ولنا رأي

هل نحن شعب جبان؟

جرت العادة عند أهل السودان أن الحسم والشدة والقوة لها تأثير لدى البشر أكثر من التسامح والطيبة، فالمسؤول الصارم والقوي يُهاب أكثر من المسؤول المتسامح وليس الضعيف، لأن التسامح صفة قد لا تتوفر لدى الكثير من الإداريين، ولكن هذا الشخص الصارم يجد الاحترام والمهابة أكثر، وكما يقال إن هؤلاء يكسرون الثلج مهابة ومخافة منه، فهذه المقدمة التي سقتها بسبب الحالة التي كان عليها السوق السوداني وانفلاته وتصاعد أسعاره كما تصاعد الدولار وكاد يبلغ الرقم الذي حدده وزير المالية الأسبق “عبد الرحيم حمدي” الأيام الماضية، ولكن نفس السوق الذي لم يصدر قنطار فضة أو ذهب أو قطن تراجع الدولار من الأربعينيات إلى خانة الثلاثينيات، والسبب هذا الحزم والحسم الذي اتخذته الحكومة في ظل الانفلات السابق، فالتجار خاصة تجار العملة الذين بلغوا بنا ما بلغوا من الدولار، إذا بهم يتوارون في أماكن يعلمونها وحدهم، فقد اتخذت الدولة حزمة من الإجراءات كانت كفيلة بأن يغيب هؤلاء من المسرح تماماً، ثم جاء تعيين الفريق “صلاح عبد الله محمد صالح” الملقب بـ”صلاح قوش”، مديراً لجهاز الأمن والمخابرات مرة أخرى، إذا بتجار العملة يختفون من السوق تماماً، والسبب أن “صلاح” يعرف خبايا أولئك، ولذلك عاد السوق إلى وضعه الطبيعي بعد أن كان كبار وصغار تجار العملة يلوحون بها جهاراً نهاراً ولا يسألهم أحد، ماذا يريدون أن يفعلوا بالاقتصاد السوداني، فبدأت العين الحمراء كما يقول أهلنا الكبار، لمثل أولئك المتفلتين، الآن وما يقارب الأسبوع تقريباً لا أحد يعلم كم سعر الدولار بعد أن كان في رأس كل ساعة يتغير السعر تصاعدياً. نحن شعب تخيفنا الإجراءات أكثر من مخافة الله، فالتجار الآن يغالون في الأسعار بدون ضمير أو وازع ديني، فالأسعار تتصاعد يومياً والتاجر لم يستورد علبة صلصة، ولكنه يضع عشرات الجنيهات زيادة في السعر، والسبب أن الدولار هو الذي أدى إلى تلك الزيادة، طيب الآن الدولار انخفض أكثر من ثلاثين أو أربعين في المائة، لماذا لا تريدون أن تخفضوا أسعاركم التي قمتم بتعديلها بمفردكم؟.. فالعيب الآن ليس في الحكومة ولكن العيب فينا كبشر، الكل يريد أن يأكل أخاه، فالحكومة زادت قطعة الخبز نصف جنيه، فما السبب الذي جعل صاحب الركشة يرفع المشوار من خمسة جنيهات إلى عشر أو عشرين، وما الذي جعل الجزار يرفع سعر كيلو اللحم إلى أكثر من مائة جنيه، وحتى أصحاب المركبات زادوا التعرفة مائة المائة والعجبو عجبو والما عجبو يمشي كداري، هذه هي اللغة السائدة الآن في كل شيء، صاحب البقالة يقول لك نفس اللغة عايز تشتري اشترِ ما عجبك أقع البحر.. لذلك لا نعيب الحكومة في تلك الأسعار، لأنها لم تقل لأولئك التجار ارفعوا أسعاركم إلى عنان السماء، ولا قالت لهم هذه هي الأسعار التي حددتها لكم، فمعظم التجار يغشون المواطنين ويرمون اللوم على الحكومة، نحن شعب لا نأتي إلا بالضغط، فالحكومة الآن لو قالت أي تاجر يبيع بأكثر من الأسعار المقررة سوف تسحب رخصته، ستجدهم جميعاً ملتزمين بتلك القرارات وإلا لماذا انخفض الدولار رغم أن البلد ما صدرت أي شيء، إذن المسألة خوف ومهابة ليس إلا.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية