء قال (الله ما أحلاك) كل شيء يعمله وفي باله الوطن، مشاكل دارفور، مشاكل النيل الأزرق وجنوب كردفان، مشاكل المواطنين من كهرباء وماء، مشاكل النساء اللاتي فقدن أزواجهن، مشاكل الأطفال الذين لا يجدون فرصة للتعليم، كل المشاكل تترى له إذا خلد للراحلة أو النوم؛ ولذلك لا نستعجل عليه تولي السلطة ولا نرهقه من الآن بهمومها ومشاغلها، ولم يكن الأستاذ “علي عثمان” وحده الذي يحمل كل هذا الهم، ولكن الهم مقسم ويحمله معه الرئيس “البشير” منذ عام 1989م، صحيح السلطة لها بريق ومتعة، ولكن مشاكلها أكبر الآن وكذلك في الآخرة، ولا تستثني الرجلين، فكذلك الدكتور “نافع” الذي كان إلى وقت قريب أسود الرأس واللحية الخفيفة، فهموم ومشاكل السلطة جعلته أكبر من أقرانه وزملائه، وكذلك الدكتور “أمين حسن عمر” فقد أبيض رأسه، والشيخ “إبراهيم أحمد عمر” فلو شاهدتم أقرانه لن تصدقوا أن هؤلاء من أبناء دفعته، فلو دخلوا ميدان كرة لظننت أنهم مازالوا في منتصف الثلاثينيات أو بداية الأربعينيات، وإذا نظرنا إلى البروفسور “إبراهيم” لقلنا: من هذا العجوز؟!، وكذلك معظم الذين يحكمون الآن، فقد شاخوا وهم مازالوا في عز الشباب، لذلك فإن الحاكم القادم لن يستطيع أحد أن يحدده، فلو أراد الله أن يبقي “عمر البشير” حاكماً للسودان لدورات أخرى لبقي، ولن يستطيع أحد أن يغير ما يريده الله.. فلكل تلك الأمور غيبيات ولينظر الإنسان إلى حياته منذ أن ولد وحتى الآن والمتغيرات التي طرأت عليه، وحتى المشير “عمر البشير” والشيخ “علي عثمان”.