قوش والميل أربعين!!
مازال الفريق صلاح عبد الله ( قوش) المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات العائد إلى موقعه بعد فترة من الزمن، ما زالت أخباره تتصدر الصحف ولا تخلو صحيفة من خبر أو تقرير أو تحليل أو عمود إلا وتناولته، وعلى الرغم من عدم معرفتي به أو الالتقاء به طوال الفترة الماضية، ورغم استدعاءنا من قبل منسوبيه فى قضايا متعلقة بالنشر عدة مرات، ولكن شخصية الفريق أول صلاح قوش تعتبر شخصية غير عادية، وإلا لما وجدت هذا الاهتمام الكبير، فى حديث مع الأخ والصديق الباشمهندس محمد حسن باهي وزير الدولة للطيران السابق، ومدير مطابع العملة الأسبق ومدير الصناعات الحربية الأسبق، جاء الحديث عن شخصية الفريق صلاح فقال لى صلاح أحد أبنائه الذين عملوا معه فى التصنيع الحربي، وكانوا بعد أن اكتمل العمل فى التصنيع الحربي يبحثون عن شخص يتولى إدارة اليرموك، وكان من بين الذين رشحوا للمنصب صلاح قوش والباشمهندس عثمان ميرغني، وقال لي لقد أجريت المعاينة للاثنين ولكن فضلت قوش، سألته عن السبب؟ فقال لي صلاح كان شخصية ويتمتع بالذكاء، وكان ذا علاقة قوية بالعاملين، ويعمل على قضاء احتياجاتهم، ظل الباشمهندس الباهى يسرد لى تفاصيل كثيرة عن شخصية صلاح، فذكر لي أن جوبا قبل الانفصال كانت محاصرة، وتطلب الأمر الفريق بكري وقتها صلاح أن يذهب معه إليها، وعندما وصلوا كان الوضع سيئاً، وكادت جوبا أن تسقط فى يد المتمردين، ووقتها كنا قد انتهينا من تصنيع سلاح الآر بي جي وكنا نود أن نختبره فأرسل لي صلاح رسالة يطلب مدهم بالعون من السلاح، فقال قلت له السلاح لم نجربه ونحن فى طريقنا لاختباره، فرد على بأن نسرع به لتجريبه هناك، وبالفعل أرسلنا السلاح، وكان سبب الانتصار فى الميل أربعين ومنذ ذاك الوقت لم تستطيع دبابة أن تقف فى وجه الجيش السوداني وقصة أخرى رواها الباشمهندس الباهي عن شخصية الفريق قوش، فقال كانت هناك معركة بين الجيش السوداني والمتمردين فى عدارييل، وكان المتمردون على بعد ثمانية عشر ميلاً من الجيش السوداني، فقام الفريق صلاح بالتسلل إلى موقع العدو ليلاً، لأن هناك مشكلة متعلقة بالسلاح أيضاً وكان الجيش فى انتظار المدد من الدمازين، وبالفعل نجح الفريق صلاح والأخ عبد الحليم الترابي من زعزعة العدو إلى أن وصل الإمداد من الدمازين ونجح الجيش فى تحقيق انتصار كبير على العدو فى عدارييل، وانسحب المتمردون وكان للفريق صلاح ولشجاعته الفضل في تحيق هذا الانتصار، إن ما ذكره الباشمهندس محمد حسن باهي عن شخصية الفريق صلاح قوش تؤكد على قوة شخصيته واقتحامه للمعارك، رغم صمته الشديد وانزوائه عن عدسات الإعلام، أو أقلام الصحفيين، فطوال فترته بالجهاز لا أحد يستطيع أن يقول خاصة الأجهزة الإعلامية أن يقول قد التقاه أو أجرى معه حواراً إلا خلال فترة بسيطة مع الراحل حسن البطري، إن شخصية قوش لا تقل عن شخصية الفريق محمد عطا المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات السابق، فهو من الشخصيات الصامته، وأذكر أن أول لقاء لي معه كان قبل المفاصلة بعام أو بعدها، وكان وقتها بمستشارية السلام، أجريت معه حواراً لا أتذكر شخص بعدى التقاه إلا قبل سنتين مع الأستاذة لينا يعقوب في أديس أبابا.. أي ما يقارب العشرين عاماً لا أحد استطاع أن يقترب منه، فهو يمتاز بالبساطة والهدوء والميل إلى الصمت، فقد رافقناه مع السيد الرئيس فى ديسمبر الماضى إلى دولة تشاد، فكان هو الفريق محمد عطا رجل المخابرات الصامت، فكلا الفريقين مكسب للسودان ولأجهزته المختلفة رغم مغادرة أحدهم وعودة الآخر.