المشهد السياسي

“الترابي” في ذكرى رحيله الثانية

موسى يعقوب

لم يقصر الكثيرون من رجال إعلام وسياسة وأبناء طريقة إسلامية وشرعية في إعطاء الشيخ “حسن الترابي” حقه وكان كثيراً.. الشيء الذي حدث عند ساعة الرحيل قبل عام وهو يوارى الثرى في مقابر بري بالقرب من داره وقد سبقه إلى هناك وتبعه كثيرون من أحبابه.. منهم “التجاني أبو جديري” و”عبد الله حسن أحمد” وغيرهما.
و”الترابي” كما قلنا عنه كتابة يومئذ.. شخصية إسلامية وطنية فذة عليه الرحمة وتقبل الله منه، وليس هذا من باب الانتماء وإنما شهادة لله قلناها ونقولها وعرفناها عبر معاصرة ومعاشرة طويلة بدأت بظهوره على الساحة السياسية والإسلامية بعد ثورة أكتوبر 1962م، وقد كان في قمة من فجروها ولم ينقطع أداؤه الدعوي والسياسي والفكري داخلياً وخارجياً، حتى ساعة رحيله وما يقال في ذلك الخصوص كثير ومعروف.
حركته الإسلامية (الإخوان المسلمون) خرج بها من حركة نخبوية إلى حركة سياسية منفتحة على غيرها من الحركات ذات البعد العقدي الإسلامي كأنصار السنة والطرق الصوفية وغيرها.. وذلك عبر جبهة الميثاق الإسلامي حزب الحركة الإسلامية السياسي الأول وبعد الانتفاضة في رجب – أبريل 1985م، كانت الجبهة الإسلامية القومية التي انتمى إليها غير المسلمين شأن المؤتمر الوطني في عهد الإنقاذ الوطني وإلى اليوم.
وعبر الجبهة الإسلامية القومية أيضاً بعد انتفاضة رجب – أبريل كان الانفتاح خارجياً على حزب البعث العربي الاشتراكي في جمهورية العراق برئاسة الرئيس الراحل “صدام حسين”، وعلى الحزب الشيوعي الصين وجمهوريته الصين بشكل عام، وقد تجلى ذلك وظهر في أول مؤتمر عام للجبهة الإسلامية القومية بعد الانتفاضة، والعلاقة مع جمهورية الصين كان لها امتدادها بعد ثورة الإنقاذ الوطني، حيث بدأ إنتاج النفط وغيره.. وذلك كله تطور لا بد أن يذكر ويحمد للدكتور “الترابي” عليه الرحمة.
غير ذلك في الممارسة السياسية لا بد أن نذكر أن الراحل الشيخ “الترابي” – عليه الرحمة، لم يكن يتأثر في علاقاته مع الآخر السياسي بعلاقات أسرية كحزب الأمة القومي وزعيمه السيد “الصادق المهدي” الذي السيدة “وصال المهدي” (الزوجة) شقيقته.. ولا مع الأسرة الختمية التي كان آل “الترابي” ينتمون إليها طائفياً وسياسياً، فـ”الترابي” كان رجلاً مستقلاً في فكره وحراكه السياسي والعقدي.
وزاد على ذلك أنه لم يتمتع بخصوصيات كان يتمتع بها زعماء الحزبين الكبيرين وغيرهما، فهو داره مفتوحة على مدى الأربع وعشرين ساعة تقريباً.. ومنذ أن تفرغ للسياسة بعد ثورة أكتوبر 1964م، لم يكن يعرف الكسب المادي أو استغلال خبرته القانونية لعائد مادي، فهو كما نعلم لم يكن يعرف المال وإنما كان جهده كله موجهاً إلى عمله وحراكه الإسلامي والسياسي.
إنه شخصية لها ما تمتاز به عن غيره عليه الرحمة، وذلك بتقديرنا ما كان ينبغي أن يذكر ويتعلم منه الآخرون، إضافة للاعتداد بالرأي والفكر الذي كان يطرحه في كل مكان وفي الداخل والخارج وتذكر هنا رحلته إلى الولايات المتحدة وكندا التي خاطب فيها منظمات ومؤسسات الرأي هناك، ثم حدث له في كندا ما حدث.
ألا رحم الله الشيخ “الترابي” فقد كان فقداً جللاً ورمزاً يشار إليه، وذلك ما ذكرناه عند رحيله وشملته الطبعة المضافة لكتاب (الراحلون) التي ستطرح قريباً بإذن الله.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية