كنت أتابع حال البلد على فضائية سودانية 24 والموضوع خصص لأزمة الوقود بالبلاد، وأجرى استطلاعاً واسعاً حتى على مراسلي القناة بولايات السودان المختلفة، إن الأزمة لم تطال الخرطوم وحدها ولكن الولايات كانت ضمن تلك الأزمة والصفوف عادت إليها من جديد، ولما كانت الأزمة عن الوقود (بنزين، جازولين وغاز) كان لابد أن يستمع مقدم البرنامج إلى إفادات السيد وزير الطاقة الدكتور “عبد الرحمن” ولكن السيد الوزير يبدو كان في حالة شد عصبي شديد ومواجه بضغوط شديدة لم يحتملها، فكلما حاول مقدم البرنامج أن يعرف السبب الأساسي في الأزمة كان الوزير يرد عليه نفس السؤال ويسأله من هو المتسبب فيها؟! فمقدم البرنامج كان يقول له أنا بسأل لأن الشعب يريد أن يعرف، وليست من مهمتي أن أعطيك الإجابة، ولكن الوزير ظل في حالة انفعال ليس مبرراً، وكان بالإمكان طالما رفض أن يرد على تساؤلات البرنامج وأن يكون أكثر حكمة وتماسكاً وضبط النفس، ولكنه ربما لم يتعود على الصحافة والفضائيات والحوار المباشر، والزنقات التي اعتاد عليها الدكتور “عوض الجاز” مفجر البترول بالبلاد، فدائماً كان يمتص أسئلة الصحافة ويرد عليها ببرود شديد، خاصة حينما كان يُسأل عن أين ذهبت أموال البترول؟ بل كان يصطحب معه الصحفيين ليروا بأنفسهم ويعكسوا ما شاهدوا للمواطنين، وكان “الجاز” حكيماً في تعامله مع الإعلام، وقد شهد آلاف الأزمات في مجال الوقود، ولكن لم نشاهده قد أنهى الحوار مع الصحفي أو الفضائية بالطريقة التي أنهى بها الدكتور “عبد الرحمن” الحوار المباشر معه بطريقة ليست كريمة في حقه، فهو وزير كبير، ومن تقلد هذا المنصب ينبغي أن يستعد لأي حالة استفزاز أو الرد على الأسئلة المطروحة عليه، فهو الوزير المعني بالأزمة ولابد من تفسير لأسبابها، بدلاً من أن يطرح السؤال على الصحفي أو الفضائية لتخبره بمن هم الذين تسببوا في ذلك؟، فإذا كان وزير المالية لم يُعطه المال الكافي لشراء الوقود، كان ينبغي أن يكون شجاعاً وهو على الهواء مباشرة أن يعلق الأزمة في رقبة وزير المالية، بدلاً من اللف والدوران مع مقدم البرنامج، وفي النهاية ينفعل ويقطع المكالمة الهاتفية، فرجل الدولة أو الشخص الذي وضع في هذا المنصب، يجب أن يتحمل كل شيء لأنه يمثل الحكومة، ومن واجبه أن يجاوب على كل استفسار، إن الفساد الذي طال كل المرافق فإن هذا القطاع لم ينجُ منه، حدثني شخص أثق فيه تماماً وهو مسؤول ويعي ما يقول قال كان في حاجة إلى مواد بترولية لتنفيذ بعض المهام التي يقوم بها فبحث عن الجازولين ولم يتمكن من الحصول عليه، ونحن في هذه الأزمة نحتاج إلى تدخل أحد الفاسدين وهو يعرف ماذا يفعل، فقال له سوف أمنحك ما تريد، فقال له كيف والتانكر لا بد أن يفرغ كميته بالمحطة من الوقود، ولن يستطيع أن يحمل تلك الكميات ليفرغها له في محل عمله، قال له بسيطة فإن التانكر سيدخل الطلمبة بالكمية، وسيقوم العامل بإنزال خرطوم الوقود في الخزان المطلوب تفريغ الوقود فيه، ولكن لن يشغل المحرك ويتظاهر بأن التانكر يقوم بالتفريغ، وينتظر المدة التي يستغرقها التانكر في التفريغ، ومن ثم يمنح مع من اتفق معه على ذلك، ومن ثم يخرج التانكر ويذهب لتفريغ الجازولين أو البنزين للشخص المعني ويستلم حقه، ويمنح المتلاعبين معه حقهم، لذا فإن الأزمة بأيدي الأشخاص الذين في يدهم تلك التناكر، وعلى الجهات المعنية أن تقوم بمراقبتهم وضبطهم، لأن الفساد أصبح في كل مكان.