الأسواق تشتعل!!
ها هو شهر الصيام قد انقضى ونسأل الله أن يتقبل من الجميع الصيام والقيام وأن يعتق رقابنا من النار، فمن صام وقام فأجره على الله وقد فاز بنعمة الصوم، ولكن في مثل هذه المناسبات العظيمة يتخذها بعض التجار فرصة من أجل الثراء الفاحش وغير المبرر، فنذكر قبل أن يدخل الشهر بيوم أو يومين ارتفعت كل السلع، فالسلع التي كان ينادي بها التجار جهاراً نهاراً وبأسعار يطلبون المواطنين الإقبال عليهم لقلة أسعارها، ولكن ما أن هل الشهر فإذا بالأسعار التي كانت في متناول اليد تصبح من المعجزات، فليس بمقدور أصحاب الدخول المتوسطة أو الضعيفة الاقتراب منها، وكنت أتعجب كيف ترتفع سلعة بين يوم وليلة إلى الضعف.
فمثلاً كان التجار ينادون بأن دستة البرتقال بثمانية وسبعة جنيهات، وفي اليوم الأول من شهر رمضان ارتفع سعرها إلى خمسة عشر جنيها، وبالأمس وصل السعر إلى عشرين جنيهاً.. أما الطماطم وهو خضار لم يزرع في استراليا أو الصين، فالأرض سودانية والماء سوداني فكيف يصل كيلو الطماطم إلى ثلاثين جنيهاً بينما كان السعر قبل شهر رمضان خمسة، وعندما ارتفع السعر وصل إلى ثمانية جنيهات.. أما العجور وهو الخضار الأكثر استهلاكاً في شهر رمضان فقد ارتفع سعر القطعة إلى ستة جنيهات وكأنما استورد كما يستورد العنب والتفاح والكمثرى وكل أنواع الفواكه التي لا تزرع في السودان.
أتعجب كثيراً لجشع أولئك التجار الذين يتحكمون في الأسواق ولغة الإشارة والموبايلات هي المستخدمة بينهم فالسلعة سعرها في أم درمان هو نفس السعر في سوق خليفة أو في السوق العربي، فتتعجب لتطابق الأسعار رغم أن المسافات متباعدة وحتى الصنف أحياناً يكون من مزارع قريبة ولا يكلف أموالاً طائلة في الترحيل.
على كل فها هو الشهر قد انتهى ولكن تحولت الأسعار وارتفاعها إلى منطقة أخرى أو سوق آخر وهو سوق الملبوسات، فمن يدخل الأسواق هذه الأيام يتعجب للارتفاع الجنوني في كل الملبوسات ليس الأطفال أو الرجال ولكن كل من يريد أن يرتدي حلة جديدة بمناسبة العيد، قد يصعب عليه الشراء نظراً لتلك الزيادات غير المبررة فمعظم البضائع مكدسة بالمخازن ولم تتأثر بالدولار إلا إذا كان الأصل في الارتفاع هذا الدولار الذي ظل في حالة ارتفاع جنوني.. فالتجار هم الذين يتحكمون في السوق.. كل السوق ملبوسات أو أحذية أو ملابس نسائية أو رجالية، والمواطن الغلبان يتحكم فيه هذا الجشع وكل تاجر كبير أو صغير يريد أن يصبح بين يوم وليلة من الأثرياء له عمارة متعددة الطوابق، وعدد من السيارات وأكثر من زوجة وهلمجرا… بينما تجار العالم ينظرون إلى الربح القليل مع تصريف لعدد كبير من البضائع، وهنا عندنا العكس زيادة في الأسعار وتكدس في البضائع.
نسأل الله في هذا الشهر العظيم ومع مدخل عيد الفطر المبارك نسأل الله أن يعيده علينا وعلى هؤلاء التجار بالخير والبركات وأن يراجع هؤلاء أنفسهم رحمة في عباده.