مراكز البيع المخفض بالساحة الخضراء.. سيناريو معاناة من أجل الحصول على سلع رخيصة
الشراء بالصفوف والوصول بالتعب
سيدة: جينا من الصباح والشمس في رأسنا هسه لو مرضنا عشرة مليون ما تكفينا علاج
الأغلبية يتزاحمون على صفوف السكر وسعر الجوال (800) جنيه
في الأسبوع الماضي دشن والي الخرطوم الفريق أول ركن “عبد الرحيم محمد حسين”، برنامج البيع المخفض بالساحة الخضراء، بمبادرة من الاتحاد الوطني للشباب السوداني، لتخفيف الأعباء المعيشية للمواطن خصوصاً مع قرب دخول شهر رمضان.
في هذه الأسواق المفتوحة توجد جميع المواد الغذائية التي يحتاجها المواطن ورغم أن جولة (المجهر) كشفت عن فارق ليس بكبير في الأسعار ما بين ما هو مطروح في هذه الأسواق العامة، إلا أن المشكلة كانت في طريقة الحصول على هذه السلع وحجم المعاناة التي يتكبدها المواطن البسيط من اجل الحصول على جوال سكر بمبلغ (800) جنيه للجوال الكبير، أو دقيق أو جركانة زيت بسعر اقل من الذي يشتري به، (المجهر) كانت حضوراً في الساحة الخضراء لرصد المعاناة في مقابل الجهد المبذول .
رصد: أروى بابكر
مشاهد من المعاناة
جلست مع بعض النساء اللائي اتين منذ الصباح الباكر للحجز على الصفوف الأولى، حيث يبدأ مشوار الحصول على ما تريد، إحدى النساء كانت المدخل الأول لمعرفة تفاصيل يوم عصيب، قالت السيدة حضرت منذ الساعة السابعة صباحاً وأنا جالسة إلى الآن والساعة كانت وقتها تشير إلى الرابعة مساءً، سجلت اسمي في القائمة وأنا انتظر، كنا عشر نساء والقليل من الرجال، في صف آخر، تخيل لنا أنه من يأتي مبكراً يأخذ ما يريد ويخرج، ولكن وصل عدد الناس إلى أكثر من أربعمائة شخص، وقام الشخص الذي يمسك بقائمة الأسماء بتمزيقها لأن العدد أصبح كبيراً، والآن بتنا في آخر الصف لأننا جلسنا هنا ومنتظرين أن ينده الموظف أسماءنا، وقالت أخرى إنها حضرت إلى فناء الساحة الخضراء منذ الساعة العاشرة صباحاً وأضافت بالقول (طبخت الغداء) منذ الصباح (عشان عارفة الصفوف)، وقالت أخرى حضرنا مبكراً والآن الشمس أصبحت حارقة جدا قائلة (هسه لو مرضنا بسبب الشمس دي عشرة مليون ما تكفينا للعلاج)، وكانت في مكان قريب سيدة خمسينية لا تتحمل حرارة الشمس والرهق حيث يبدو في عينيها، وكانت تجلس تحت ضل (غرفة التوزيع) والمعاناة تبدو في شكلها، وهناك رصدت البعض يتحدث معها عن البلاد والحال التي وصلت إليه من ارتفاع في الأسعار والمواصلات.
فروقات في أسعار وشروط للشراء!!
فروقات معقولة في الأسعار ولكن لماذا لا تفعل الحكومة شيئا إلا وبه معاناة وجهد وفي بعض الأحيان (ذلة) للحصول على المواد المخفضة وهذه هي الأسعار التي يعاني من أجلها المواطن حيث توجد الكثير من أماكن البيع المخفض، ولكن جميعها لا سهل فيه، هكذا كان لسان حال أغلب الذين التقيتهم وهم يسخطون من المعاناة، وكانت الأسعار التي رصدتها (المجهر) على النحو التالي: جوال السكر زنة (10) كيلو بـ(175) جنيهاً، جوال الدقيق زنة (50) كيلو بـ(650) جنيهاً، جوال العدس بـ(800) جنيه، (جركانة الزيت) (145) جنيهاً رطل الشاي (72) جنيهاً.
ورغم كل هذا الوقت الذي ضاع من هؤلاء المواطنين، إلا أنهم كانوا على موعد مع قائمة شروط لشراء السكر تحديداً، من بينها أنك لا يمكن أن تشتري أكثر من جوالي سكر.
صفوف على مد البصر!!
صفوف البيع المخفض بالساحة الخضراء للحصول على المواد رخيصة السعر، كانت هي سيدة الموقف من أجل الحصول على ما تريد من سلعة حتى لو كان صنفاً واحداً، وكان المشهد وجود صف خاص بالنساء وآخر للرجال وهم الذين صفوا أنفسهم، حيث كان صف الرجال الذين يجلسون تحت حرارة الشمس الحارقة طويلا، بشكل يبعث الياس في نفس كل من يشاهده، وعندما رأيت هذا الصف المتزايد، غير المنقطع، حيث لا يوجد ظل يحميهم حر الشمس التي يمكن أن تدخلهم في الكثير من الأمراض، على الأقل كان يمكن أن يكون هنالك خيام تحميهم حر الشمس، والنساء كذلك صف (طويل) لا نهاية له ومتزايد أيضاً، وأثناء وقوفنا في الصف يأتي الناس ويسألون (التوزيع بدا ولا لسه)، كل هذا يهون عن المنتظرين على أمل أن يبدأ التوزيع .
الكل كانوا في حالة هدوء إلى أن جاء لحظة الفرج و(قالوا التوزيع فتح) كان هنا جزء من الحاضرين يجلس تحت ظل الغرف وأماكن البيع التي توجد في الساحة، وآخرون يقفون صفوفاً في الشمس، وعندما فتح التوزيع (جرى) جميع الجالسين صوب غرفة التوزيع (نساء، رجال، بنات، أولاد) التي كاد الواقفون في الصفوف الهجوم عليها، ولولا لطف الله عليهم لمات منهم أشخاص فى هذا (الهجوم) كان منظراً لا يحسدون عليه.
أشكال يائسة:
وعند خروجي من الساحة الخضراء كانت هناك أفواج من الناس تهم بالدخول إليها مسرعي الخطوات تكاد أرجلهم تشتبك من السرعة، وهم يسمعون وأحدهم يتحدث بالهاتف ويوصف لصديقه الذي هو قادم في الطريق المنظر الذي يراه بأم عينيه، سألت أكثر من مرة وأنا انظر للذي يسأل وعينيه يتملكهما اليأس (التوزيع بدا) وهو يحس أنه تأخر عن الزمن المعروف.
(المجهر) رصدت أيضا أنه ليس متاح للذي يقف في الصف للحصول على سلعة مخفضة أن ينال كل ما يريده منها، لأن بعض السلع تستدعي أن يقف في الصف مرة أخرى من أجل الحصول كما هو الحال لسلعة السكر التي يتزاحم عليها الناس سيما وأن الشهر الكريم قد اقترب، ويبدو أن سعر السكر هو الأفضل مقارنة مع بقية السلع حيث لا يتعدى سعر كيلو السكر مبلغ (17.5) جنيهاً مقابل (28) جنيهاً في القطاعي.